طيران "جرمانيا" يوقف رحلاته إلى لبنان.. لا داعي للقلق!

خضر حسان

الأربعاء 2019/02/06
يحجز مطار بيروت مكاناً له بين الأخبار المهمة في لبنان، سلبية كانت الأخبار أم إيجابية. ومع تواتر الأحداث، يتصدّر المسافرون الواجهة. إذ، وحدهم من يتحمّل نتائج الأحداث، خصوصاً السلبية منها، لأنهم يضطرون إلى الانتظار ريثما تُحلّ الأزمات. وغالباً، ما يضطرون إلى تغيير مواعيد رحلاتهم واتجاهاتها.

"جرمانيا" تواجه الإفلاس
أعلنت خطوط "جرمانيا" الجوية الألمانية، التوقّف نهائياً عن تسيير رحلاتها إلى لبنان، بعد 9 أعوام من الرحلات المستمرة التي تنقّلت بين بيروت وبرلين وميونخ ودوسلدورف. ويعود سبب التوقّف، حسب وكيل الشركة في لبنان، وليد تمساح، إلى "أوضاع الشركة الاقتصادية واحتمال تعرضها للإفلاس". ويأتي هذا القرار بعد أن مثّل لبنان "خياراً استراتيجياً بالنسبة للشركة"، على حد تعبير رئيس مجلس إدارة الشركة، جون مايكل كولسات، الذي اعتبر في العام 2010، مع إطلاق عمل الشركة في لبنان، أن "هذه الخطوة اعتُمدت بعد دراسات الجدوى الاقتصادية والسياحية". 

الخيار الإستراتيجي للشركة التي تأسست عام 1979، لم يعد قائماً اليوم، وكذلك بالنسبة للخيارات المتعلقة بعواصم عالمية أخرى، كانت تتّجه نحوها طائرات الشركة، التي تنطلق رحلاتها بشكل أساسي من مطار "تيجيل" الدولي في برلين، إلى نحو 42 وجهة في أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط. ويحتل مطار تيجيل الدولي المركز الرابع بين المطارات السبعة في ألمانيا.

إزعاج للركّاب
لن ينعكس توقف رحلات شركة جرمانيا على حركة الطيران في مطار بيروت، وإنما "سيواجه الركاب، الذين كانوا يسافرون عبر طيران الشركة، بعض الصعوبات، نظراً لاضطرارهم إلى تبديل الخطوط الجوية"، على حد تعبير المدير العام للطيران المدني في مطار بيروت، محمد شهاب الدين، الذي يلفت النظر في حديث إلى "المدن"، إلى ان استبدال شركات الطيران يعني "تغيير وجهة سفر بعض الركاب الذين يريدون التوجه إلى ألمانيا. إذ سيضطرون للذهاب إلى بلدان شركات الطيران، التي سيعتمدونها كبديل عن جرمانيا. فمن يذهب عبر الخطوط التركية مثلاً، عليه تمضية بعض الوقت في تركيا. فضلاً عن إمكانية ارتفاع كلفة السفر عبر خطوط جوية أخرى، مقارنة بأسعار شركة جرمانيا". ويشير شهاب الدين إلى أن "شركة الميدل إيست لن تستفيد من هذا الإقفال لتزيد عدد رحلاتها إلى ألمانيا، لأنها تتجه فقط إلى فرانكفورت". 

وبالنسبة إلى شهاب الدين، فإن "قرار الشركة كان مفاجئاً، ما استدعى تعميم الخبر، وتنبيه المسافرين عبر الشركة، إلى مراجعة وكالات أو مكاتب السفر، التي تم حجز تذاكر السفر من خلالها، لاسترجاع أموالهم أو تغيير الحجز".

قرار شركة جرمانيا ليس يتيماً بالنسبة إلى مطار بيروت، ففي تشرين الأول 2018، أعلنت شركة "كوبالت" القبرصية عن توقف رحلاتها إلى لبنان بعد إفلاسها أيضاً. وأتى الإفلاس بعد عامين فقط من إطلاق رحلاتها من وإلى لبنان.

صيف وشتاء
يشهد المطار صيفاً وشتاءً تحت سقفٍ واحد. ففي حين يطوي صفحة العام 2018 بمؤشرات إيجابية، تتعلق بتسجيل حركة الركاب ارتفاعاً بنسبة تزيد عن 7 في المئة، يستقبل المطار عام 2019 بخبر توقف رحلات إحدى الشركات إليه. وهو خبر سلبي وإن على المستوى المعنوي. ويترافق ذلك مع مؤشرات سلبية، تتعلق باستمرار الصراعات داخل المطار بين الأجهزة الأمنية، والتي تنعكس على سمعة المطار، وعلى تسهيل حركة الركاب والبضائع. ناهيك بالمشاكل التقنية وتنظيم العمل.

وليس الحديث هنا عن مشاكل روتينية تصادفها كل مطارات العالم، بل عن "أزمة تصل تشعباتها إلى مكاتب سياسية وأمنية خارج المطار"، تقول مصادر إدارية في مطار بيروت في حديث إلى "المدن". وتلك التشعبات تتجدّد "مع التغييرات والتبديلات في المراكز السياسية والأمنية. ونتحدث عن وزراء ونواب وضباط يحاولون بسط نفوذهم في المطار، إما لتمرير صفقات تتعلق بتجهيزات وأمور لوجستية، وإما لإثبات السيطرة والنفوذ المعنوي".

وفي ظل الواقع الذي "يصعب تغييره بالمدى المنظور"، ترى المصادر أن "الدولة اللبنانية لا تضع في سلّم أولوياتها، إزاحة المطار عن تجاذبات القوى السياسية، والتركيز على زيادة الاستثمارات الإيجابية فيه، من أجل تحسينه، وزيادة عدد الركاب الذين يمرّون عبره. وبالتالي، زيادة أهمية المطار، خصوصاً وأن لبنان يحافظ على استقرار أمني على الضفة الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، مقارنة مع الأوضاع الأمنية في فلسطين وسوريا".

قد لا يتأثر مطار بيروت بحادثة إفلاس شركة، أو تخفيض أخرى لعدد رحلاتها من وإلى بيروت، لكن استمرار الوضع الداخلي للبنان، وللمطار، على ما هو عليه اليوم، قد يُفقد المطار ثقة المسافرين به، خصوصاً وأن سمعة البلاد السياسية والاقتصادية لم تعد مصدر جذب للمستثمرين والسياح. وهذا الأمر ينقل الأزمة من تعثّر رحلات بعض الشركات والمسافرين إلى تعثّر حركة المطار ككل.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024