موازنة 2018 رشاوى انتخابية؟

عزة الحاج حسن

الخميس 2018/01/11
في ظل الأزمة السياسية الراهنة المتعلّقة بمرسوم الأقدمية لم يعد ملف الموازنة العامة ذا أولوية لدى السياسيين، إلا أن الوقت لم يعد مبكراً للبحث بموازنة العام 2018 وإقرارها، بل إن الوقت قد داهم فعلياً وتم تجاوز المواعيد الدستورية لإحالة الموازنة إلى مجلس الوزراء، ثم إلى لجنة المال والموازنة وبدء مناقشتها.

ففي شهر كانون الثاني الجاري كان من المفترض أن تكون موازنة العام 2018 قيد الدرس والتصديق في الهيئة العامة لمجلس النواب قبل نهاية الشهر، وتأتي هذه المرحلة بعد إخضاع مشروع موازنة 2018 إلى الدرس والمناقشة في اللجنة النيابية للمال والموازنة بين 15 تشرين الأول و31 كانون الأول من العام السابق، أي 2017 بعد درسها في مجلس الوزراء من 1 أيلول ولغاية 30 أيلول. وهو ما لم يحصل.

أما وأن تأخرت الحكومة في إقرار موازنة العام 2018 وتخطت المهل الدستورية لم يعد الحديث عن أسباب التأخر ذا أهمية، وبات الأولى وفق خبراء الاقتصاد إقرار الموازنة في أقرب فرصة قبل اقتراب موعد الانتخابات واحتدام الحملات الانتخابية وتأثيرها على فتح باب الإنفاق في الموازنة على حساب خطط التقشف الموعودة، فهل ستتضمن موازنة 2018 خطة لضبط الإنفاق؟ وهل ستشمل رؤية اقتصادية اجتماعية واضحة؟

لم يعد إدراج خطط ورؤى اقتصادية واجتماعية واضحة في موازنة 2018 خياراً بالنسبة إلى الحكومة، إذ إنها تسعى جاهدة لإنجاح مؤتمر مجموعة الدعم، المرتقب عقده في باريس خلال النصف الأول من شهر نيسان المقبل، تحت اسم سيدر واحد (Cedre un). ما يتطلب مواكبة المؤتمر بإنجاز موازنة 2018 مشمولة بإصلاحات واضحة.

إذاً، الاصلاحات باتت إلزامية في موازنة 2018 في حال أرادت الحكومة تحصين مؤتمر سيدر واحد، على أن ترافقها إجراءات لضبط العجز المرتفع في المالية العامة ووضع حد لتنامي الدين العام ورؤية اقتصادية واجتماعية واضحة.

ولكن، حتى اللحظة لم تتضح صورة الاصلاحات المرجوة ولم يشرع المعنيون في بحث أي من الخطط الإقتصادية أو الاجتماعية، بل على العكس ما زال ملف سلسلة الرتب والرواتب يعصف بالمؤسسات والإدارات العامة محدثاً موجة من الإضرابات لا يمكن أن توحي باستقرار اجتماعي، ولن تشكل بطبيعة الحال نقطة إيجابية في مؤتمر الدعم المرتقب.

وعلمت "المدن" أنه بات شبه مؤكد خلو موازنة 2018 من أي ضرائب وأن لجنة المال والموازنة وإن لم تشرع فعلياً بدراسة الموازنة، إلا انها تتجه إلى التمسّك بتوصياتها التي ختمت بها موازنة العام الماضي 2017 وتتضمن عدداً من البنود والاقتراحات الهادفة إلى خفض الإنفاق وضبط الهدر في أكثر من مكان.

ولعل أبرز التوصيات التي أدرجت في موازنة العام 2018، وفق المصادر، إلغاء اعتمادات تتجاوز قيمتها 600 مليار ليرة لمساهمات ومساعدات لغير القطاع العام واعتمادات لتشجيع المهرجانات دون تحديد أي معايير واعتمادات لإيجارات مؤسسات عامة بما لا يقل عن 113 مليار وتخصيص مبالغ لاستئجار مركزين لإدارة واحدة (هي مديرية الاحصاء المركزي) و350 مليار ليرة لمجلس الانماء والاعمار وبرنامج الامم المتحدة الإنمائي (UNDP) 14 مليار سنوياً وغيرها من الإجراءات.

ويتم إدراج بنود في موازنة 2018 كانت قد أقرت سابقاً ويبدأ تنفيذها ابتداء من العام 2018، ومنها فرض رسم سنوي مقطوع على كل مركز رئيسي وعلى كل فرع من فروع شركات الاموال أو شركات الأشخاص وعلى كل مركز لمزاولة عمل المؤسسات الفردية والاعمال التجارية والصناعية واصحاب المهن الحرة ويتوقع أن يبلغ مردود هذا القانون نحو 100 مليار ليرة سنوياً، إضافة إلى مشروع قانون جديد لتسوية مخالفات البناء متوقع أن يجبي نحو 100 مليار ليرة. وهذا القانون يمكن أن يقر من خارج الموازنة في اقرب جلسة تشريعية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024