مولدات الكهرباء...صراع نفوذ في وزارة الاقتصاد يسمح بعدادات مغشوشة؟

خضر حسان

الإثنين 2018/10/22
تحاول وزارة الاقتصاد حماية اللبنانيين من "مافيات" مولدات الكهرباء الخاصة، وفق ما يصفهم وزير الاقتصاد رائد خوري، وذلك عبر إلزامهم بوضع عدادات لكل المشتركين، والإلتزام بتسعيرة الكيلووات بحسب ما تقرره وزارة الطاقة. وفي معرض "الحماية"، تراقب وزارة الاقتصاد إلتزام أصحاب المولدات بقرارها، لكن تلك الرقابة تخرقها جملة من الشوائب تزيد الوضع تعقيداً مع مرور الوقت. أهم تلك الشوائب هي العدادات، فأي عدادات هي المطلوبة، ومن يراقب حسن عملها أو عدمه؟

ألقت وزارة الاقتصاد مسألة تحديد مواصفات العدادات على عاتق مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية- ليبنور، التي أوصت "باعتماد نوعية عدادات تحمل الرمز En6025-21 2018، وتتوافق مع المواصفات الأوروبية. وهذه العدادات تنتمي الى عائلة العدادات التي تستعملها مؤسسة كهرباء لبنان"، بحسب ما يقوله صاحب شركة فاراغ faragh sarl اللبنانية، فادي أبي عقل، في حديث إلى "المدن". وتجدر الإشارة إلى أن شركة فاراغ تستورد العدادات ذات المواصفات المطلوبة، وهي تمثل- في لبنان وسوريا والأردن ومصر- تجمّع شركات بولندية معروف بإسم تجمع بافال pafal، الذي يصنع عدادات للكهرباء والمياه والغاز.


رغم الباع الطويل لمؤسسة الكهرباء في شراء وتركيب العدادات، إلا اأن وزارة الاقتصاد، وبرأي أبي عقل، "فضّلت دعوة الشركات الخاصة التي تعمل في مجال الطاقة والكهرباء، مثل شركة فاراغ ودباس، لتضعها في أجواء التحضير لشراء العدادات المطلوبة، لأن الوزارة ترى أن مؤسسة الكهرباء عبارة عن مغارة علي بابا، ولذلك لا يمكن الاعتماد عليها لشراء العدادات".

عليه، يضيف أبي عقل: "انطلق تعاون الشركات مع وزرة الاقتصاد منذ شهر أيار الماضي، إذ بدأنا الحديث مع الوزارة بشأن مواصفات العدادات المطلوبة، وكان خيار الوزارة اعتماد عدادات مطابقة لمواصفات العدادات التي تستعملها مؤسسة كهرباء لبنان، لأنها الأفضل ومجرّبة لنحو 50 عاماً. وقد طلب الوزير من الشركات البدء بإستيراد العدادات".

حددت ليبنور مواصفات العدادات المطلوبة. أصدر خوري قراره، وأعطى تعليماته لمراقبي الوزارة للبدء بجولات المراقبة للتأكد من إلتزام أصحاب المولدات بالقرار. انطلق المراقبون وسطّروا مخالفات بحق غير الملتزمين بتركيب العدادات، "لكن دون التأكد من أن العدادات المركّبة لدى البعض مطابقة أم لا. فهناك عدادات غير مطابقة للمواصفات، مستوردة من الصين، ومدموغ عليها رمز العدادات المطابقة، بصورة غير شرعية. وهذه العدادات عرضة للأخطاء، كتسجيل كيلووات زائدة أو عدم تسجيل كيلووات مستهلكة، وأحياناً تتوقف العدادات عن العمل من تلقاء نفسها، الأمر الذي يسبب خسائر للمشتركين ولأصحاب المولدات على حد سواء".

غض البصر عن التأكد من مواصفات العدادات التي بدأت تنتشر في منازل المشتركين يعود إلى "صراع النفوذ في وزارة الاقتصاد"، على حد تعبير مصادر متابعة للملف، والتي تؤكد لـ"المدن" أن "الوزير خوري يؤيد ضرورة مطابقة العدادات لمواصفات ليبنور، في حين تصر إحدى المديرات النافذات في الوزارة على أن يركّب أصحاب المولدات أيّ نوع من العدادات، وإن لم تكن مطابقة، فجل ما تريده المديرة هو تسجل إنجاز يُحسب للوزارة، بغض النظر عن تبعاته لاحقاً".

السباق نحو الاستعراضات الإعلامية بات السمة الأبرز لكثير من الوزارات والنافذين فيها، والذين لا يغفلون عن تمرير صفقات رابحة في خضمّ إستعراضهم، وليست مسألة العدادات آخر الصفقات. فمع أن العدادات بشكل عام تنظّم عملية استهلاك الطاقة، إلا أن السجال حول نوعها ومواصفاتها والجهات التي يحق لها إستيرادها وكيفية الإتفاق مع تلك الجهات، يبقى مفتاح الحل لأحجية العدادات، خصوصاً أن الشركات التي ستستورد العدادات المطابقة، هي نفسها التي تتعاون مع مؤسسة كهرباء لبنان في مشروع تركيب العدادات الذكية. وطرح هذه المعلومة، ينسف فكرة العدادات التي تدعو وزارة الطاقة إلى تركيبها، إذ كيف تدعو الوزارة إلى تركيب عدادات تقوم مؤسسة الكهرباء باستبدالها بعدادات أذكى؟ يحيل أبي عقل الإجابة اإى عامل الوقت، حيث أن "العدادات التي أوصت بها ليبنور ليست سيئة، ويمكن الإعتماد عليها. وفي حال أرادت الوزارة اعتماد العدادات الذكية، فستحتاج إلى نحو 3 سنوات على الأقل لتنجز المشروع، وهذا وقت طويل في حين اننا نحتاج الى تنظيم قطاع المولدات في أسرع وقت".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024