وزارات تيار المستقبل: صفقاتٌ وخلافات

خضر حسان

الأحد 2018/06/10
يعمل تيار المستقبل على توصيف نفسه بأنه تيار الدولة ومؤسساتها، ويحاول إثبات نفسه في الوزارات التي يتولاها، وهي الاتصالات، الداخلية، العمل وشؤون النازحين. لكن، هل فعلاً حقق التيار بصمة إيجابية في وزاراته؟

وزارة الاتصالات
يؤكد الوزير جمال الجراح أنه منذ تسلمه حقيبة الاتصالات، "شرعت في تنفيذ سلسلة من المشاريع المهمة مع وضع ثلاثة تخصصات رئيسية في الاعتبار: تزويد مواطنينا بشبكة إنترنت عالية السرعة وموثوقة، تحسين التغطية وجودة خدمات الهاتف المحمول على الصعيد الوطني، وتخفيض الأسعار". لكن، لا سرعة الإنترنت زادت، ولا تحسنت خدمات الهاتف ولا انخفضت كلفتها. وكلّ ما ارتبط بإنجازات الوزارة، هو الخلافات داخل هيئة أوجيرو، والتلزيمات غير القانونية، إذ لم يعتمد الجراح شروط المنافسة والشفافية في تلزيمه شركة غلوبل داتا سيرفيسيس global data Services خدمة نقل المعلومات للمشتركين عبر شبكة الألياف الضوئية. وإلى جانب التلزيم، سمح الجراح للشركة باستعمال الكابلات الموجودة في مخازن أوجيرو. وهو ما يعتبر هدراً للمال العام، وهو ما نفته الشركة.

إنشغل تيار المستقبل في محاولة تغطية الخلافات التي انفجرت داخل أوجيرو، بين الجراح والمدير العام للهيئة عماد كريدية، وبين الجراح ومستشاره نبيل يموت. إذ إتّهم الجراح كريدية بهدر المال العام ونشر الفساد في أوجيرو، دون تقديم أدلة للنائب العام المالي علي إبراهيم. وفسخ العقد مع يموت صباحاً، وأعاده بعد الظهر، ليظهر أن الخلافات الشخصية هي السبب. وجرى طي الملف بتدخّل من رئيس الحكومة سعد الحريري.

وانتقل الجراح من التلزيمات إلى التوظيفات، إذ وظّف في أوجيرو ما يزيد عن 500 شخص من انصاره والمقربين منه، تحت صفة حرّاس في المراكز والسنترالات، بصورة مخالفة للقانون، وبعيدة عن الحاجة الفعلية لأوجيرو.

وزارة الداخلية
أدارت وزارة الداخلية تحت وصاية تيار المستقبل عدداً من العقود، وقد طرح حول بعضها علامات استفهام. منها تبديل لوحات السيارات وإصدار دفاتر سير ومركبات بيومترية. وقد جرى تلزيم شركة "إنكريبت" المملوكة من عضو مجلس إدارة غرفة التجارة في بيروت وجبل لبنان هشام عيتاني، المقرب من المستقبل، كما تقول مصادر متابعة للملف في حديث إلى "المدن".

ومنها أيضاً صفقة تلزيم شركة "ساجيم" الفرنسية، إصدار بطاقة الهوية البيومترية. وهذه الصفقة، وإن كان المستفيد الأبرز منها هو تيار المستقبل، إلا أنها توضع برسم كل القوى السياسية لأنها وافقت عليها في جلسة مجلس الوزراء. وقد تبيّن أن هذه الصفقة تقضي بتلزيم الشركة الفرنسية بعقد رضائي مخالف لأصول تلزيم الصفقات المماثلة، بقيمة 40 مليون دولار.

وزارة العمل
رفع وزير العمل محمد كبارة منذ توليه منصبه شعارات الإصلاح في الملفات التي تمسكها وزارته، وأبرزها عودة لجنة المؤشر إلى الاجتماع بشكل دوري، الحد من منافسة اليد العاملة الاجنبية وانتخاب مجلس إدارة جديد للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وتنفيذاً للشعارات، مازالت لجنة المؤشر غائبة، والأجور وقدرتها الشرائية والأسعار على حالها. أما المنافسة، فقد "طلبت الوزارة من السوريين أصحاب المحال غير الشرعية الحضور إلى مكتبها لتسوية أوضاعهم، قبل اللجوء إلى إقفال مؤسساتهم. لكن غالبيتهم يمتنعون عن الحضور، لأنهم لا يملكون الأوراق الثبوتية التي تخوّلهم تسوية أوضاعهم". وطالبت الوزارة أصحاب العمل اللبنانيين عدم تفضيل العمال السوريين على اللبنانيين، "وذلك لوقف المنافسة غير المشروعة".

يبقى أن أزمة الضمان الاجتماعي، هي أكبر الأزمات المزمنة في الوزارة. فالتوازنات الطائفية والحصص السياسية تعرقل تأليف مجلس الإدارة. والانتخاب الذي كان من المفترض انجازه في عهد كبارة، عُلّق بعدما عرقله التيار الوطني الحر، نظراً لعدم حصوله على حصة كافية. ولم يستطع كبارة وتيار المستقبل تسيير الملف وفق الصيغ القانونية، بل خضعوا للعرقلة، حفاظاً على التوازنات السياسية والطائفية.

وزارة الدولة لشؤون النازحين
الوزارة التي استحدثت لإدارة ملف النزوح السوري، لم تستطع تحسين شروط النزوح وعيش النازحين، ولم تستطع تخفيف الأزمة التي تفاقمها رغبة المجتمع الدولي في إبقائها مفتوحة في اتجاه لبنان. وما يعزز النتائج السلبية للأزمة على لبنان، هو "عدم الاتفاق على سياسة واحدة تجاه التعاطي مع ملف النازحين. بالتالي، عدم امكانية تحديد الأولويات وماهية المطالب من المجتمع الدولي"، وفق ما يقوله وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي.

وفي النتيجة، بقيت هذه الوزارة شاهداً على ضعف امكانيات الدولة المادية، وسوء السياسات التي تدار بها ملفات الدولة، والتي تقوم على التحاصص السياسي والطائفي، وليس على خطط علمية وموضوعية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024