عقد العمل الموحّد للعاملات لا يمحو عار "نظام الكفالة"

عزة الحاج حسن

الأربعاء 2020/09/09
تلازم إسم لبنان في الخارج على امتداد السنوات، بصورة المسيئ والمنتهك لحقوق الإنسان، كرّسها "نظام الكفالة" وغياب القوانين الراعية للعمالة الأجنبية، والممارسات اللاإنسانية التي مورست في الكثير من الحالات بحق عاملات وعمال أجانب، أضف إلى تجريد قانون العمل اللبناني لفئة واسعة من العمال تقدر بعشرات الآلاف من صفة الأُجَراء، ما يحرمهم من حقوق مشروعة.

كثيرة هي الممارسات التي قام بها معظم وزراء العمل السابقين، وساهمت بشكل مباشر في تجريد مختلف الفئات العمالية من حقوقها، وأشاعت التنكيل بأكثر تلك الفئات ضعفاً، وهي فئة العمالة المنزلية. فشرّعوا آلاف مكاتب استقدام العاملات، وتغاضوا عن تحوّل العديد منها إلى ما يشبه مكاتب الإتجار بالبشر. قلة قليلة جداً من وزراء العمل حاولوا كسر حلقة استعباد العمال الأجانب ولم يفلحوا. حتى أن وزيرة العمل الحالية في حكومة تصريف الأعمال استهدفت من خلال إصدار عقد العمل الموحّد تحسين حال العمالة الأجنبية، وتنظيمها، وإسقاط أبرز صفات الاستغلال عن صورة لبنان أمام المجتمع الدولي، أي "نظام الكفالة"، لم تُفلح كما كان يأمل البعض. لكنها من دون شك حقّقت تقدّماً في مسار إلغاء نظام الكفالة. فهل يُعد ذلك كاف؟

تفكيك لا إلغاء 
لم تدّعِ المديرة العامة لوزارة العمل، مارلين عطالله، أن عقد العمل الموحد الخاص بالعاملات والعمال في الخدمة المنزلية هو إلغاء لنظام الكفالة على الإطلاق، إنما هو خطوة أساسية للسير في طريق إلغاء نظام الكفالة وتفكيكه، وفق ما تقول في حديثها لـ"المدن". عملية التصحيح أو التمهيد لإلغاء نظام الكفالة من دون إلغائه فعلياً، عرّضت عقد العمل الموحّد إلى الكثير من الإنتقادات، ومنها على لسان المدير التنفيذي للمرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين، الدكتور أحمد الديراني، الذي يرى في حديثه إلى "المدن" أن الحديث عن تفكيك نظام الكفالة من دون إلغائه لا قيمة له. فإصلاح أوضاع العمال وإسقاط صفة الإستعباد عن قانون العمل اللبناني، لا يمكن ان يبدأ سوى من إلغاء نظام الكفالة، وإلغاء المادة 7 من قانون العمل اللبناني (وهي التي تستثني العمالة المنزلية).

إلغاء نظام الكفالة، وفق عطالله، يستلزم العديد من الإجراءات "ونحن بدأناها بإقرار عقد العمل الموحّد. كما تم تعديل مشروع قانون لإلغاء المادة 7 من قانون العمل، التي تستثني العمالة المنزلية من الخضوع لقانون العمل اللبناني"، تقول عطالله.

