كاميرات وزارة التربية: هل من صفقة؟

عزة الحاج حسن

الجمعة 2019/04/12
ليس غريباً ان ينصرف وزير التربية أكرم شهيب عن جوهر الأزمة، ويتلهى بالقشور. فهذا حال غالبية زملائه في حكومة "إلى العمل". تستعصي عليهم حلول الأزمات فينتجون قرارات لا تمت منافعها، في حال تواجدت، بأي صلة بحلول الأزمات المتراكمة..

والحال أن وزير التربية أراد إعادة الإعتبار للشهادة الرسمية، عبر مكننة مراقبة الامتحانات الرسمية. وكأن "السوس" الذي ينخر المؤسسة التربوية، بدءاً من المناهج المتأخرة، مروراً بالمباني المتهالكة وغير المجهزة، ووصولاً الى شبه انعدام التفتيش التربوي، وكأن كل ذلك يبدأ حلّه من مراقبة الإمتحانات الرسمية عبر الكاميرات.



خطوة معاكسة
وزير التربية اتخذ القرار بتركيب كاميرات مراقبة، في كل مراكز الامتحانات الرسمية للشهادات المتوسطة والثانوية. قد يكون مصيباً في الحد من عمليات التسريب والغش في الامتحانات الرسمية ولكنه من دون شك خطى خطوة في الإتجاه المعاكس لإعادة انتظام عمليات المراقبة والتفتيش.

بداية، وقبل التطرق إلى الأسباب التي تقف وراء قرار تركيب كاميرات مراقبة، لا بد من الوقوف عند رأي إحدى المعنيات في الشأن التربوي، والتي فضّلت عدم الكشف عن اسمها، ترى في عملية تركيب كاميرات المراقبة وسيلة من وسائل الضغط الإضافية على الطلاب في الامتحانات الرسمية، لاسيما انهم يتعرّضون لضغوط نفسية من الامتحانات بطبيعة الحال. وكذلك من  جراء تواجدهم  في مدارس جديدة عليهم وتقوم بحراستها عناصر أمنية.

وتسأل "هل المقصود خفض نسب الناجحين في الامتحانات الرسمية؟ أم أن هناك صفقة من عملية شراء الكاميرات؟" سؤال مشروع في ظل الفساد المستشري في البلد. لكن، لا إجابة عليه في الوقت الراهن، إنما الأيام المقبلة ستجيب عليه. كما ستُثبت مدى تأثير وفعالية تركيب الكاميرات في مراكز الامتحانات الرسمية.

المتعاقدون
البعض تخوّف من أن تركيب كاميرات مراقبة في مراكز الامتحانات، سيدفع بالوزارة إلى الاستغناء عن خدمات الأساتذة المتعاقدين في المراقبة. غير أن مصدراً في وزارة التربية أكد، في حديث إلى "المدن"، أن الاستعانة بالمتعاقدين لن يتوقف وهو مرتبط بالنقص الذي قد يخلّفه أساتذة الملاك في مراقبة الامتحانات الرسمية.

كذلك رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، نزيه الجباوي، أكد في حديث إلى "المدن"، عدم ارتباط قرار الكاميرات بموضوع الاستعانة بالمتعاقدين، مشدداً على ضرورة ضبط الامتحانات الرسمية، لاسيما أن بعض المراكز يتخللها تجاوزات كثيرة وفوضى يجب تداركها، حرصاً على مستوى الشهادة الرسمية.

وإذ ذكّر الجباوي بالنقص الفادح بعدد المفتشين التربويين، لفت إلى أن الكاميرات ستساهم في تعزيز عملية المراقبة، ورفع مستوى الشفافية في التعاطي مع الإمتحانات الرسمية.

وهنا بيت القصيد، فوزارة التربية تعاني فعلاً من نقص فادح بعدد المفتشين التربويين، ويبلغ عدد المفتشين نحو 17 فقط موزعين على 1700 مدرسة تقام فيها الإمتحانات الرسمية، ما يجعل مهمة التفتيش مهمة شبه مستحيلة.

تهميش التفتيش
وفي مقابل النقص الحاصل في التفتيش، هناك 52 مفتشاً تربوياً نجحوا عام 2017 في امتحانات مجلس الخدمة المدنية، لم يتم تعيينهم. والسبب، عدم وجود توازن طائفي بين الناجحين! إذ يبلغ عدد المسيحيين بين الناجحين نحو 15 والباقي موزعين على الطوائف الإسلامية. ولم تمنع تفاهة السبب عرقلة تعيين المفتشين.

ولكن حين قرر وزير التربية التصدي للفساد في وزارته، وبدأ من ضبط الفوضى في الامتحانات الرسمية، وإقرار تركيب الكاميرات.. ألم يكن حرياً به المطالبة وممارسة الضغط في سبيل تعيين المفتشين التربويين، الذين يشكل تعيينهم حلاً لنقص الرقابة في الامتحانات، بدلاً من تركيب كاميرات مراقبة، لا طائل منها سوى هدر الأموال، و"ربما" تنفيع شركات ومحسوبيات؟

ولابد هنا من الإشارة إلى أن تعيين المفتشين الجدد الـ52، لن يشكل عبئاً مالياً كبيراً على الوزارة. إذ أن الناجحين هم من ملاك الوزارة، وليسوا موظفين جدد، في حين ان تركيب الكاميرات يجب أن يُستتبع بتكليف كوادر بشرية، لإجراء صيانة دورية للكاميرات، وكوادر للتفرّغ لمراقبة الشاشات المربوطة بالكاميرات.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024