السفن تتجه شمالاً: الحياة تدب في مرفأ طرابلس

جنى الدهيبي

الأربعاء 2020/08/12

على متن إحدى البواخر العملاقة، يبدو مشهد مرفأ طرابلس متأهباً للعمل بأعلى مستوياته، لا سيما بعد الفاجعة الكبرى التي أصابت بيروت بانفجار مرفئها، في 4 آب 2020. عشرات البواخر تصل إلى أرصفة المرفأ. العمال "يفلحون" ذهابًا وإيابًا على مدار 18 ساعة. شاحنات تحمل القمح وبضائع أخرى. ومحطة الحاويات تستمر في نشاطها.  

في السنوات الأخيرة، كان القائمون على مرفأ طرابلس يصبّون قصارى جهدهم لتوسيعه وتطويره وتحسينه، تقنيًا ولوجستيًا وخدماتيًا. وخلال هذه المرحلة، كان السجال الخفي وغير المباشر بين الأطراف المتنازعة على أدوار المرافئ في لبنان، يقحمها في الصراع السياسي والمناطقي و"المركزي" وربما الطائفي أيضًا. وهو ما يعكس أنّ أحد شعارات "التراجيديا الشمالية"، تصبّ بالاعتقاد أنّ الشمال يُحارَب بتعطيل "ميماته": مطار، مرفأ، محطة ومعرض..  

والطموح الكبير في مرفأ طرابلس، بلغ مستوى وضع خططٍ استراتيجية للمشاركة مستقبلًا في مشروع إعادة سوريا، وأن موقع المرفأ الاستراتيجي، قد يجعله رئةً إضافية للبنان، لا سيما أنه قادر على مدّ جسور تصل إلى أسواق العراق والأردن وسوريا.  

مواصفات المرفأ  
تبلغ المساحة الإجمالية لمرفأ طرابلس نحو 3 مليون متر مربع، منها 2200000 م2 مساحة مائية و320000 م2 مساحة أرضية و420000 م2 مساحة الردم المحاذية للمرفأ الحالي، والتي تضم منطقة رصيف الحاويات والمنطقة الاقتصادية الحرة المنتظرة. ويمتلك المرفأ بوابتين: البوابة الأولى تضمّ 4 مداخل مخصصة فقط للحاويات، وهي مقابل الأوتستراد الدولي باتجاه بيروت وسوريا. والبوابة الثانية، تتألف من 7 مداخل، وهي مخصصة للأعمال الأخرى.  

كذلك، تبلغ مساحة رصيف الحاويات 15,2 مترًا مربعًا، قادر على استقبال سفن حتى طول 360 متراً، ويصل عمق رصيف الحبوب لنحو 15 مترًا. أمّا عن قدرته الاستيعابية، فإن مرفأ طرابلس يستقبل سنويًا نحو 2 مليون طن، بينما هو قادر على استقبال 5 مليون طن، ويستقبل سنويًا نحو 80 ألف حاوية، في وقتٍ يستطيع استيعاب 300 ألف حاوية.   

هذه المعلومات يسردها لـ"المدن" مدير مرفأ طرابلس أحمد تامر. ويشير أن المرفأ تأهب على الفور لمساندة مرفأ بيروت بعد الانفجار الكبير الذي ضربه، واستطاع أن يستقبل حتى الآن 7 سفن كانت تتجه إلى مرفأ بيروت قبل تدميره. ومؤخرًا، انتشرت أخبار أنّ ثمّة بواخر تُمنع من الدخول إلى مرفأ طرابلس. لكن تامر يوضح أن هناك 5 بواخر في البحر ما زلت تنتظر دورها، للحصول على موافقة مصرف لبنان، بما يخصّ كلفة معاملتها على سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة مقابل الدولار الواحد، وأنّ الموافقات بدأت تصدر تباعًا وهي في طريقها إلى أرصفة المرفأ واحدة تلو الأخرى.  

تكامل المرافئ
المميزات التي يتمتع بها مرفأ طرابلس، وفق تامر، تؤهله للعب دورٍ أساسي ومحوري في لبنان، وتحديدًا بعد انفجار مرفأ بيروت، وأنّ هذا الدور قد يأخذ طابعًا تكامليًا مع المرافئ الأخرى، وبناء على الخطة التي جرى الاتفاق حولها مؤخرًا في وزارة الأشغال العامة والنقل، تحت شعار "التكامل بين المرافئ". أما التحديان الأهم اللذان يواجههما مرفأ طرابلس، فيكمنان بضرورة تفعيل المنطقة الاقتصادية، إلى جانب تفعيل خط الترانزيت.  

وفي سياق آخر، يواجه مرفأ طرابلس بعض "العراقيل" المتعلقة بالروتين الإداري والجمركي، إلى جانب محدودية عدد العمال على الأرض، وهم لا يتجاوزون الـ40 عاملًا. من جهته، يؤمن تامر أن انطلاق مرفأ طرابلس، يحتاج إلى تبني وطني بالدرجة الأولى، ووضع خطة استراتيجية تكاملية مع المرافئ الأخرى، وإلا قد تذهب جميع الجهود سدى.  

وفيما جرى الحديث في اليومين الفائتين عن استعادة مرفأ بيروت لنحو 80 في المئة من قدرته التشغيلية في محطة الحاويات، يعتبر رئيس إدارة محطة الحاويات في طرابلس GULFTAINE انطوان عمطوري، أنّ ثمّة "تجارة دعائية يجري الترويج لها"، ويشير لـ"المدن" أنّ قبل الحديث عن نسبة استعادة القدرة التشغيلية لمرفأ بيروت، لا بد من إجراء عملية فحص دقيقة للبنية التحتية للمرفأ، مع إجراء عملية فحص ومسح شاملة للبحر والأرصفة المحيطة بمحطة الحاويات للتأكد من عدم تأثرها بالانفجار، و"إلّا يكون الهدف من هذا التسرّع هو قطع الطريق على تفعيل المرافئ الأخرى في هذه الأزمة الوطنية الكبرى التي يعيشها لبنان".  

هذا، وقد دعا تامر الدولة إلى بناء صوامع قمح (إهراءات) في مرفأ طرابلس على مساحة جاهزة تبلغ 36 ألف متر مربع، "حتى لا يبقى الأمن الغذائي في لبنان مهددًا بعد دمار إهراءات مرفأ بيروت". 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024