خضر حسان
الاعلان لم يثلج قلب المستشفيات. إذ بقي مجهول التفاصيل. فحسب نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون، "لم تسجّل كل المستشفيات حتى الآن وصول أموال إلى حساباتها. لكن المسألة ليست محصورة في وصول الأموال أم لا، فعلينا أولاً معرفة كمية الأموال المحوّلة لنتأكد من أنها تكفي حاجتنا لشراء المستلزمات المطلوبة". ويشير هارون في حديث لـ"المدن"، إلى أن "الأموال المحوّلة لن تكون كافية، فهي حكماً لا تسد كامل المستحقات البالغة نحو 2000 مليار ليرة".
لا تريد المستشفيات الضغط على الدولة لتأمين كامل المستحقات دفعة واحدة، ولأجل عدم الضغط "اقترحنا جدولة المتأخرات عن طريق توزيع مبالغ شهرية واضحة ومعروفة لكل المستشفيات، لتحدد كل مستشفى حجم التحويل وتعمل وفقها وتجدوِل مدفوعاتها على أساس المبالغ". ويلفت هارون النظر إلى أن جدولة المتأخرات تجنّب الدولة الإضرابات "فالمستشفيات ليست مسرورة بالتحركات التي تقوم بها كلما أرادت مبلغاً مالياً".
والجدولة ليست صعبة "فقمنا بها مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ونطالب بها مع الطبابة العسكرية وقوى الأمن الداخلي وتعاونية موظفي الدولة ووزارة المال".
مركب واحد
يسلك ملف نقص المعدات الطبية مساراً واحداً بين المستشفيات والمستوردين، فإن لم تدفع المستشفيات مستحقاتها للمستوردين بعد قبض مستحقاتها من الدولة، فلن يدفع المستوردون للشركات الأجنبية التي تزوّدهم بالمعدات. لكن ينفرد المستوردون بتحمل وزر تأمين الدولار.
وحسب ما يؤكده رئيس تجمع المستوردين نديم حرب، في حديث لـ"المدن"، فإن "المستوردين يضطرون إلى تحمل كلفة تحويل الليرة إلى دولار، لأن المستشفيات تدفع بالليرة اللبنانية ويتحمل المستوردون كلفة التحويل، لكن سعر صرف الدولار يصل لمستويات لا يستطيع معها المستوردون الاحتمال، والمصارف لا تؤمّن الدولار بالشكل الكافي، كما لا تقبل التحويل إلى الخارج". وأمام هذه المعضلة، تتجه الأنظار الى مصرف لبنان الذي وعَدَ حاكمه رياض سلامة بشمل المعدات والمستلزمات بالقرار المتعلق بتسهيل تأمين الدولار للمحروقات والطحين والدواء "فالمستلزمات الطبية لا تقل أهمية عن الدواء وكان يجب شملها بالقرار منذ البداية". ولغاية اليوم "لا جواب من مصرف لبنان رغم الوعود".
خلاصة إضراب المستشفيات ومطالب المستوردين، لا تتعدى المراوحة في الأزمة نفسها. وإن كانت المستشفيات لن تقفل أبوابها أمام المرضى كلياً، إلا أن الاحتمال وارد، وإن من باب الضغط على وزارة المال ومصرف لبنان. وهو حق مشروع لها لأنها صاحبة مستحقات غير مدفوعة. كما أن السلطة السياسية تتجاهل مطالب كل القطاعات في البلاد. وبذلك، فهي تدفع الأزمة الاقتصادية والمالية باتجاه الأسوأ، مدعومة بتغريد مصرف لبنان خارج سرب الحلول، حين يصر المركزي على المماطلة في تحمل مسؤوليته تجاه الدولار وأسعاره المتقلبة بغطاء مركزي.