خضر حسان
في السياق الإعلامي، كان لافتاً نشر بيانٍ لإدارة المناقصات على الموقع الالكتروني للوكالة الوطنية للإعلام، يتناول مطالبها، وسحبه لاحقاً عن الموقع، "وتهديد أحد المسؤولين في الموقع، باحالته إلى الاستجواب في حال نشر البيان مجدداً". وينسجم هذا الإجراء مع السياسة المتبعة في رئاسة التفتيش، والقاضية بالتضييق على الظهور الإعلامي لبعض الإدارات فيه، خصوصاً إدارة المناقصات، تحاشياً للحديث عن منع الإدارة تمرير بعض المناقصات المخالفة للقانون. ويندرج هذا الإجراء ضمن مخالفة الرئاسة قانون حق الوصول إلى المعلومات. فإذا كانت الرئاسة تمنع التصريح عن معلومات تخص صفقات مخالفة للقانون، فكيف سيتم الوصول إلى المعلومات؟
من جهة أخرى، لرئيس التفتيش المركزي جورج عطية، رأي مخالف، إذ يرى في حديث إلى "المدن"، أن ما يتم الحديث عنه "هو محاولة لتشويه صورة التفتيش المركزي، ومحاولة لإطلاق مطالب عشوائية بهدف استعطاف الناس". وعن عدم وجود غرف مناسبة في إدارة التفتيش، يعيد عطية ذلك إلى "أزمة قديمة تعاني منها كل إدارات الدولة، وليس التفتيش المركزي فحسب. وهذه الأزمة غير مستجدة، وليست إدارة التفتيش الحالية وحدها مسؤولة عنها. فالإدارة لا امكانيات مادية لديها لاستئجار مبنى جديد، بل هي تحاول قدر الامكان إجراء اصلاحات إدارية، وترفع مطالبها إلى مجلس الوزراء".
في الشكل، هناك صدام في المطالب بين إدارة المناقصات ورئاسة التفتيش، لكن في المضمون هناك تكامل في التراتبية الإدارية، لكن رئاسة التفتيش تتجاهلها، رغم تأكيد عطية عليها، وممارسته لها تجاه السلطة الأعلى المسؤولة عنه. إذ إن عطية يؤكد رفعه مطالب التفتيش إلى مجلس الوزراء، وهي السلطة المسؤولة عنه بحسب الترتيب الإداري، لكنه في الوقت عينه، ينكر حق إدارة المناقصات، برفعها مطالبها إليه، تطبيقاً للترتيب الإداري ذاته، الذي يقر بحق الفرع برفع مطالبه إلى المركز. فهل ترفع إدارة المناقصات مطالبها إلى وزير الطاقة مثلاً؟
الأزمة التي تُحال أسبابها إلى ضعف امكانيات الدولة عموماً لها "أسباب خفيّة"، وفق مصادر متابعة للملف. فإذا كانت المشكلة تتعلق بتأمين غرفة كبيرة، "فهناك كثير من الغرف الشاغرة في مبنى التفتيش، ويمكن استعمالها، خصوصاً أن المناقصات التي تحتاج إلى حضور عدد كبير من المشاركين فيها ليست كثيرة، وورودها ضمن جدول المناقصات، متقطّع، مقارنة مع المناقصات صغيرة الحجم". لذلك، فإن "السبب الحقيقي لعدم تأمين مطالب إدارة المناقصات هو معاقبتها على دورها في وقف أكثر من صفقة مخالفة للقانون، كان من المفترض أن يستفيد منها سياسيون نافذون في الحكومة. وسبق ذلك محاولة للتضييق على رئيس إدارة المناقصات جان علية، وتطييره من الإدارة، تحديداً لدوره في إيقاف صفقة بواخر الطاقة التركية".