شئنا أم أبينا.. الدولار بـ1800 ليرة

عزة الحاج حسن

الإثنين 2019/10/28
تتفاقم أزمة شح الدولار ربطاً بإقفال القطاع المصرفي أبوابه منذ أكثر من 9 أيام عمل، ليرتفع معها تسعير الدولار مقابل الليرة، حتى بات البعض يتعامل بالعملة الخضراء كمن يتعامل بعملة نادرة. بعض الصرافين استغل فرصة تراجع المعروض ليبيع الدولار الواحد مقابل 1800 ليرة، وإن عمدت نقابة الصرافين في وقت سابق إلى نفي اعتماد هكذا تسعيرة للدولار، غير أنها لم تنف وجود مشكلة تتمثل بغياب التسعير شبه الرسمي، واعتماد كل منطقة وكل صراف على ما يراه مناسباً في تسعير الدولار.

واقع تأزم سوق الدولار دفع بغالبية التجار والمستوردين إلى انتهاز الفرص وقنص أرباح إضافية من المواطنين، من دون وجه حق مقابل تأمين السلع والخدمات، بما فيها تلك المسعّرة رسمياً كبطاقات التشريج الخليوية، أمام أعين وزارتي الاتصالات والاقتصاد والتجارة.

عدم توفّر الدولار
مع إقفال المصارف أبوابها تحوّل ضغط الطلب على الدولار بالكامل إلى الصرافين، وعلى الرغم من تأمين المصارف السيولة للمتعاملين معها عبر الصرافات الآلية، إلا أن الغالبية العظمى من المصارف حجبت الدولار من صرافاتها، ووفّرت السيولة بالليرة اللبنانية فقط. الأمر الذي دفع ببعض الصرافين إلى الاستئثار بالسوق واعتماد الأسعار التي تناسبه.

كل يوم إضافي تقفل فيه المصارف أبوابها يساهم برفع الطلب على الدولار. ومن شأن ارتفاع الطلب على الدولار، في ظل النقص الذي يعاني منه السوق، أن يدفع بسعره مقابل الليرة إلى الارتفاع، وفق حديث نقيب الصرافين محمود مراد إلى "المدن"، "وقد عمدنا كصرافين خلال الأيام الماضية إلى تسعير الدولار مقابل 1650 و1680 و1690 والبعض تجاوز 1700 ليرة للدولار. وقد يختلف التسعير خلال ساعات، كما أن  معظم الصرافين لم يعد الدولار متوفر بين أيديهم. من هنا، لا يمكنني أن أنفي أن هناك من يبيع الدولار بـ1800 ليرة وربما أكثر"، يقول مراد.

الصرافون باتوا عاجزين عن التسعير الدقيق للدولار في الوقت الراهن، نظراً لإقفال المصارف وارتفاع الطلب على الدولار، كذلك في ظل تعذّر تبادل الدولار بين الصرافين من مختلف المناطق، وبينهم وبين "الشحّين" الذي يؤمن لهم الدولار نظراً لإقفال بعض الطرق. من هنا، تختلف أسعار الدولار بين منطقة وأخرى، ولعل أكثرها ارتفاعاً في بيروت. إذ وصل سعر الدولار يوم الجمعة الفائت إلى 1800 ليرة، وانحسر في أيدي عدد قليل جداً من الصرافين. من هنا، يأمل مراد أن تستأنف المصارف عملها في الأيام القلية المقبلة. إذ من شأن ذلك أن يهدىء سوق الدولار ويلجم "الزوبعة" التي ضربته.

نهب التجار
لن يترك ارتفاع سعر الدولار سلعة إلا وسيترك بصمة الغلاء عليها. وقد بدأ المواطنون يلمسون يومياً حجم ارتفاع الأسعار في عدد كبير من المنتجات، بما فيها المنتجات محلية الصنع والتسعير، على الرغم من مخالفة ذلك لقانون حماية المستهلك.

"إنه سعر الدولار" هي الإجابة الموحّدة بين كافة التجار، عند سؤالهم عن سبب رفع الأسعار، على الرغم من أن الارتفاعات طالت سلع محلية الصنع والإنتاج، كالخضار والفاكهة والسجائر (السيدرز) وغيرها من المنتجات التي تصنع محلياً.

وقد وصل جشع التجار إلى بيع بطاقة تشريج الخليوي المسعّرة في الأيام العادية بـ37500 ليرة بما يتراوح بين 47 ألف ليرة و50 ألف ليرة. وهو ما دفع بجمعية حماية المستهلك إلى مطالبة وزير الاتصالات محمد شقير بإصدار مذكرة فورية، يتوجه فيها لشركتي إدارة الخليوي (touch وalfa)، لإصدار كل فواتيرهما بالليرة اللبنانية، باعتبار أن استمرار التسعير بالدولار لخدمات محلية غير مستوردة، مخالف لقانون حماية المستهلك ولقانون النقد والتسليف أيضاً، ومن شأن ذلك ان يولّد سوقاً سوداء.

لا شك أن اعتماد الليرة بدلاً من الدولار في التعاملات اليومية، يخفف إلى حد كبير من أزمة شح الدولار. لكن أزمة ارتفاع الأسعار تجاوزت أزمة شح الدولار بأشواط، وبات التجار يعتمدون كما أصحاب المحال تسعيرة المنتجات بالليرة اللبنانية على أساس سعر الدولار 1650 ليرة وما فوق. ما يعني أنهم اعتمدوا رفع الأسعار بنحو 10 في المئة بالحد الأدنى على كافة المنتجات بما فيها المحلية، أما وإن اعتمدت وزارة الاقتصاد أرقاماً لتقديم الشكاوى من قبل المستهلكين فقد بات عليها مراجعة وزارة الاتصالات قبل مراجعة التجار أو جولتها في الأسواق.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024