ثغرات عقد العمل الموحد
تلك الخطوة المتقدّمة بنظر وزارة العمل بدت غير ذات قيمة فعلية، بعد تفنيدها من قبل المدير التنفيذي للمرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين. فما يعتبره عقد العمل الموحّد وفق الديراني تسهيلات لجهة تسليم الأوراق للعاملة، وعدم الإساءة، وحرية التحرك.. وغير ذلك، لا تتجاوز كونها بديهيات المعاملة الإنسانية. إنما الخلل يكمن في بعض النقاط الأساسية، ومنها حق فسخ عقد العمل. ففي ذلك تعمية "إذ أن موضوع فسخ عقد العمل يجب أن يستلزم موجبات، خصوصاً في حال كان فسخ عقد العمل يعود إلى إساءة المعاملة. ووفق هذه الحالة، تعتبر المادة 50 من قانون العمل فسخ العقد صرفاً تعسفياً، وهو ما يوجب على صاحب العمل إعطاء شهر إنذار للعامل وتعويض صرف تعسفي"، يقول الديراني. كما أن المادة 50 من قانون العمل وفي حال قررنا فسخ العقد، تجيز للأجير أن يفتش عن عمل آخر خلال فترة شهر الإنذار. وهو ما لم يجزه عقد العمل الموحّد الجديد.

أما الطامة الكبرى فتكمن في غياب الآلية الضامنة لحسن تطبيق العقد، خصوصاً أن وزارة العمل تفتقر للقدرة على ذلك. كما أن قانون العمل اللبناني يفرض تسجيل العامل في الضمان الاجتماعي، ليستفيد من فروعه الثلاثة. لكن العامل الأجنبي يسجل ولا يستفيد شيئاً من "الضمان".

من يراقب؟
نظرياً، يمنح عقد العمل الموحد العاملات والعمال الأجانب بعض الحقوق. لكن عملياً من هي الجهة المخوّلة مراقبة تطبيق العقد، واحتمال الإخلال به؟ توضح عطالله أنه سيتم توزيعه على كتاب العدل وترجمته إلى لغات العمال الأجانب. وسيتم فرض إطلاع العمال عليه قبل استقدامهم إلى لبنان. وتقول "عندما يكون هناك وضوح في الحقوق والواجبات، وإبلاغها للعاملة، فذلك يجنّبنا الكثير من المشاكل ويجنّب العاملة الوقوع في عملية خداع".

أما لجهة تحديد راتب العاملة المنزلية ابتداء من الحد الأدنى الرسمي  للأجور في لبنان، فالمقصود أن المبلغ الذي يتم الاتفاق عليه بين العاملة ورب العمل يخضع لحرية التعاقد. لكن يجب ألا يقل ذلك عن الحد الأدنى الرسمي للأجور أي 675 ألف ليرة، لكن وفق العملة التي يتم الاتفاق عليها في العقد. وغالباً ما تكون بالدولار الأميركي.

أبرز ما ورد في العقد الموحد
يتضمن عقد العمل الموحّد 15 مادة أبرز ما جاء فيه:
أن يتم الدفع للعاملة في نهاية كل شهر عمل كامل الأجر الشهري، ومن دون أي تأخير على أن لا يقل عن الحد الأدنى الرسمي للأجور.
تأمين غرفة خاصة منفصلة ومجهزة بقفل ويبقى القفل مع العاملة.
يحق للعاملة ممارسة الشعائر الدينية والعادات الثقافية.
تأمين الرعاية الصحية اللازمة والعناية بالأسنان عند الضرورة.
عدم إلزام العاملة بالقيام بأعمال قد تعرض صحتها أو سلامتها للخطر.
يلتزم رب العمل بالاستحصال على الوثائق القانونية من دون تكليف العاملة أي تكاليف.
تحتفظ العاملة بالوثائق، بما في ذلك جواز السفر أو الهوية وإجازة العمل وجواز الإقامة وبطاقة التأمين.
يحق للعاملة إجراء اتصالات وامتلاك الهاتف المحمول.
وتحدّد ساعات العمل الأسبوعية بـ48 ساعة كحد أقصى، أي بمعدل 8 ساعات يومياً.
تستفيد العاملة من الإجازة السنوية مدفوعة الأجر لمدة 15 يوماً بعد مرور عام على بدء العمل.
يجوز لأي طرف فسخ العقد بشكل أحادي، على أن يُعلم الفريق الآخر قبل شهر على الأقل.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024