الثلوج وحدها في الجبال: موت السياحة الشتوية

إيمان العبد

الأحد 2021/02/21

وجهة لبنان السياحية البيضاء تبدو وحيدة في جبال الأرز، بعد الإجراءات التي فرضها فيروس كورونا من إغلاق شامل ومنع للتجول.
ومشهد حلبات التزلج ومحطات التليفريك الخالية من السياح والرواد، من المرجح أن يستمر حتى اشعار آخر، وفق خطة إعادة فتح البلد الرسمية. وافتتاحها بعد منتصف شهر آذار سيكون متأخراً جداً لموسم التزلج والسياحة الشتوية في المناطق الجبلية، التي كان اقتصادها يعتمد عليها.

بشري والأرز
رئيس بلدية بشري ورئيس الاتحاد اللبناني للتزلج، فريدي كيروز، يقول: عادة، خلال هذا الموسم تنتعش حركة المنطقة الاقتصادية، خصوصاً مع نشاط محطات التزلج، إلا أنه مع إقفال هذه المحطات، باتت حركة الفنادق معدومة. والأمر يقتصر على الشاليهات التي امتلأت تقريباً، فهي غير كافية لتحريك العجلة الاقتصادية، كون روادها ليسوا بسواح ولا يقومون بأي نشاط سياحي.

حسب كيروز، تعتمد منطقة بشري على أمرين: الزراعة والسياحة. الأولى، لا يوجد سوق لتصريف انتاجها، وتواجه الآن العديد من المشاكل. أما السياحة الشتوية فقد تضررت على نحو كبير، ما يضع الكثير من العائلات في المنطقة المعتمدة بدخلها على هذين القطاعين في حالة صعبة.

حوالى 300 شاب في المنطقة كانوا يعملون موسمياً كمدربين على رياضة التزلج، وينتظرون هذا الموسم لتأمين دخل إضافي يتيح لهم تسديد أقساطهم الجامعية.. هم الآن بلا عمل. ويقول كيروز أن الحرفيين تضررواً أيضاً من إغلاق مراكز التزلج وانعدام السياحة. وهم حوالى 100 عائلة في مدينة بشري. كانوا يعتمدون على موسم الشتاء لتأمين معيشتهم ولا تزال منتجاتهم وحرفهم مكدّسة في المحال المقفلة.

منذ تشرين الثاني اجتمع كيروز مع رؤساء محطات التزلج، وتم رفع كتاب لوزارة السياحة وكافة الوزارات المعنية بالإجراءات الوقائية، التي يمكن اتباعها خلال نشاط الموسم السياحي، مطابقة لمعايير متبعة في فرنسا، كون رياضة التزلج لا تشكل خطراً صحياً لأنها تمارس فردياً ولا تسبب الاكتظاظ، إلا أن الاقفال شمل هذه المراكز أيضاً.

إعادة فتح مراكز التزلج حسب الخطة الرسمية معلق حتى إشعار آخر. وحسب كيروز، هناك خوف أن يأتي قرار إعادة فتحها بعد فوات الأوان وانتهاء موسم التزلج والسياحة الشتوية. ولذا، يقترح فتح محطات التزلج هذا الأسبوع، لتستطيع العمل لمدة 3 أسابيع على الأقل، من أجل تحصيل ما يمكن تسديده من أكلاف التجهيزات، التي دفعتها هذه المحطات تحضيراً لموسم السياحة الشتوية.

إيلي فخري، وهو صاحب أحد محطات التزلج في منطقة الأرز، يقول إن الخسائر هذه السنة تتراكم، كونه قد تم الاستعداد لهذا الموسم من شراء معدات تزلج وصيانة المحطات وغيرها من الخطوات التحضيرية، إلا أن هذه الحلبات لم تفتح نهائياً هذه السنة. والكلفة التشغيلية لم يتم تأمينها، ما كبدنا خسائر فادحة.

