إسرائيل "تتفاءل" بالتقارب اللبناني - القبرصي في مجال الطاقة!

سامي خليفة

السبت 2019/06/15

تنظر إسرائيل بارتياح إلى الخطوات التي يقوم بها الجانب اللبناني، في مجال الطاقة مع قبرص، وتصفها بالتطورات المثيرة للاهتمام بالنسبة للدولة العبرية، خصوصاً بعد أن التقى وزيرا خارجية الطاقة اللبناني ونظيره القبرصي في بيروت، بتاريخ 11 نيسان 2019، واتفقا على تسريع اتصالاتهما حول قضايا الطاقة البحرية، وإجراء مفاوضات مكثفة لإبرام صفقة بين البلدين. وقد نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية مقالة تشرح كيف تستفيد تل أبيب من التقارب اللبناني- القبرصي.

الاهتمام اللبناني
تشير الصحيفة إلى أن تحركات لبنان مع قبرص، والتي قد تسفر عن اتفاق بحلول شهر أيلول المقبل، تثبت أن اللبنانيين مهتمون بإحراز تقدم سريع في هذه القضية، وبأنهم مدركين أن بلادهم متأخرة في تطوير إمكاناتها في مجال الطاقة، مقارنةً بإسرائيل وقبرص. ويبدو أن لبنان يدرك الحاجة إلى تسريع التقدم في سياق الطاقة لتعزيز إمكاناته الاقتصادية، وهذا ما تجمع عليه مختلف الجهات الفاعلة في لبنان، التي لديها استعداد للتغلب على خلافاتها لتحقيق هذه الغاية.

تثبت قبرص مرة أخرى، حسب الصحيفة، حيويتها ومركزيتها في المنطقة. لذلك فإن الاتفاق القبرصي-اللبناني، من شأنه أن يطمئن شركات الطاقة ويعزز مناقشة التعاون الإقليمي المحتمل، ما قد يعزز وضع قبرص كمركز تصدير إقليمي. خصوصاً، وأن التعاون اللبناني-القبرصي يخلو من أي قضايا دبلوماسية معقدة.

القمة الثلاثية
إذا عُقدت القمة الثلاثية، كما هو مقرر هذا الشهر بين لبنان وقبرص واليونان، والتي تهدف للتوصل لاتفاق، سيكون بمثابة رسالة مهمة ومهدئة لشركات الطاقة الدوليةن التي تسعى إلى الاستثمار في المنطقة. وهي ستؤكد، حسب النظرة الإسرائيلية، التي تنقلها الصحيفة، على جاذبية نموذج التحالف الثلاثي الذي تنمو جذوره في المنطقة في السنوات الأخيرة (كالتحالف القبرصي - اليوناني -الإسرائيلي والتحالف المصري-القبرصي-اليوناني). في بعض الجوانب، ستشهد المنطقة، حسب الصحيفة، تنافساً بين عناصر إضافية في المنطقة (مثل الأردن والفلسطينيين) للانضمام إلى هذه "اللعبة الثلاثية" المتسارعة، والتي تولد اهتماماً متزايداً للحصول على المكاسب.

تصف الصحيفة ما يحدث بالأخبار الجيدة لإسرائيل. إذ أن أي نهج لبناني بنّاء يهدف إلى تحقيق تقدم على جبهة الطاقة هو موضع ترحيب لدى الدولة العبرية. وكلما زاد تقدم لبنان من خلال الخطط والاتفاقيات مع الدول المجاورة في المنطقة، بما في ذلك الانضمام إلى "اللعبة الثلاثية"، كلما تعين عليه تبني نهج براغماتي تجاه إسرائيل.

منتدى غاز شرق المتوسط
يمكن لمنتدى غاز الشرق الأوسط الذي تم إطلاقه في شهر كانون الثاني 2019 في القاهرة، والذي تمت دعوة لبنان للانضمام إليه، ولم يفعل ذلك بعد، أن يوفر، حسب الصحيفة، إطاراً لتشجيع التعاون الإقليمي، وإن لم يكن بالضرورة ثنائياً ومباشراً. قد لا يؤدي هذا إلى حل سريع رسمي للخلافات بين إسرائيل ولبنان حول حدودهما البحرية، لكن من المفترض أنه سيؤدي إلى تفاهمات غير مباشرة وسرية وتكون مناسبة للطرفين.

