عزة الحاج حسن
هذا الواقع لم يخفه نقيب المستشفيات سليمان هارون. فقد أكد في حديث إلى "المدن" أن المستشفيات لم تعد تستقبل عناصر قوى الأمن الداخلي لأسباب مادية "فالمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي يترتب عليها مبالغ مالية تعود إلى 3 سنوات سابقة لصالح المستشفيات". ويبرّر هارون قرار المستشفيات بعدم استقبال قوى الأمن الداخلي بسبب آخر "يعود إلى احتساب التعرفات الاستشفائية وفق سعر صرف 3900 ليرة للدولار". وهو ما لم تعد تقبل به المستشفيات، التي تحتسب فواتيرها وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء (ويقارب حالياً 30000 ليرة للدولار).
يدافع هارون بشكل غير مباشر عن المستشفيات، بتأكيده أنها لا تزال تستقبل مرضى قوى الأمن الداخلي ذوي الحالات الحرجة، وتُحمّلهم فارق قيمة الفواتير بعد احتسابها على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وتتخلّف فقط عن استقبال باقي الحالات غير الحرجة.
لكن في واقع الأمر، فإن المستشفيات لم تعد تستقبل أي حالات لمرضى قوى الأمن الداخلي، لا حرجة ولا غير حرجة. إنما تفرض عليهم كامل الفواتير المقوّمة أصلاً بالدولار. بمعنى آخر، لم يعد هناك من تغطية صحية لعناصر قوى الأمن الداخلي، لاسيما أن تعرفة طبيب أو أي دواء باتت تساوي راتب العنصر، فكيف به أن يحظى برعاية صحية في مستشفى خاص؟
حلول بالمفرق
وليست حالة زوجة المؤهل في قوى الأمن الداخلي ع.ف. إلا دليل على نفاق المستشفيات وممارساتها غير الإنسانية بحق مرضى قوى الأمن الداخلي وعموم المرضى. فقد تعرّضت المريضة المذكورة لـ"ذبحة قلبية"، فتم إدخالها إلى إحدى مستشفيات منطقة صور الجنوبية بحالة طارئة. أجرت لها المستشفى العلاجات اللازمة، أخضعتها لعملية جراحية ولم يتم التقصير معها على مستوى الطبابة والاستشفاء. ولكن عند سداد الفاتورة لم تعترف المستشفى بتغطية المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. وبالتالي، فرضت على ذوي المريضة سداد كامل الفاتورة المقومة وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء، والبالغة 48 مليون ليرة. وعند اعتراض زوج المريضة على الفاتورة، وإصراره على أنه مغطى صحياً من المديرية، خفضت إدارة المستشفى الفاتورة إلى 45 مليون ليرة. فلم يكن من ع.ف. سوى اللجوء إلى وساطات وتدخلات من بينها عميد الطبابة في المنطقة، الذي توصل مع المستشفى إلى حل وسطي يقضي بسداد 10 مليون ليرة!
حالة ع.ف. ليست الوحيدة. فغيره كثر يعانون مع المستشفيات ويعجزون عن سداد فواتيرهم. ويؤكد مصدر رفيع في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، في حديث إلى "المدن": "نسعى بأقصى ما يمكننا من جهود لحل الأزمة الاستشفائية للعناصر الأمنية وعائلاتهم، لكن الوضع بالغ الصعوبة. والمستشفيات تصر على تقاضي كافة مستحقاتها، إضافة إلى رفع التعرفة الاستشفائية، في حين أن لا أموال ولا حلول واضحة في المدى المنظور".
ويضيف: "نحن نعمل لكامل المجتمع. ألا نستحق أن تتعاون معنا المستشفيات في هذه المرحلة؟". يسأل المصدر، ويقول إن قوى الأمن الداخلي لا تملك المستشفيات، ولا يتعدى متوسط رواتب عناصرها 35 دولاراً بحسب سعر صرف الدولار، ولا تغطية استشفائية لهم ولعائلاتهم اليوم. مؤكداً أن الحلول الشاملة غائبة، ويتم التعامل مع كل حالة على حدة. ولا أفق لهذه الأزمة.