في محطة إيلي كان يعمل موسمياً حوالى 20 موظفاً من مدرّبي تزلج وموظفي صيانة.. وهم بدورهم أيضاً يعتمدون على هذا الموسم لتأمين مرود مالي. وخسارتهم باتت كبيرة، كونهم من المزارعين أيضاً. ويقول ايلي إنه يصعب تعويض خسائر المؤسسة هذه السنة. وهي متراكمة مع خسائر السنة الماضية أيضاً. وإذا ما تم فتحها قريباً قبل منتصف آذار، لربما يؤمن تشغيل بعض الموظفين ويعوّض بعض الخسائر.

كفرذبيان
من منطقة الأرز إلى كفرذبيان، وهي من المناطق المعتمِدة على حركة السياحة الشتوية، وفيها عدد من محطات التزلج. وعادة ما تستثمر الشركات الخاصة في هذه المنطقة لجذب السياح، وتعمل على تشغيل منحدرات التزلج في عيون السيمان وفقرا.

رئيس بلدية كفرذبيان، بسام سلامة، يقول في حديثه لـ"المدن"، إن موسم السياحة الشتوية ينقسم إلى قطاعين. الأول، قطاع الشركات الخاصة المستثمرة في منحدرات التزلج. والثاني، الشاليهات التي تعد حركتها نشطة هي شبه ممتلئة في المنطقة.

وحسب سلامة يتم التنسيق مع الشركات الخاصة المستثمرة، ووضع خطة للسماح بفتح هذه المحطات قبل منتصف آذار لتعويض الخسائر، كون أصحابها قد جهزوا مسبقاً لهذا الموسم (شراء المعدات، تكاليف الصيانة وغيرها). وأوضح أنه اذا ما سُمح لهذه المحطات بالفتح، فلن تحقق الأرباح، بل فقط ما يكفي لدفع مستحقات الموظفين في هذه المؤسسات، وتنشيط حركة الفنادق عموماً، ومهن عدة مرتبطة بالقطاع، مثل محلات تأجير معدات التزلج.

الفنادق الخالية
ميشال، وهو صاحب أحد الفنادق في منطقة كفرذبيان، يقول إن خسائر هذه السنة تتراكم مع خسائر السنة الماضية من الموسم نفسه. ففي السنة الماضية، كانت الأوضاع الأمنية غير مستقرة في البلاد، وأيضاً ترافقت مع إغلاق عام فُرض في منتصف موسم التزلج تقريباً.

الموسم الشتوي، حسب ما قاله ميشال، كانت الفنادق تعتمد عليه لتأمين رواتب موظفيها ولتحصيل بعض الأرباح لنستمر بعد انتهاء الموسم. وعادة ما تنشط الفنادق مع حركة محطات التزلج في منطقة كفرذبيان. وهذا ما افتقدناه تماماً في الوقت الراهن. وقال ميشال إن بعض الحجوزات في الفندق تقتصر على عطلة نهاية الأسبوع، لبعض العائلات التي تريد فقط تمضية عطلتها في مناطق الثلوج، وخروجاً من العزلة المنزلية. كما أن هذه الحجوزات بدأت متأخرة أيضاً هذه السنة لأن الثلوج تأخرت.

وأوضح ميشال أن الفندق لا يحقق أرباحاً من خلال عمل يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع. بل لا يعتمد على تأجير 5 غرف فقط. لذا، نحن نعجز عن تأمين حتى الكلفة التشغيلية، ما يعني أن الخسائر تتراكم. وما نفعله الآن هو مجرد محاولة للاستمرار فقط .

ويصف ميشال الأسعار في الفندق وكلفة الحجوزات بالمتدنية جداً، نسبة لارتفاع الأسعار في المواد الأولية وارتفاع سعر صرف الدولار، فيما لم نرفع الأسعار بمحاولة لاستقطاب الزبائن من السياح المحليين.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024