رفض لبنان في نيسان الماضي، على لسان الرئيس ميشال عون، الانضمام إلى أي منتدى أو آلية تعاون تشارك فيها إسرائيل، لا سيما منتدى غاز شرق المتوسط. لكن إسرائيل ما زالت تعّول، كما هو موضح في مضمون تقرير "جيروزاليم بوست"، أن تدفع العلاقات اللبنانية - القبرصية لبنان لإجراء اتفاق سري مع إسرائيل، يضمن تحديد من له الحق في الوصول إلى موارد الطاقة البحرية واستغلالها، مع الإشارة إلى وساطة محتملة من جانب اليونان وقبرص بين إسرائيل ولبنان، تتزامن مع تحركات الولايات المتحدة في هذا الإطار (جولات الوساطة التي يقوم بها مساعد الخارجية ديفيد ساترفيلد).

إسرائيل تستعد للتحرك
سيكون للاتفاق اللبناني-القبرصي، حسب ما تكشف الصحيفة، نتائج إيجابية على الدولة العبرية، إذ أنه سيشجع  تسريع وإكمال مفاوضات إسرائيل البطيئة مع قبرص، لإنجاز اتفاق مماثل. وهنا تشير الصحيفة إلى حقل "أفروديت" على حدود إسرائيل البحرية مع قبرص، الذي يتم فيه تجاهل مطالب الحكومة الإسرائيلية بالاعتراف بنصيبها في الحقل، الذي ترى أن "جزءاً منه في المياه الإقليمية الخاصة بها". وهذا ما ينقل رسالة سلبية إلى عمالقة الطاقة الدوليين وشركات الطاقة الإسرائيلية.

ستفرض التحركات اللبنانية الأخيرة على إسرائيل توقيع اتفاقية سريعة مع القاهرة، لضمان خطط تصدير الغاز من هذا الحقل إلى مصر. كما سيكون من الصعب جداً وغير المقبول في مجال الأعمال التجارية الدولية الترويج لاتفاقية تصدير من هذا القبيل، من دون تثبيت القضية بين الدولتين ذات الصلة (إسرائيل وقبرص) بشكل صحيح، بالنظر إلى الأمور الإيجابية بين لبنان وقبرص.

ستحقق الدولة العبرية هدفها المنشود من خلال اتفاقية محددة بشأن حقل غاز "أفروديت"، أو اتفاق إطاري مقبول يمهد الطريق للشركات ذات الصلة على جانبي الحدود البحرية، لحساب النسبة المئوية لملكية كل جانب لحقل الغاز. وفي كلتا الحالتين، ترى الصحيفة أن حكومة إسرائيل المقبلة ستعمل بسرعة لتنظيم هذه القضية، وتحقيق الفرص الجديدة والديناميات الإقليمية في شرق البحر المتوسط.

حلم أوروبا
تشكل الخطوات اللبنانية مع قبرص فرصةً لتعيد إسرائيل تحقيق أحلامٍ قديمة في تصدير الغاز إلى أوروبا. فمنذ بضعة أشهر انتشرت في الصحافة الإسرائيلية تقارير تتحدث عن خط مشترك بين مصر وقبرص، سيُستخدم في تصدير الغاز المنتج من حقل "أفروديت"، وأن غياب وسائل التصدير سيصعب على إسرائيل تشجيع تطويرها حقولها البحرية من الغاز.

وبينما لا تخفي مصر حقيقة أنها تسرع من وتيرة الاتصالات، الرامية إلى إقامة خط الغاز بينها وبين قبرص، بهدف استباق خط الغاز بين إسرائيل وأوروبا.. سينعكس الاتفاق بين لبنان وقبرص على الطموحات الإسرائيلية للتوصل أو حتى فرض اتفاق، يعيد حلم خط الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، بعد أن مضت قبرص قدماً في إقامة خط الغاز الذي يصدر الغاز من حقل "أفروديت" متجاهلةً الاعتراضات الإسرائيلية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024