قضم المزيد من رغيف الفقراء: الخبز بـ2250 ليرة

عزة الحاج حسن

الإثنين 2021/01/11
ليس جديداً على "كارتيل" أصحاب المطاحن أن يتناتش رغيف الفقراء للحفاظ على مستويات أرباحه، فكل دولار يسجّل زيادة على سعر القمح العالمي يقع مباشرة على رغيف الخبز، فلا المطاحن على استعداد للتضحية بجزء من أرباحها ولا الأفران. وحده المواطن من يتحمّل بشكل مباشر كل ارتفاع لسعر الدولار محلياً ولسعر القمح عالمياً.

وإذا اقتصر رفع سعر ربطة الخبز اليوم على 250 ليرة فقط، فإنه في المستقبل القريب لن يكون له من لاجم أو ضابط. فالارتفاعات ستتوالى بالتوازي مع ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان، وارتفاع سعر طن القمح في العالم، ناهيك عن مخاطر خفض الدعم عن استيراد القمح في المرحلة المقبلة، وفق ما هو مُخطط له. فلبنان يستورد حالياً نحو 27 ألف طن شهرياً من الطحين الخاص بالخبز العربي، ضمن برنامج الدعم السابق، أي بنسبة 85 في المئة وفق سعر صرف 1500 ليرة.

سجل حافل بالتلاعب
لا شك أن سعر طن القمح ارتفع بشكل كبير مؤخراً وفق بورصة القمح عالمياً، وبلغت نسبة الارتفاع قرابة 40 في المئة خلال شهرين فقط. ومن شأن ذلك أن يزيد التكلفة بشكل مباشر على مستوردي القمح، أضف إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان بشكل مستمر، وارتباطه بشكل مباشر بتكاليف إنتاج الخبز، من نايلون وسكر وصيانة ووقود وغير ذلك.

لكن وعلى الرغم من موجبات رفع سعر الخبز، فإن ذلك لم يخف جشع وعدم شفافية تعامل أصحاب المطاحن ومعهم الأفران مع الملف، خصوصاً أن تاريخهم حافل بقضايا التلاعب بأسعار القمح المستورد، واستخدام القمح المدعوم لإنتاج الخبز العربي من دون وجه حق في صناعة الحلويات والكعك وغير ذلك من المنتجات التي  تدر أرباحاً كبيرة على منتجيها.

كما أن أصحاب المطاحن والأفران لم يتوانوا عن ممارسة الضغوط على وزارة الاقتصاد والتجارة، للاستحصال على قرار برفع سعر الخبز بنحو 500 ليرة، لتعويض ما فاتهم من أرباح، وحين أعلن اليوم نقيب مستوردي القمح، أحمد حطيط، التوجّه إلى رفع سعر ربطة الخبز العربي الأبيض إلى 2500 ليرة أو 2250 ليرة، كان يمهّد -وفق مصدر متابع للملف في حديث إلى "المدن"- لزيادة 500 ليرة على الربطة وليس 250 ليرة. وهو ما دفع أصحاب المطاحن إلى التفاوض مع وزير الاقتصاد والإصرار على الزيادة المذكورة، وهي تقارب نسبة 25 في المئة من سعر ربطة الخبز. لكن الوزارة حدّدت الزيادة بـ250 ليرة على الربطة.

زيادة 250 ليرة
وحدّدت الوزارة، حسب قرار وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال، راوول نعمه، سعر طن دقيق القمح المعدّ لإنتاج الخبز اللبناني فئة 85 في أرض المطحنة، بمبلغ 864 ألف ليرة كحد أقصى. وسعر طن دقيق القمح فئة "Zero" بمبلغ مليون ومئة ألف ليرة في أرض المطحنة كحد أقصى. وسعر طن دقيق القمح "Extra" بمبلغ مليون ومئة وخمسين ألف ليرة في أرض المطحنة كحد أقصى.

بناء على ارتفاع سعر طن الطحين، وبعد الإنتهاء من استخدام الهبة العراقية من الطحين في انتاج الخبز العربي، ومن قبلها استخدام القمح المقدّم من منظمة الأغذية العالمية، ونظراً لارتفاع سعر صرف الدولار، أصدر وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال، راوول نعمه، قراراً حدد بموجبه سعر ووزن الخبز اللبناني "الأبيض" وفقا لما يلي: ربطة حجم كبير: زنة 900 غرام كحد أدنى، بسعر 2250 ليرة لبنانية كحد أقصى، وربطة حجم وسط: زنة 400 غرام كحد أدنى، بسعر 1500 ليرة لبنانية كحد أقصى.

الارتفاعات متواصلة
تخفيفاً لوطأة قرار رفع سعر ربطة الخبز وتوضيحاً لخلفيات القرار، أكد وزير الاقتصاد أن الزيادة جاءت بناء على دراسة علمية لمؤشر سعر ربطة الخبز، مشدداً أنه سيصدر قراراً بخفض سعر ربطة الخبز في حال انخفاض سعر صرف الدولار أو سعر القمح عالمياً. ولكن يبدو أن الآمال شبه غائبة إن لجهة انخفاض سعر الدولار في لبنان أو تراجع سعر القمح عالمياً، بالنظر إلى ارتفاع الطلب عليه من قبل الدول، أقله في المدى المنظور.

وإذا كان سعر ربطة الخبز العربي الأبيض قد ارتفع اليوم إلى 2250 ليرة، بعد رفع سعر طن الطحين على الأفران من 684 ألف ليرة إلى 914 ألف ليرة، فكم سترتفع الربطة في حال رفع الدعم أو خفضه من قبل مصرف لبنان؟

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024