أزمة الدولار: قطاعات ترضى وأخرى تستنفر

خضر حسان

الإثنين 2019/10/07
لعبة كرّ وفرّ تلعبها السلطة السياسية مع أصحاب القطاع النفطي. يهدد أهل القطاع بالإضراب، وبالتالي شل البلد عبر التوقف عن تزويد المحطات بالمحروقات وامتناع المحطات عن بيع الوقود، في المقابل، تنصاع السلطة فتعطي بعض الحلول لترطيب الأجواء. لكن الحلول محصورة بقطاع واحد، ما يستفز باقي القطاعات التي تلوّح بأن بقاء المشكلة على ما هي عليه، سيعني انطلاق التحركات وخطوات اعتراضية متعددة.

قطاع محظوظ
كان من المفترض بالقطاع النفطي تنفيذ إضراب يوم الإثنين 7 تشرين الأول، احتجاجاً على "الوعود الكثيرة التي أعطيت للقطاع بحلول توشك على الظهور قريباً"، وذلك بفعل أزمة شح الدولار وعدم التزام المستوردين بقبض ثمن المحروقات من الموزعين وأصحاب المحطات بالليرة اللبنانية، تنفيذاً لتعميم مصرف لبنان. 

الإضراب الموعود أُلغي يوم الأحد بعد "تعهد رئيس الحكومة سعد الحريري بأن المصارف سوف تصرف - للشركات المستوردة - بالتنسيق مع مصرف لبنان يومياً، ايداعات الليرات اللبنانية إلى الدولار الأميركي بسعر القطع الرسمي". وبفعل التعهد، ستبدأ الشركات تسليم النفط والغاز إلى زبائنها ويتم الدفع بالليرة اللبنانية".

بالتوازي مع رضى الشركات، أعلن رئيس نقابة أصحاب الصهاريج إبراهيم سرعيني أن "يوم الإثنين هو يوم عمل عادي في قطاع المحروقات". فيما أكد أصحاب محطات بيع المحروقات عبر رئيس النقابة سامي البراكس، أن "الشركات المستوردة ستستمر بإصدار الفواتير بالدولار ولكنها ستقبض ثمنها بالليرة، وهنا لا بد من أن نوضح بأن قبولنا بهذا الحل يشترط احترام جعالة أصحاب المحطات الواردة في جدول تركيب الأسعار عند تحويل سعر المبيع المحدد في هذا الجدول من الليرة إلى الدولار لإصدار الفواتير، أي أن يكون سعر الصرف هو عينه الذي تعتمده الشركات عند قبضها ثمن البضاعة بالليرة عوض الدولار".

التجار يمتعضون
ما إن التمس اللبنانيون، أفراداً وقطاعات اقتصادية، وجود أزمة الدولار، واعتراف السلطة السياسية بها، وتأكيدها بشكل غير مباشر من قبل مصرف لبنان، حتى بدأ ترقّب القطاعات الاقتصادية ما هو أسوأ، مع يقين بعضهم أن هذه الأزمة لن تنتهي، وإن أخذت أشكالاً أخرى أقل حدّة، الأمر الذي دفع القطاع التجاري والصناعي إلى انتظار مبادرة السلطة السياسية ومصرف لبنان، لحل الأزمة، وهو ما لم يحصل. فما كان من القطاع التجاري أن قرر يوم الأحد 6 تشرين الأول، إعلان "التوقف عن العمل يوم الخميس 10 تشرين الأول، لمدة ساعة واحدة بين الحادية عشر والثانية عشر ظهراً، كخطوة تحذيرية أولى، يتبعها خطوات تصعيدية، لمنع إنهيار القطاع الخاص ودفاعا عن الاعمال المهددة بالإفلاس"، وفق ما أكده مجلس إدارة "الندوة الإقتصادية اللبنانية".

الخطوة التحذيرية ستكون فاتحة لسلسلة من الإضرابات والاعتصامات التي حذرت الهيئات الاقتصادية، في وقت سابق، من وقوعها. فالهيئات استشرفت اتجاه الأزمة باكراً، فأقطابها متضررون من أزمة الدولار مع أن أغلبهم مناصر لسياسات أهل السلطة، السياسات التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اقتصادياً. واستطراداً، يُسجّل ذلك ضد الهيئات، لأنها دائماً ما تحث أهل السلطة على اتخاذ قرارات لصالح كبار التجار على حساب موظفي القطاع العام والطبقات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة. واليوم تحذر الهيئات من الأزمة التي تسببت بها السلطة التي تؤيدها. ولعل ما يحصل هو دوامة غريبة تُظهر حجم التعقيدات في السلطة السياسية - الاقتصادية.

إلى ذلك، فإن امتعاض القطاع التجاري من تهدئة انفعال القطاع النفطي من دون الالتفات إلى القطاع التجاري، هو مؤشر سلبي يدل على تداعيات مستقبلية سلبية لأزمة الدولار. وبما أن السلطة السياسية والمصرف المركزي لا يتحركان لإيجاد مخرج مناسب، فالآتي أعظم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024