خضر حسان
الرفض استمر بعد استراحة موظفي الدولة من الدوام الرسمي، بقرار من عيد العمّال. إذ نفّذ اتحاد النقابات العمالية في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة، يوم الخميس 2 أيار، إضرابه الذي سبقه بدعوة الحكومة إلى "مباشرة سياسة الإصلاح ووقف الهدر والصفقات والهندسات بدلاً من هضم الحقوق ومد اليد على رواتب العاملين".
والإضراب الذي سيمتد إلى يوم السبت 4 أيار، سيعني توقف العمال في المؤسسات العامة المنضوية تحت لواء اتحاد النقابات، عن العمل، أي في كهرباء لبنان، الضمان الاجتماعي، أوجيرو، مؤسسات المياه في بيروت وجبل لبنان والبقاع والشمال والجنوب، كهرباء قاديشا، النقل المشترك، الريجي، مرفأ بيروت، إهراءات الحبوب، البلديات، المستشفيات الحكومية، بالإضافة إلى مصرف لبنان.
من يسبق الآخر؟
يهدد العسكريون المتقاعدون، ومعهم أساتذة التعليم الثانوي، ومن خلفهم موظفو المصالح المستقلة، وإلى جانبهم موظفو الإدارات العامة. وهذا كفيل بشلّ البلاد وتنفيذ "بروفا" للعصيان المدني، في حال أصرّت القوى السياسية على مرادها.
لكن التجربة تدل على أن الموظفين الذين أعلنوا الإضراب، سيكررون بضع إضرابات مماثلة وشكلية، في حال فُرِضَت الإجراءات التقشفية بالشكل الذي يريده الوزراء والنواب. لكنهم في المضمون، لن يقفزوا فوق الخط الأحمر المرسوم سلفاً لأي إعتراض. فما زالت الحركة العمالية اللبنانية قاصرة عن الخروج على الدور الوظيفي الذي يحدده الزعيم، حتى وإن مسّ الزعيم برواتب وتقديمات رعيّته التي وظّفها بإمتحانٍ أو من دونه أحياناً كثيرة.
فالسلطة مسّت سابقاً بسلسلة الرتب والرواتب، ولم تعطها كما أُقرت، وحُرمَت "المؤسسات العامة من ثلاث درجات استثنائية أسوة بالإدارات العامة"، ومستخدموها "يُصرَفون من الخدمة بموجب تعويض صرف من الخدمة ولا يستفيدون من معاش تقاعدي بعد بلوغ السن"، وفق ما قاله مستخدمو وعمال مؤسسة مياه البقاع في بيان يوم الخميس. ومع ذلك لم يُجِدْ الموظفون سوى الإذعان لقرارات رؤساء النقابات والروابط، بتوقّف الإضرابات والعودة إلى العمل، على أمل المطالبة لاحقاً. ليكون أصحاب القرار النقابي قد امتصّوا نقمة العمال بإضرابات لا تغيّر مسار أهل السلطة، التي تُسابِق دائماً نحو إبتداع حلول على حساب المواطنين.
الرهان على الانقسامات
عندما أُحكِمَت السيطرة على النقابات والروابط، جرى ذلك بلوائح انتخابية مشتركة بين قوى السلطة، وهذا مؤشر واضح على سقف الاعتراضات التي تُبديها النقابات. وفي حال حدوث أي طَفرة مفاجئة تدفع رابطة أو نقابة ما إلى محاولة وضع قواعد مغايرة للتحركات، فإن سيناريو الانقسام الحزبي والطائفي جاهز للرد، وهو ما حدث لرابطة أساتذة التعليم الثانوي ولمياومي مؤسسة كهرباء لبنان. فالانقسام كفيل بردّ المتمرد إلى بيت الطاعة أو إجباره على الرحيل عن القوم الطائعين، وفي الحالتين، يسود الهدوء ولا تُعكّر النقابات صفو التوافق السياسي. ولا ضرر حينها من عقد النقابات إجتماعات دورية، أو إبقائها مفتوحة بحجة "بحث سبل التصعيد".