الدولار المدعوم يطلق عمليات الاحتيال والسطو

لوسي بارسخيان

الأربعاء 2020/07/15
لا تعكس تقلبات سعر صرف الدولار السريعة في السوق السوداء منذ أيام، حقيقة العرض والطلب عليه. فعمليا كان يفترض بالسوق، وفقا لمصادر الصرافين، أن تتجه نحو استقرار أكبر مع بدء تطبيق الإجراءات لدعم سلة من المواد الغذائية والمواد الأولية. وخصوصا أن مجرد الحديث عن دعم قسم من الاستيراد، خلّف منحى تراجعيا في عملية الطلب على الدولار. وتوقع الصرافون أن يؤدي إلى استقرار في سعر صرف الدولار، أقله لأسابيع.  

حيرة الصرافين
لكن التلاعب الاصطناعي بسعر الصرف، ترك إرباكا كبيراً في سوق الصرافين، الذين وجدوا أنفسهم مربكين، لأول مرة منذ بدء أزمة الدولار، والتعامل به على نحو واسع في السوق السوداء. فمن تراجع سعر صرف الدولار الكبير يومي السبت والأحد 11 و12 تموز الجاري، إلى ارتفاعه مجدداً صباح الإثنين، ومن ثم تراجعه المفاجئ مساء النهار نفسه، تلاه مباشرة إرتفاع ... بدا أن صرافين كثيرين ما يعودوا يعرفون هل يشترون الدولار أم يبيعونه. وامتنع كثيرون، وخصوصا في تجمع شتورا، عن التعامل به.  

وبعدما اشتم البعض أن في ذلك محاولة للقضاء على صغار المضاربين، أو من يعرفون بسماسرة الدولار، متصيدي الزبائن على الطرق، وإغرائهم بأسعار أفضل من تلك التي حصلون عليها في محال الصيرفة، فيتسببون بالتالي بسوق مضاربة.

فائض الليرة
يشير كبار المتعاملين بصرف الدولار، إلى أن سبب التقلبات تعود بالدرجة الأولى إلى الكميات الضخمة وغير المنطقية من الليرة اللبنانية التي تضخ وتسحب من السوق من دون أي مبرر. وهذه باتت تشكل مؤشراً أساسيا لعملية تراجع بيع الدولار أو ارتفاعه.
أما أموال المغتربين، وإن بدأت تظهر في سوق الصرافين، فيؤكد الصرافون أن كمياتها ليست كفيلة بخلق مثل تلك الخضات التي شهدناها في الأيام الماضية، ويؤكدون أن ما ساهم باستفحالها، هو المنصات أو صفحات التواصل الاجتماعي، التي لا يُعرف من يقف وراءها، ولكنها تسيّر السوق في كثير من الأحيان على كم من شائعات تبثها، فيرتفع إقبال المواطنين على شراء الدولار متى اشتموا ارتفاعا في أسعاره، ليتهافتوا على بيعه كلما أوهم الناس بأن سعره بدأ ينخفض.

الدولار المدعوم
وسط هذا الإرباك، استمر بحث البقاعيين عن الدولار المدعوم من مصرف لبنان، الذي باشر صرافو الفئة الأولى بالتعامل به، تلبية لبعض الاحتياجات، ومنها تحويل الأموال للعاملات المنزليات، وللطلاب اللبنانيين في الخارج، ولمستأجري أو شاري المنازل بالدولار.

لكن هذا الدولار لا يبدو أنه وجد طريقه إلى منطقة البقاع حتى الآن. فمن بين المؤسسات المصنفة فئة أولى، واحدة فقط تفتح أبوابها حاليا. وهي مؤسسة شمس في شتورا، التي امتنع مصرف لبنان عن تزويدها بكوتا الدولارات المخصصة لصرافي الفئة الأولى، حتى تنضم إلى المنصة الإلكترونية المخصصة للصرافين. والسبب أن مؤسسة شمس موضوعة على اللائحة السوداء لوزارة الخزانة الأميركية التي اتهمتها بالتعامل مع حزب الله.

وعليه يقصد الكثيرون هذه المؤسسة بالعشرات يوميا، ظنا منهم أنهم يعثرون فيها على حقهم من الدولارات المدعومة أسوة بغيرهم من اللبنانيين في مختلف المناطق اللبنانية، ولكنهم لا يفاجؤون إلا بصد من أصحاب المؤسسة، الذين يؤكدون بدورهم أن المشكل ليس لديهم، وإنما في عدم تزويدهم بالدولار المدعوم.
لم يقتنع البقاعيون بهذه الحقيقة. فاشتكى بعضهم على المؤسسة إلى الأمن العام اللبناني، الذي بعد متابعته الموضوع مع مصرف لبنان، تبين له أن مؤسسة شمس لم تشترك فعليا بالمنصة.

الحرمان والسطو
هذا "الحرمان" الذي يعيشه البقاعيون من الدولار المدعوم دفع البعض إلى اللجوء إلى  أساليب ملتوية في تأمين الدولارات، بسعر أقل مما يمكن أن يتحملوه في السوق السوداء. وكان ذلك مقدمة لوقوع عدد منهم، وفقا لمصادر أمنية، في قبضة عصابات سلب وسطو على الأموال، تعرضت قبل أيام لأحد التجار، إلى جانب سجن زحلة للرجال لإتمام عملية تبادل، فتبين أنها لم تكن أكثر من محاولة تشليحه أمواله.

ونشطت حركة بيع الشيكات المصرفية، كحيلة يلجأ إليها كبار مودعي المصارف، لإخراج كميات من أموالهم، وإستبدالها بأموال طازجة. وذلك شكل فرصة للتحايل، عبر تزوير شيكات مصرفية لا يمكن تبين صحتها قبل أن تصل إلى مقاصة مصرف لبنان، لتعود إلى الزبون الذي اشتراها من دون رصيد.

بحسب القيمين على مؤسسة شمس، فإن محاولاتهم لا تزال جارية لإقناع مصرف لبنان، بضرورة مد البقاع بالدولارات المدعومة، أسوة بباقي المناطق. وفي انتظار الجواب النهائي، يجري تحويل عدد من الزبائن إلى صرافي الفئة الأولى في مناطق مختلفة، من دون أن يُعرف ما إذا كان هذا الامتناع عن مد المنطقة بالدولار مقصوداً، أم أنه متعلق فقط بتطبيق العقوبات الأميركية. خصوصاً أن الحديث مستمر عن استخدام سوق شتورا كسوق رديفة لسوريا، والتي بفرضها مئة دولار على كل مواطن يدخلها مقابل سعر الصرف الرسمي، يزداد الضغط على طلب الدولار في منطقة البقاع تحديدا، وخصوصا مع إعادة فتح معبر المصنع الحدودي السوريين الراغبين بالعودة إلى بلادهم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024