فقراء لبنان والعراق يلجأون للعلاج الرخيص في سوريا

رولا عطار

السبت 2019/03/30

عادت سوريا لتكون مقصداً للعلاج الطبي من دول عدة. يشير أطباء إلى أن مرضى من لبنان والعراق، وحتى من المغتربين السوريين، يتوجهون إلى سوريا لإجراء عمليات جراحية، أو معاينات طبية. والسبب، هو انخفاض تكاليف العلاج، مقارنة بدول الجوار. فقد يبلغ فارق العملية الجراحية بين سوريا ولبنان، على سبيل المثال، نصف القيمة.

موافقات أمنية وجولات دينية
مرضى كثيرون باتوا يسافرون من لبنان إلى سوريا للعلاج، بسبب انخفاض التكاليف. تقول ياسمين (فلسطينية مقيمة في لبنان): "بما أن خدمات الضمان الاجتماعي والتأمين لا تشملنا كفلسطينيين في لبنان، بالإضافة إلى أن تكلفة العلاج مرتفعة جداً. ونظراً لأوضاعي المادية، قررتُ أخذ ابنتي إلى سوريا، لإجراء عملية جراحية في الأنف، ستكلفني 3000 دولار، فيما لو كنت سأجريها  في لبنان فقد تصل تكلفة العملية عينها إلى 6000 دولار". وتضيف ياسمين: "بعد الانتهاء من هذه العملية، أنوي أيضاً إجراء علاج آخر عند طبيب الأسنان".

صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت إحدى الطرق لجذب الزبائن المرضى، من لبنان والعراق إلى سوريا. وتقدم "صفحة عمليات تجميل في سوريا" وغيرها، برامج للسياحة العلاجية في سوريا، لاسيما للقادمين من العراق. تتضمن العروض تأمين الموافقات الأمنية، وحجوزات الطيران، والاستقبال في المطار، مع الإقامة في الفندق، وجولات دينية بأسعار رخيصة. كما يتم التكفل في بعض الحالات بقيمة العلاج والتحاليل، للقادمين من لبنان (طرابلس والجنوب).

أطباء مهرة بأجر أقل
يقول جراح التجميل الدكتور مصطفى أحمد: "السبب الأول الذي يدفع أي مريض للقدوم إلينا هو الجانب  المادي بالطبع، ولتخفيف التكاليف. لكن العامل الأهم أيضا برأيي هو خبرة الجراحين السوريين، ولأن نوعية العمليات ونتائجها أفضل بكثير في سوريا مقارنة بأماكن أخرى. النتائج هي الأساس، ثم يأتي العامل المادي في المرتبة الثانية. وقدوم المرضى من الخارج لا يشكل فائدة مادية، بقدر ما هو أمر معنوي أن يأتينا مرضى من خارج القطر. والملاحظ أن العراقيين أكثر من اللبنانيين، كما يقصدنا المغتربون السوريون. ويتوقع أحمد أن ترتفع في فترة قريبة تكاليف العمليات الجراحية في سوريا، لتتقارب مع الدول المجاورة، بسبب التضخم. أما بالنسبة لكلفة المواد المستخدمة في العمليات الجراحية، فهي في الوقت الحالي مماثلة للدول الأخرى. لكن ما يجعل المريض القادم من الخارج يلاحظ فروقاً بالتكلفة، هو المقابل المادي الذي يتقاضاه الجراح السوري. وكذلك، فكلفة الإقامة في المشفى منخفضة. وعلى سبيل المثال، يُسعّر بروتيز الثدي لعملية تكبير الثدي سواء كان من نوعية فرنسية أو أميركية أو ألمانية، بالكلفة ذاتها في بيروت وبغداد وعمان ودمشق. لكن أجرة الجراح مهما ارتفعت، تبقى أقل من دول الجوار. ولا توجد أرقام محددة عن أعداد المرضى. ويقدّر أحمد أنه يعاين ما بين 50-100 مريض غير سوري. والنسبة الأعلى لمرضاه هم من العراقيين ثم اللبنانيين.

وكالات وسماسرة
توافد العراقيين إلى سوريا بات يندرج تحت مصطلح السياحة الطبية العراقية. وهو يشكل دخلا إضافياً للطبيب، كما يقول طبيب سوري فضل عدم ذكر اسمه. وما يدفع المرضى العراقيين للمجيء إلى سوريا هو "تميز الجراحين السوريين خصوصاً في عمليات التخلص من البدانة، ووجود فروق واضحة بالأسعار مقارنة بلبنان. فعلى سبيل المثال، تكلف عملية قص المعدة في سوريا 2000 دولار، بينما في لبنان تتراوح بين 10-12 ألف دولار. وازداد قاصدو العلاج في سوريا، بعدما تحسنت الأوضاع الأمنية. ويشير الطبيب إلى هذا أن الوضع خلق منافسة بين الأطباء على تخفيض أسعار العمليات الطبية. ويأتي العراقيون إلى سوريا من عبر وكالات سياحية ومكاتب وسماسرة أو كجزء من خدمات فنادق "الست زينب"، حيث توضع لوحات إعلانية تتضمن أسعار الأطباء والمشافي، أو عن طريق سائقي السيارات.. الذين يحصّلون عمولة محددة يتقاضونها. فمثلاً، المكتب الذي يسهل قدوم المرضى يتقاضى ما بين 50-100 دولار عن كل مريض، من الطبيب أو المشفى.

وعلى طريق دمشق بيروت ستصادف الكثيرين المتوجهين إلى سوريا للعلاج. مجد القادري واحد منهم. يعاني من مرض السكري، الذي أثّر على نظره، وأصبح بحاجة لعملية جراحية تكلفتها في لبنان 3000 دولار، بينما في سوريا  لن تتجاوز تكلفة العملية 1000 دولار.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024