خطة الكهرباء: سقطت بالتصويت ومررها برّي بتواطؤ حزب الله

خضر حسان

الخميس 2019/04/18
بنشوة الإنتصار، تباهى وزير الخارجية جبران باسيل بإقرار مجلس النواب، يوم الأربعاء 17 نيسان، مشروع قانون تلزيم الكهرباء، وهو عبارة عن عملية تشريع لخطة الكهرباء الجديدة، التي وضعتها وزير الطاقة ندى البستاني.

وإن كان الانتصار يحتاج بالضرورة إلى أعداء، فإن باسيل لم يجد حرجاً في إعلان كل الأطراف السياسية أعداءً له، وإن لم يسمّهم بشكل حرفي، بل عبّر عن ذلك بخلاصة قوله أن ما حصل اليوم يؤكد انه وفريقه السياسي "لم نكن نخالف القانون. وكل الكلام الذي يقال هو مزايدات وغش على الرأي العام". وبذلك، يضع باسيل كل المعترضين في خانة المخادعين، لأنهم شككوا بمشروع بواخر الطاقة وبجدوى خطة الكهرباء.

سقطت الخطة فنجحت!
المعركة التي احتدمت داخل مجلس النواب، خلصت إلى الموافقة على خطة بستاني، وعلى تمديد العمل بالقانون رقم 288 الذي ينص على حلول مجلس الوزراء ووزيري المالية والطاقة محل الهيئة الناظمة، بشكل مؤقت. والتمديد يعني ضرب القانون رقم 462 الذي ينص على إنشاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء. ومن مفاعيل تلك الخلاصة، تطويق إدارة المناقصات وقانون المحاسبة العمومية، وإحكام قبضة وزير الطاقة على المناقصات والمشاريع التي ستُنفّذ بموجب خطة الكهرباء.

ومع تأكيد النائب سيمون أبي رميا بأن "خطة الكهرباء أقرت بالإجماع، ولا يمكن تعطيل تقدم حصل في الخطة"، تقول مصادر متابعة لجلسة مجلس النواب، أن المشروع "سقط أثناء التصويت، لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري تجاهل النتيجة وأعلن تمرير المشروع". وتؤكد المصادر لـ"المدن"، أن "نواب الكتائب والقوات وبولا يعقوبيان وأسامة سعد صوّتوا بشكل مؤكد ضد المشروع. أما نواب باقي الأحزاب فمن غير المؤكد من صوّت منهم مع، ومن صوّت ضد. لكن في النتيجة، مرّ المشروع ولم يعترض أحد من أحزاب السلطة، حتى الذين صوّتوا ضد". وتشير المصادر إلى انه "ليست المرة الأولى التي يتم فيها تمرير مشروع سقط بالتصويت".

إمتعاضٌ بنكهة شهادة الزور
سجّل عدد من نواب أحزاب السلطة، بشكل غير علني، امتعاضه من تمرير المشروع، لكن الامتعاض الصامت يشبه بمفاعيله شهادة الزور. ويكبر حجم شهادة الزور حين يحاول البعض النأي بنفسه عن الفساد عبر التلويح بمكافحته، وهذا هو حال حزب الله بشكل فاضح. فالحزب، ككيان سياسي داخل السلطة، وافق على المشروع، حتى وإن صوّت بعض نوابه بشكل فردي ضده. فالقبول بالتمرير يعني الموافقة على مخالفة القوانين. وهذا فساد.

تعيد المصادر سبب عدم اعتراض الحزب، إلى تحالفه مع التيار الوطني الحر. وبموجب التحالف، يستفيد الحزب اليوم من تغطية سياسية يؤّمنها الحليف المسيحي، ويعبّر عنها باسيل في المحافل الدولية.

هي صفقة متبادلة إذن، باسيل يدافع عن الحزب في الخارج، والحزب يمرر مشاريع باسيل في الداخل. أما حركة أمل، وبغض النظر عمّن صوّت ضد المشروع بشكل منفرد، فتستفيد من تمرير المشروع عبر تحاصص مشاريع الكهرباء مع باسيل. فخطة الكهرباء تتضمّن إنشاء معمل في الزهراني. وقبلها استفادت الحركة عبر ترفيع شركة مراد من رتبة مقاول فرعي إلى رتبة شركة مقدم خدمات، دخلت إلى خطة الكهرباء بموافقة مجلس الوزراء. وهنا، نعود إلى المربّع الأول، وهو موافقة أحزاب السلطة على تعيين شركة رابعة من دون مناقصة.

وبعد هذه التفاصيل، يسهل فهم كيف تكون الحركة خصماً لباسيل وحَكَماً يشرّع لصالحه في الوقت عينه، ولماذا تتعارض أفعال حزب الله مع أقواله حول مكافحة الفساد.

الدفع إلى الهاوية
مع ذلك، تلفت المصادر النظر إلى أن "هناك نظرية تقول بأن موافقة بري على المشروع بشكل مخالف لرأي النواب، يُضمر نية لدى رئيس المجلس بدفع مشروع باسيل إلى الهاوية، وبذلك يكون بري قد دفع عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، برمّته، إلى الهاوية، لأنه يعلم حجم العراقيل والفشل الذي سيواجه خطة الكهرباء مستقبلاً". لكن في حال ثبت هذا الكلام، فإنه لا يبرر مخالفة الأصول والقوانين، بل كان من الأجدى اتخاذ موقف مباشر بالرفض، فتلك الآلية ستُسجّل كنقطة سلبية في سجل بري. حتى أن الموافقة اليوم والمعارضة غداً، تضع بري في خانة المعرقِل والمخالِف لما وافق عليه هو نفسه.

في المحصلة، أحرَجَت أحزاب السلطة نفسها. فنوابها لن يستطيعوا التكفير عن ذنوبهم. إذ لن يجرؤ أحد منهم على الإفصاح بماهية تصويته. فإن قال أحدهم بأنه صوّت ضد، فإنه بذلك يؤكد تمرير المشروع بشكل مخالف، ويكشف تورّط بري وتواطؤ حزب الله، وإن قال بأنه صوّت مع، فإنه يؤكد تشريعه لمخالفة القوانين. وفي الحالتين، فقد فاز باسيل.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024