البروفيسور جاسم عجاقة
ويأتي في المرتبة الأخيرة بند "النفقات الإستثمارية" مع 888 مليار ليرة مقارنة بـ 514 مليار ليرة في العام 2008 ليحتل بذلك الإنفاق الجاري أكثر من 95% من مجمل الإنفاق العام.
لكن الأصعب في الأمر هو أن إجمالي الإيرادات يكفي لتغطية بندي "خدمة الدين العام" و"الأجور والتعويضات والتقاعد" فقط. والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى إزدياد هذين البندين إضافة إلى تراجع إيرادات الدولة نتيجة الوضع الإقتصادي (الضرائب على النشاط الاقتصادي بالدرجة الأولى) ونتيجة دخول إتفاقية التبادل التجاري مع أوروبا حيز التنفيذ في آذار 2015 والذي حرم خزينة الدولة من قسم كبير كما نلحظه على الرسم.
هذا الواقع كارثي، وإذا كانت الحكومة على لسان بعض الوزراء لم تلحظ هذا الأمر، فالمشكلة أكبر، لأن الإستمرار على هذا النحو يُوصلنا إلى الإفلاس. ومن لا يعلم معنى الإفلاس، يكفي أن يراقب ما يحصل في اليونان أو الأرجنتين ليفهم ما سيُعانيه الشعب اللبناني، إذا ما وصل إلى هذه المرحلة.
وبالتالي، يتوجب على الحكومة اللبنانية أن تعمد إلى عدد من الخطوات الأساسية التي من خلالها قد نتمكن من إعادة السيطرة على المالية العامة:
أولاً: إقرار مشروع الموازنة على حاله كما تقدم به وزير المال رغم التحفظات التي تطال المشروع. فوجود موازنة أفضل بألف مرّة من عدم وجودها، خصوصاً أن الإنفاق على أساس فتح الإعتمادات كما هو معمول زاد الدين العام إلى الضعف في فترة عشرة أعوام.
ثانياً: البدء بإصدار قطع حساب عن كل سنة ماضية في مواعيدها الدستورية لمعرفة مكامن الهدر والفساد. ما يعني أن على ديوان المُحاسبة أن يكون أكثر فعالية ويُظهر الحقائق أمام الرأي العام اللبناني.
ثالثاً: بدء العمل على خطة تسمح بتحفيز النمو الإقتصادي الذي وحد قادر على إمتصاص العجز. وبغياب هذا النمو ستضل خدمة الدين العام تتزايد إلى مراحل يصعب من بعدها العيش بسلام اجتماعي. ولمن يظن أن الغاز المنوى إستخراجه سيكون الحلّ لمُشكلة المالية العامة نقول أن إطفاء الدين العام بمداخيل النفط يعني بكل بساطة "حرق الغاز مقابل الشواطئ اللبنانية".