عزة الحاج حسن
وعلى الرغم من تدريب منتَدبين عن المصارف والصرافين على تقنيات عمل المنصة، غير أن قواعد عملها الأساسية لا تزال مجهولة من الصرافين والمصارف على حد سواء. وهذا ما يبدو واضحاً في حديث نقيب الصرافين أنطون مارون إلى "المدن". فهو لا علم له بأي تفاصيل عن المنصة، باستثناء أن ما يلي الدورة التدريبية التي شارك بها صرافون، هو إعلان مصرف لبنان تفاصيل الآلية وسعر الصرف المُرتقب أن تنطلق منه المنصة. ويجزم مارون أن المنصة لن تنطلق من سعر صرف 3900 ليرة للدولار.
غموض الآلية
غموض الرؤية حيال المنصة لا يشمل الصرافين فحسب، بل المصرفيين أيضاً. فالتدريب جرى على تقنيات العمل، لكن القواعد الأساسية ومبادئ العمل بالمنصة من المرتقب أن تصدر خلال اليومين المقبلين عن مصرف لبنان وفق تعميم توضيحي لآلية عملها وتفاصيلها والأنظمة المرتبطة بها، وفق ما يؤكد الخبير القانوني والمصرفي خالد شاهين. وحتى اللحظة لم يوضح مصرف لبنان سوى جانب واحد من المنصة، يتعلّق بعمل المصارف كصرافين فئة "أ" ويحتمل العمل كل أوجه الصرافة كنقد وغير نقد.
وإذ يوضح شاهين في حديثه إلى "المدن" أن هناك جوانب لا تزال مجهولة بالنسبة إلى المنصة، منها سعر صرف الدولار الذي ستنطلق منه، يتوقع أن تكون هناك نقطة انطلاق لسعر الصرف، وهذه النقطة سيتم تحديدها وتعديلها بحسب عمليات العرض والطلب الحقيقية، وليس على غرار السوق السوداء غير الحقيقية وغير المبنية على العرض والطلب.
الأمر الآخر غير الواضح بالنسبة إلى المصارف، هو بحسب شاهين، ما إذا كانت المصارف مُلزمة بتطبيق أنواع عمليات الصرافة كافة، بمعنى أن مصرف لبنان عندما يُلزم أي مصرف بتطبيق العمليات، سيطلب ذلك وفق قدرة المصرف وتوفر العملة الأجنبية لديه. بمعنى ألا يكون المصرف ملزَماً بالتعامل بالنقد، علماً أنه من الأجدى والأكثر تأثيراً في السوق هو أن تتعامل المصارف بالنقد وليس الصرافين.
من تستهدف المنصة؟
وفي حال فتح مصرف لبنان المنصة للتعامل بالنقدي، من المرجّح أن تشمل الأفراد. وهذا الأمر غير واضح حتى اللحظة، يقول شاهين. أما التجار والمستوردون كافة، فيصبح بإمكانهم تأمين دولاراتهم عبر المنصة بدلاً من السوق السوداء. حتى مستوردي المنتجات المدعومة سيلجأون إلى المنصة بدلاً من السوق السوداء، لتأمين فارق الدعم أي 15 أو 10 في المئة المطلوب تأمينها نقداً.
الـ3900 ليرة تسقط!
من المتوقع أن يتم تحديد سعر صرف وسطي من قبل مصرف لبنان خلال انطلاق المنصة، ووفق مصدر مصرفي فإن هناك ضياع من قبل مصرف لبنان لجهة تحديد سعر صرف الدولار الذي ستنطلق منه المنصة وما إذا كان قريب من سعر السوق الحالي أي من 12200 ليرة. ولهذا الأمر مخاطره. أم سيكون السعر قريب من 3900 ليرة، وحينها سيظن المواطن أن هناك توجهاً الى تثبيت هذا السعر. وهذا الأمر غير صحيح. من هنا يرجّح المصدر في حديثه إلى "المدن" أن تنطلق المنصة بسعر صرف وسطي بين الـ3900 و12200 ليرة، أي بحدود 6000 ليرة و6200 ليرة على أن يتغير لاحقاً، وفق حجم عمليات البيع والشراء. وهذا الأمر من الممكن حصره في المصارف بشكل دقيق جداً.
وإذ يجزم المصدر سقوط سعر الصرف 3900 ليرة عاجلاً أم آجلاً، يؤكد أن نجاح المنصة يرتبط بشكل غير مباشر بمسألة الدعم. فهذا الملف يدخل في سياق التجاذبات السياسية والجميع يتهرّب من حسمه. وعدم حسم هذا الملف، من المتوقع أن تفشل محاولات ضبط سوق الصرف.
مستقبل المنصة
إذا ما قاربنا موضوع المنصة علمياً يتضح أنه من المبكر تحديد مدى جدواها، طالما لم يتحدد سعر الصرف الذي ستنطلق منه. أما عملياً فيمكن اعتبار هذا الأمر غير ذي جدوى. ويرى المصدر المصرفي، أن مسألة التخطيط للمستقبل باتت أشبه بالمستحيل. ويقول أن حتى القطاع المصرفي لم يعد يخطط ويضع استراتيجيات، لعمله أنه بات يعمل يوماً بيوم. فالاستثمار في لبنان بات صعباً جداً والمستقبل لم يعد واضحاً. كما أن مستقبل الأعمال بالمديين القريب والمتوسط بات معدوماً، أما على المدى البعيد فمجهول تماماً.
وعن حجم التوقعات بنجاح المنصة، يستبعد المصدر أن تحقق المنصة أهدافها بضبط السوق ولجم انفلات سعر صرف الدولار. ويتوقع أن تنعكس إيجاباً في المرحلة الأولى القصيرة الأجل. ذلك لتأثر السوق نفسياً بانطلاقها. أما نجاحها فأمر مستبعد لأن مصرف لبنان كان يسعى لإطلاقها بعد حل أزمة دعم الاستيراد ووقفه كلياً.
من جهته، يتوقع مصدر في نقابة الصرافين أن تستمر عمليات بيع الدولار من قبل المواطنين في السوق السوداء، خصوصاً مع تأكيد وجود فارق بالأسعار بينها وبين المنصة. وهذا الأمر من شأنه إحباط نجاح المنصة.
وبصرف النظر عن مدى نجاح المنصة وتحقيق جدواها وتوحيد أسعار صرف الدولار، تبقى مجرّد إجراء موضعي. أما الأزمة فتستلزم حلولاً جذرية أشمل، لا سيما على مستوى الإصلاح واستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.