نكبة قطاع المطاعم والمقاهي في زمن الإفلاس والكآبة

إيمان العبد

الخميس 2020/05/07
بدأت نهار الإثنين 4 أيار الجاري المرحلة الثانية من تخفيف إجراءات التعبئة العامة، فشملت فتح المطاعم بشروط محددة تمنع التجمعات والإحتكاك. ولا تزيد نسبة تشغيل المطاعم عن 30 في المئة، وإقفالها في التاسعة مساء، ومنع النرجيلة. لكن أزمة الدولار المرتفع دفعت معظم المطاعم إلى الاستمرار في الإقفال بنسبة 90 في المئة.

توقع نكبة
ويعتبر أصحاب المطاعم في العاصمة ومنطقتي زحلة وطرابلس، أن العمل في هذه الظروف غير مجدٍ، خصوصاً في شهر رمضان، إضافة إلى الكلفة التشغيلية التي تزيد عن نسبة 50 المئة. وهناك غلاء الأسعار الناجم عن ارتفاع سعر صرف الدولار، وعزوف الزبائن عن ارتياد المطاعم بسبب ارتفاع الأسعار، والخوف من كورونا، ومناخ الحذر والانكفاء الشائع في الحياة العامة.

أما مصادر وزارة الداخلية فتؤكد أنه لا يمكن إجراء تعديل في الشروط المعلنة، قبل انتهاء المراحل الخمس من تخفيف التعبئة والتأكد من انتهاء أزمة كورونا.

قبل أزمة كورونا كان نقيب أصحاب أصحاب المطاعم والمقاهي في لبنان، طوني الرامي، قد دقّ ناقوس الخطر، بعد الإعلان عن إقفال 785 مطعماً وتسريح 25 ألف موظف من القطاع ما بين أيلول 2019 و شباط 2020، بسبب الانهيار الاقتصادي والمالي. ولا شك في أن أزمة القطاع بلغت ذروتها بعد الإقفال القسري الذي فرض على المطاعم في 11 آذار.

نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي خالد نزهة يقول إن حجم الخسائر في القطاع بسبب أزمة كورونا بلغ 500 مليون دولاراً شهريّا. ومن المتوقع ارتفاع نسبة إقفال المؤسسات بنسبة يصعب تقديرها قبل انتهاء المراحل الخمسة. وأمل عدم الوصول الى "نكبة" مضيفاً أن أزمة كورونا وما سبقها من أزمات أمنية وسياسية واقتصادية في البلاد، راكمت خسائر هذه المؤسسات.

زمن الكآبة الزاحف
يعمل في قطاع المطاعم حوالى 55 ألف موظف مسجلين في الضمان الاجتماعي. ومنذ أزمة كورونا يتقاضى الموظفون 50 في المئة من رواتبهم، ومنهم من لا يتقاضى أي راتب.

وعلى الرغم من صدور تعميم من مصرف لبنان في 24 آذار الماضي، يقضي بتقديم قروض ميسرة بصفر فائدة تسدد على مدى سنوات خمس، ويسمح للمؤسسات دفع رواتب موظفيها، فإن قطاع المطاعم لم يستفد حتى الآن من هذا التعميم. وهذا يزيد من حجم خسائر القطاع.

قطاع المطاعم في لبنان مقبل إذاً على مرحلة جديدة مختلفة نوعياً واجتماعياً واقتصادياً. ويقول نزهة، في هذا السياق، إن المطاعم سترفع أسعارها حتماً، ولكن على نحو نسبيّ لا يخنق القدرة الشرائية المتدنية للمواطن اللبناني الذي خسّرته الأزمة الكبيرة كثيرا، وبدلت أولوياته.

والمطاعم - حسب نزهة - لا يمكنها شراء بضاعتها تبعاً لسعر صرف الدولار في السوق السوداء (أكثر من 4 آلاف ليرة)، وبيع سلعها وخدماتها على السعر السابق للدولار، أي 1550 ليرة. وأضاف أن المقاهي والمطاعم كانت تعرف بأمسياتها الصاخبة الترفيهية المميزة، ولكن مع هذه الأزمة وارتفاع كلفة هذه النشاطات يحتّم غيابها في المقاهي والمطاعم.

إجراءات إنقاذية
لذا، هناك سلسلة من الإجراءات التي يُحضَّر لها بين وزارة السياحة ونقابة أصحاب االمطاعم في لبنان، لتخفيف وطأة الأزمة وتدني نسبة التشغيل الآن إلى 30 المئة في المطاعم، فيما لا تزال الملاهي مقفلة. تتضمن الإجراءات إعفاءات ضريبية، وتأجيل دفع المستحقات من إيجارات وقروض مصارفية، وضريبة القيمة المضافة.

ويقول مستشار وزير السياحة مازن بو درغام إن هذه الإجراءات عرضت على رئيس الجمهورية وبُحِث فيها. أمّا عن ارتفاع الأسعار، فيؤكد درغام أنه "لن يتعدى 15 في المئة. فأزمة الدولار تمس جميع القطاعات، وليس فقط القطاع السياحي وحده. ونحاول ايجاد التوازن بين سعر الدولار الرسمي وسعر الصرف في السوق السوداء. والشرطة السياحية بدأت الإثنين بمراقبة الأسعار في المطاعم" .

تضخم وخسائر
ويؤكد المستشار أن التعاون بين النقابات السياحية والوزارة قائم. وحجم الخسائر في القطاع السياحي بات فادحاً. والقطاع يشغّل حوالى 55 ألف موظف في المطاعم وحدها، إضافة إلى الأدلاء السياحيين الذين توقفت أعمالهم ويجب حمايتهم. يؤكد درغام أن القطاع السياحي يعاني تضخماً منذ العام 2018، حينما زادت استثماراته، في مقابل انخفاض الإيرادات من 11 مليارأ من الدولارات عام 2011 إلى 6 مليارات. لكنه لا يزال يشكل القطاع الرئيسي و"العامود الفقري" للاقتصاد اللبناني، لأنه القطاع الأكبر الذي يؤمن دخول الـ fresh money.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024