لماذا هربت إلى "سكك الحديد"؟

عزة الحاج حسن

السبت 2019/02/09
تداول ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي قراراً موقعاً من وزير الصحة السابق، غسان حاصباني، يوافق بموجبه على انتقال الموظفة إليسيا عريجي من مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي إلى مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك. للوهلة الأولى، يبدو الأمر طبيعياً. إذ أن الإنتقال من مؤسسة عامة إلى أخرى هو إجراء قانوني، وفق النظام العام للمؤسسات العامة، إلا أن تاريخ توقيع الوزير في أول شباط، أي في اليوم الأخير له كوزير للصحة، قبل تشكيل الحكومة، أثار بلبلة، وفتح باب التفسيرات والتعليقات على مصراعيه.

قد تكون الأسئلة، التي أثارها انتقال عريجي من مؤسسة إلى أخرى، أسئلة مشروعة، نظراً إلى اختلاف طبيعة عمل المؤسستين، إضافة إلى حساسية توقيت توقيع الوزير. وكأن في الأمر "صفقة"، حتى أن البعض ذهب أبعد من ذلك، إذ جرى التداول بأن عريجي طلبت نقلها من المستشفى، بعد افتضاح أمرها في قضية إختلاس للمال العام أو ما شابه.

هروب
إليسيا عريجي العاملة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي منذ نحو 15 عاماً ورقمها الوظيفي 25، أي أنها متواجدة في المؤسسة منذ بداية تأسيسها، شغلت منصب مديرة محاسبة المرضى لسنوات، قبل أن يتم نقلها منذ أشهر إلى قسم الموارد البشرية (HR). من هنا بدأت عريجي بالسعي للإنتقال من المستشفى إلى مؤسسة أخرى.

الإستبعاد من قسم المحاسبة إلى الموارد البشرية اعتبرته عريجي، وفق حديثها إلى "المدن"، محاولة لتحجيمها "وإذلالها". فكان لا بد من الخروج من المستشفى إلى مؤسسة أخرى. والسبب، وفق عريجي، أنها تصادمت أكثر من مرة مع أشخاص تابعين لفريق سياسي محدد (تحفظت على ذكر اسمه). وتعرّضت لضغوط ومضايقات كثيرة، على خلفية مطالبتها الدائمة بأموال مستحقة للمستشفى من إحدى الجمعيات التابعة للفريق السياسي ذاته.

وتؤكد عريجي تراكم مبالغ مالية، تقدر بعشرات آلاف الدولارات، على جمعية تابعة لحزب سياسي نافذ في المستشفى الحكومي، ترفض الجمعية سدادها. وهي بدل فواتير مرضى دخلوا على عاتق الجمعية، كما هو حال كثير من الجمعيات، تتعهد بتغطية عدد من مرضى وتسدد تكاليفهم دورياً، باستثناء الجمعية التي افتضحت عريجي أمرها، وفق حديثها.

وعند نقلها إلى دائرة الموارد البشرية في المستشفى، منذ نحو خمسة أشهر، باشرت عريجي إجراءات انتقالها إلى مؤسسة أخرى. ولكونها مقربة من النائب سليمان فرنجية، طلبت منه مساعدتها، فاقترح الأخير عليها الانتقال إلى إحدى المؤسستين، إما المطار أو مديرية سكك الحديد والنقل المشترك، كونهما تابعيتن لوزارة الاشغال. وهي وزارة يشغلها وزير من حصة "تيار المردة"، فاختارت عريجي السكك الحديد، وكان لها ما أرادت. بدأت معاملة انتقالها في شهر أيلول الفائت وحازت موافقة إدارة المستشفى ووزارة الأشغال وزارة الصحة ومجلس الخدمة المدنية، بانتظار إصدار قرار مباشرتها العمل.

إختلاس أو..
رواية عريجي، يختلف عاملون في المستشفى على صحتها. ففي حين يؤكدها موظف إداري رفيع في حديث إلى "المدن"، ويكشف أن الجمعية المقصودة والمستحق عليها مبالغ للمستشفى تعود إلى حركة أمل، وأن العاملين الذين مارسوا ضغوطاً على عريجي في المستشفى محسوبون على حركة أمل، والشخص الذي تم تعيينه بديلاً عنها هو محمد شريف، محسوب على حركة أمل. يؤكد مصدر آخر أن عريجي متورطة بملف غير قانوني يشير إلى كونها استفادت من فواتير من الضمان الإجتماعي، بدل فحوص وصور شعاعية، أجرتها على حساب وزارة الصحة بموجب كتاب وزير.

فرضية تورط عريجي بملف الفحوص الطبية واستغلال أموال الضمان والوزارة في آن معاً، يفتح الباب على السبب الذي يدفع وزارة الصحة لمنح موظفي قطاع عام تابعين للضمان الإجتماعي كتب وزير لتغطيتهم صحياً. أضف إلى أنه في حال إثبات هذه المخالفة التي توضع في خانة الإختلاس، لماذا لم تتحرك إدارة المستشفى؟

وهنا كان لا بد من الوقوف عند رأي المدير العام للمستشفى، الدكتور فراس الأبيض، الذي رفض الدخول في تفاصيل تعنى بالموظفين، جازماً عدم انتقال عريجي من المستشفى إلى مؤسسة أخرى على خلفية مخالفة مالية أو اختلاس، فالمخالفة من هذا النوع، وفق الأبيض، لا تعالج بالإنتقال من المستشفى، إنما بالمعاقبة بالأطر القانونية داخل المؤسسة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024