مؤسسة مياه لبنان الجنوبي.. أين تذهب أموال الغرامات؟

خضر حسان

الجمعة 2018/12/07
جملة من محاضر المخالفات تسطّرها مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، بحق من تعتبرهم مخالفين للقانون، في ما يتعلّق بالتصريح عن حجم المياه المستهلكة، في كل وحدة سكنية. في حين ان المتضرّرين يعتبرون إجراءات المؤسسة، ظالمة، وتكيل بمكيالين، إذ تسجّل محضراً بحق مُخالِف، وتتغاضى عن آخر. 

أرباح للموظفين!
ويأتي الإمتعاض من ممارسات المؤسسة، في ظل السكوت عن إنتشار الفوضى في حفر الآبار الارتوازية والإستفادة منها بطرق غير شرعية، فضلاً عن تحوّل عدد من موظّفي المؤسسة إلى "سماسرة" يتقاضون أموالاً لجيبهم الخاص، لقاء التستّر عن بعض المخالفات، خصوصاً من قبل أصحاب المصالح التجارية او النافذين، حسب المناطق التي يشملها نطاق عمل المؤسسة، وهي قرى صيدا، صور، النبطية، جزين، بنت جبيل، ومرجعيون.

تذمّر بعض المواطنين المتواصل منذ إنطلاق حملة قمع المخالفات، والتي بدأت منذ نحو خمسة أشهر، تطوّر إلى التساؤل حول المستفيد الحقيقي من تلك الحملة. إذ يشير بعض المتضررين في حديث إلى "المدن"، إلى أن "هذه الحملة هدفها تحصيل أموال يستفيد منها كبار الموظفين في المؤسسة، والذين يحصلون على نسبة من الأموال المُحصّلة عن كل مُخالفة. فضلاً عن أنّ المؤسسة تُلزِم أصحاب الوحدات السكنية بزيادة حجم إشتراكهم في المياه، وهو أمر مخالف للقانون".
ودعت المصادر مؤسسة مياه لبنان الجنوبي إلى "ملاحقة من يحفر الآبار العشوائية، والتدقيق في إستفادة أصحاب المشاريع السياحية من المياه بصورة غير قانونية، قبل محاكمة المواطنين". وأضافت أن على المؤسسة "توفير المياه بشكل كافٍ، قبل الطلب من المواطنين دفع المتوجّبات، أو الإلتزام بتقديم طلبات الحصول على المياه، بشكل منتظِم".

الالتزام بالقانون

تنفي مؤسسة مياه لبنان الجنوبي تقاضي أي أموال نتيجة تحصيل المخالفات. وتؤكّد مصادر إدارية في المؤسسة، في حديث إلى "المدن"، أن "القانون يُجيز تقاضي جزء من الأموال المحصّلة كنوع من الحوافز، لكن رئيس مصلحة المؤسسة وسيم ضاهر، يضع كل الأموال في صندوق المؤسسة".
"لا تغاضي عن أي مخالفة" تقول المصادر. "قد يتوقّف موظّف المؤسسة عند أحد البيوت، ولا يُتابع جولته على باقي البيوت، نظراً لإنتهاء دوامه، لكنه يُعاود متابعة جولته في اليوم التالي، لكن البعض يعتبر ذلك كنوع من التغاضي عن بعض المخالفات، وهذا أمر غير صحيح، فكل المُخالفات ستُسجّل في محاضر الضبط، لكن المسألة مسألة وقت لا أكثر".

وتشرح المصادر ان "المؤسسة لا تُجبر أصحاب المنازل على توسيع حجم إشتراكاتهم. وإنما تُدقق في هوية المشتركين وفي صحة إشتراكهم بالكمية المحددة قانوناً". وتجدر الإشارة إلى أن نظام إستثمار مؤسسة مياه لبنان الجنوبي الصادر في المرسوم 14601 تاريخ 26-5-2005، يحدد كميات المياه التي يمكن ان تعطى بواسطة العداد او العيار في المادة 30 منه. وفيما خص الأماكن السكنية والمحلات التجارية، حدد المرسوم تلك الكمية بمتر مكعب يومياً كحد أدنى للوحدات التي تقل مساحتها عن 200 متر مربع. ومترين مكعب يومياً للوحدات التي تتراوح مساحتها بين 200 و300 متر مربع. وثلاثة أمتار عن المساحة التي تزيد عن300 متر مربع.

تضارب المصالح
إنطلاقاً من المرسوم، "تمنع المؤسسة أصحاب المنزل الذي شُيّد فوق منزل آخر، من الإستفادة من المياه المخصصة للمنزل الأقدم، وتجبرهم على تقديم طلب جديد خاص بمنزلهم، بما يتناسب مع مساحته. فلا يُعقل أن تستفيد ثلاثة منازل من مياه مخصصة لمنزل واحد، وبمقدار متر مكعب واحد". وتتساءل المصادر "هل يكفي المتر المكعب الواحد لثلاثة منازل، أم أن هناك إستفادة غير مشروعة من شبكة المياه؟". وأيضاً: "هناك حالات إشتراك بمقدار متر مكعب واحد، في فيلاّ ضخمة، مسجّلة على انها لمساحة تقلّ عن 200 متر مربع. وهناك حالات في أبنية سكنية مؤلفة مثلاً من خمس طبقات، فيها منزلين أو ثلاثة مشتركين بحجم متر مكعب واحد من المياه، لكن تستفيد كل المنازل من المياه، بعد ان يُملأ الخزّان الرئيسي للمبنى. تتدخّل المؤسسة هنا لتُجبر كل صاحب منزل على تقديم طلب خاص للحصول على المياه".

تضارب واضح بين مصلحة مؤسسة مياه لبنان الجنوبي وبين مصلحة بعض المواطنين، الذين يرفضون أي إجراءات لا ترتبط بإصلاحات جذرية، تُفضي إلى تأمين حقّهم بمياه كافية من ناحية الكميّة، ومطابقة للمعايير الصحيّة من ناحية النوعيّة. وهو حال كل القطاعات التي لا تُقدّم خدماتها للمواطنين بالصورة الملائمة التي تُحفّز المواطن على دفع الضرائب بإنتظام.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024