الوطني الحر.. يُفشل انتخاب مجلس إدارة الضمان

عزة الحاج حسن

الجمعة 2018/01/26

عندما أطلق وزير العمل محمد كبارة مطلع شهر كانون الثاني 2018 وعداً بتنفيذ خطة اصلاحية تعيد تفعيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لم يكن الخلاف السياسي قد تعمّق كما هي الحال اليوم. ولم يكن الوزير كبارة، على ما يبدو، على علم بأن المحاصصات السياسية والطائفية هي المظلّة الوحيدة التي تظلل القرارات والاستحقاقات في مؤسسات الدولة، لاسيما صندوق الضمان.

أول الوعود التي أطلقها كبارة لإصلاح الضمان الاجتماعي هي تعيين مجلس إدارة جديد في أسرع وقت ممكن، والطلب من الهيئات الاقتصادية والعمالية تسميةَ ممثّليهم في مجلس الإدارة، الذي يتألّف من 10 أعضاء لكل جهة من طرفي الانتاج، على أن تُعيّن الحكومة 6 أعضاء يمثّلونها في مجلس الإدارة. الدعوة حصلت فعلاً في 8 كانون الثاني من قبل وزير العمل لكنها سُحبت بعد 17 يوماً، أي مساء الخميس في 25 كانون الثاني. بالتالي، لا مجلس إدارة جديداً للضمان الاجتماعي إلى أجل غير مسمى.

بعد دعوة الوزير كبارة الهيئات الإقتصادية والعمالية لتسمية مندوبيها في مجلس إدارة الضمان، عمد الاتحاد العمالي العام إلى دعوة الاتحادات إلى تحديد مندوبيها وتفويضهم انتخاب مندوبي الاتحاد العمالي العام الـ10 كأعضاء لدى مجلس إدارة الضمان الاجتماعي. وحدد الاتحاد العمالي موعداً لانتخاب الأعضاء صباح الجمعة في 26 كانون الثاني.

لكن عشية يوم الجمعة، تلقى رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر اتصالاً من الوزير كبارة أبلغه فيه قرار تأجيل تعيين مجلس إدارة الضمان، وتالياً تأجيل انتخابات الاتحاد العمالي. والسبب: "إفساحاً بالمجال لمزيد من الدرس في سبيل تحقيق التوازن الوطني"، وفق ما نقل الأسمر عن لسان الوزير كبارة. إلا أن الأسمر بدا عليه في حديث إلى "المدن" عدم الرضا عن قرار التأجيل وقال إن "قرار تأجيل الاتتخابات جاء في غير محله".

وكان من المفترض أن ينتخب الاتحاد العمالي مندوبيه بعد توافق جميع الاتحادات التي تمثل التيارات السياسية في البلد، من دون الوقوع في أي تجاذب سياسي، وفق الاسمر. فالتجاذبات السياسية يجب أن ترتبط بتعيين ممثلي الدولة الـ6 وليس كافة الأعضاء. ووصف الأسمر استمرار مجلس إدارة الضمان الحالي بعد 16 عاماً على انتهاء ولايته القانونية بـ"الأمر المعيب".

كذلك الأمر بالنسبة إلى الهيئات الإقتصادية. إذ كانت القطاعات الإنتاجية قد باشرت منذ أيام انتخاب مندوبيها إلى مجلس إدارة الضمان قبل أن تتلقى تعليمات الوزير كبارة بتعليق الأمر افساحاً في المجال لمزيد من المشاورات، ليتبيّن وفق مصدر لـ"المدن" أن قرار تعليق تعيين مجلس الإدارة يعود إلى السبب عينه الذي يقف وراء إفشال وتعطيل غالبية قرارات الضمان، لاسيما التعيينات منها، وهو عدم حصول التيار الوطني الحر على حصة موازية أو متوازنة مع حصص التيارات السياسية الأخرى، خصوصاً حصة حركة أمل.

لكن الصراع السياسي في ملف الضمان الاجتماعي من الصعب أن يصب لمصلحة التيار، ولن ينتج عنه سوى مزيد من التعطيل، وفق المصدر، لاسيما أن مندوبي العمال الـ10 ينقسمون مناصفة بين المسلمين والمسيحيين ويمثلون كل من حركة أمل وحزب الله وتيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب السوري القومي الاجتماعي في حين يغيب التيار كلياً عن ممثلي العمال.

وليس الوضع بين مندوبي الهيئات الإقتصادية أفضل. فالمندوبون الـ10 يمثلون أكثر من تيار سياسي بينهم المستقبل، التيار وحركة أمل والقوات. والنتيجة أن حصة التيارفي مجلس إدارة الضمان لن تكون وازنة وفق التقسيمات الحالية، وكان الحل بتعطيل انتخاب مجلس إدارة جديد بالتدخل لدى وزير العمل إلى حين تأمين التوازن الطائفي والسياسي. أو كما يحلو للبعض تسميته "التوازن الوطني".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024