هل يطيح "توطين السوريين" بالمادة 50 من الموازنة؟

عزة الحاج حسن

الخميس 2018/04/12

يتصاعد الجدل في شأن المادة 50 من قانون موازنة العام 2018 التي تمنح أي أجنبي (عربي أو غيره) إقامة دائمة في لبنان عند تملّكه شقة سكنية. وفي حين قرأ البعض إقرار المادة 50 اقتصادياً باعتبارها تسهم في تنشيط القطاع العقاري، قرأها البعض الآخر بعين سياسية باعتبارها ربما تشكل مدخلاً إلى توطين السوريين والفلسطينيين في لبنان.

ولأن التوطين في لبنان يشكّل هاجساً في لبنان أبى المعترضون على إقرار المادة 50 الاعتراف بأنها قد تعمل على تشجيع الاستثمارات الأجنبية وتحفّز القطاع العقاري الذي يعاني ركوداً منذ سنوات، واعتبروا ذلك تبريراً لتمريرها.

وكان بين أبرز المعترضين على إقرار المادة حزب الكتائب اللبنانية، الذي يتجه إلى الاعتراض بشتى الوسائل على المادة 50، حتى وإن اضطر إلى الطعن بها رسميا. ووفق المستشارة القانونية لرئيس حزب الكتائب المحامية لارا سعادة فإن المادة 50 مرفوضة كلياً لجهة ربطها بين تملك الأجانب والإقامة الدائمة. وإذ تشير سعادة في حديث لـ"المدن" إلى ضرورة ترقّب ما سيطرأ على المادة من تعديلات في الهيئة العامة لمجلس النواب، تدعو رئيس الجمهورية ميشال عون إلى ردّها وعدم التوقيع عليها، "وإلا فالكتائب تتجه إلى الاستمرار بالاعتراض على المادة التي تسهل وتمهد لتوطين اللاجئين السوريين بشتى الوسائل المتاحة".

أما مؤيدو المادة 50 وغالبيتهم من خبراء الاقتصاد فيرون فيها بعض الأمل لتحفيز المستثمرين الأجانب للدخول إلى لبنان متجاهلين الحديث عن ربط المادة 50 بتسهيل التوطين، ومن بين خبراء الاقتصاد المؤيدين لإقرار المادة 50 وليد أبو سليمان الذي ذكّر في حديث إلى "المدن" بأن المادة المذكورة تمنح من يشتري منزلاً في لبنان الإقامة وليس الجنسية، واضعاً الحديث عن مخاوف التوطين في خانة المزايدات السياسية، لاسيما أن العديد من دول العالم لجأت إلى الطريقة ذاتها في تشجيع المستثمرين، ومن بينها قبرص التي جذبت مليارات الدولارات خلال السنوات الخمس الماضية.

المادة 50 من موازنة 2018 تمنح كل عربي أو أجنبي يتملك وحدة سكنية بدءاً من 500 ألف دولار في بيروت و330 ألف دولار خارجها، الحق بإقامة دائمة له ولزوجته وأولاده القاصرين في لبنان. وتربط استمرار الإقامة باستمرار الملكية وسقوط الإقامة بسقوط الملكية.

انطلاقاً من شروط منح الإقامة الدائمة لا بد من استبعاد ربط المادة بالتسهيل أو التمهيد للتوطين، لاسيما أن اللاجئين الفلسطينيين يُمنع عليهم التملك في لبنان بموجب قانون سابق. أما بالنسبة إلى اللاجئين السوريين فإن غالبيتهم من الطبقات الاجتماعية الوسطى أو الفقيرة. بالتالي، ليس في امكانهم شراء منزل بنصف مليون دولار. أما اللاجئ السوري المتمكّن مادياً، فالخيارات أمامه كثيرة ومنها دول أوروبية تمنحه إقامة دائمة وحرية التنقل بين الدول الأوروبية، يقول أبو سليمان.

يعوّل القطاع العقاري على ما سيتركه هذا الإجراء (المادة 50) من آثار إيجابية عليه وعلى العديد من القطاعات الرديفة المكملة له، لاسيما أنه منذ العام 2011 نسبة تملك الأجانب لاسيما الخليجيين ضعيفة جداً. فالمحرك الاساسي للقطاع بات المغترب اللبناني. ولكن بحسب أبو سليمان فالمادة ضرورية لتحفيز القطاع العقاري ولكنها لن تُحدث تغيّراً كبيراً في  السوق، إذ يوجد المستثمر الأجنبي خيارات عدة، من بينها قبرص وبعض الدول الأوروبية. ما يجعل لبنان أمام منافسة غير متكافئة لجذب المستثمرين.

وبالنسبة إلى حجم الاستملاكات العقارية للأجانب بعد العام 2011، فإنها تراوح بين 5 و10%، في حين أن مستوياتها السابقة كانت تتخطى 20%. ووفق تقارير المديرية العامة للشؤون العقارية، فإن أكثر منطقة يتركز فيها المالكون غير اللبنانيين هي العاصمة بيروت حيث بلغ عددهم الإجمالي عام 2017 نحو 16 ألفاً و174 مالكاً، تليها منطقة عاليه بـ11 ألفاً و390 مالكاً، ثم بعبدا بـ11 ألفاً و65 مالكاً، أما بالمتن 9 آلاف و975 مالكاً وغالبيتهم الساحقة من السعوديين والكويتيين.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024