الباخرة التركية تقضي على معمل الجية.. مجاناً

خضر حسان

الأربعاء 2018/07/11
لا يكترث مهندسو خطة استقدام بواخر الطاقة، بالبنى التحتية التي ستعتمد عليها تلك البواخر في تقديم خدماتها. فالباخرة التركية التي ستعطي لبنان 200 ميغاوات "مجاناً"، لم تحدد وجهة رسوّها بشكل نهائي بعد، وإن كانت الوجهة أمراً يسهل تحديده. يبقى أن قطاع نقل وتوزيع الإنتاج الكهربائي الذي ستحمّله الباخرة إنتاجها، غير قادر على استيعاب زيادة الضغط عليه دون إصلاح أو تعديل. ما يعني أن زيادة التغذية التي وعد بها وزير الطاقة سيزار أبي خليل، وفريق عمله، لن تصل إلى المواطنين بالشكل المطلوب.

اللافت في أمر الباخرة هو غموض القدرة الإنتاجية التي يريدها لبنان منها. فاتفاق القوى السياسية داخل الحكومة يقضي بأن تقدّم الباخرة 200 ميغاوات بالحد الأدنى، أي أن هناك امكانية لزيادة هذه القدرة مستقبلاً. الأمر الذي سيزيد من سلبية التأثير على المعامل التي تستقبلها، فإما أن تتعطّل جراء الضغط، وإما أن تتوقف في حال الاعتماد على البواخر فحسب. وهو أمر مرجّح لأن الاستماتة لاستقدام البواخر دون تجهيز الأرضية الملائمة لها، يشي بأن الغاية الأهم بالنسبة إلى المستفيدين هي احضار البواخر فقط، وباقي الأمور الإجرائية لن تكون سوى تفاصيل يسهل التغاضي عنها. تماماً كما هي الحال مع مشروع شركات مقدمي الخدمات، إذ رغم فشل ادائها، يستمر المستفيدون بالتجديد للمشروع على حساب المال العام ومؤسسة الكهرباء وموظفيها ومياوميها.

وما يدعم وجود غاية غير تأمين الكهرباء للمواطنين، هو عدم تحضير أصحاب مشروع البواخر، "الساتر الحجري الذي عليه أن يحمي الباخرة، والذي يسمى السنسول. كما لم يجهّزوا معمل الجية، المرشح الأبرز لاستقبالها، مع أن التجهيزات قد لا تنتهي في أقل من شهرين، فيما يُحتمل وصول الباخرة بعد نحو أسبوعين"، على حد تعبير مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان.

بعيداً من تفاصيل الشبهة حول حقيقة مجانية الباخرة، فإن الكابلات والمحولات التي ستنقل الكهرباء من الباخرة إلى أعمدة الشوارع، ومنها إلى المواطنين، "تحتاج إلى صيانة وتعديل لتتمكن من استيعاب كميات الطاقة الإضافية". وهذه الحالة "تعاني منها محطات التوليد والتغذية على طول الشاطئ اللبناني، وخصوصاً في الجية والزهراني"، وفق المصادر. عليه، سواء رست الباخرة في الجية أو في الزهراني، فإن "على مؤسسة الكهرباء أن تختار مصدر الطاقة التي ستوزّعها على المواطنين، فهل تكون من المعامل، وتخفّض بذلك كمية الطاقة المولدة من الباخرة، أو من الباخرة وتخفض بذلك الكمية المنتجة من المعامل؟ في الحالين، هناك هدر في الوقت وفي الطاقة وفي المال العام، وتحديداً في ما يخص تشغيل الباخرة. فإذا كانت خطوط النقل الحالية غير قادرة على تحمّل كامل قدرة إنتاج المعامل، فكيف لها أن تتحمل طاقة إضافية منتجة من الباخرة؟".

وعلى سبيل المثال، "يدور في معمل الجية 4 مجموعات لإنتاج الكهرباء، تعمل في الأصل بربع قوتها الأساسية، وتعطي نحو 250 ميغاوات. رغم ذلك، لا تتحمل خطوط النقل كل الكمية المنتجة من هذه المجموعات الضعيفة، فيضطر العمال إلى تشغيل بعض المجموعات وإيقاف الأخرى. إذاً، ما ستعطيه الباخرة لن يمر عبر خطوط النقل. وبذلك، على أحد طرفي الإنتاج التوقف عن العمل لمصلحة الآخر. إما المعمل، وإما الباخرة. فهل توقف الدولة معملاً يُنتج حالياً قدرة إنتاج الباخرة تقريباً، بكلفة سعر المحروقات فقط، لمصلحة تشغيل باخرة تكلفها قيمة إضافية؟".

تجدر الإشارة إلى أنه "كان مقترحاً رسو الباخرة في معمل الزهراني أو في معمل الذوق، لكن القوى السياسية النافذة في الزهراني والذوق رفضت استقبال الباخرة، ليبقى معمل الجية المنفذ الوحيد أمام العونيين في وزارة الطاقة، ليكون منصة تستقبل باخرتهم غير المجانية في حقيقتها".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024