فضيحة الكهرباء: المازوت يُهرّب أو يُخزّن ويُحتكر لرفع سعره

عزة الحاج حسن

الأربعاء 2020/07/15
تتزامن أزمة غياب التيار الكهربائي مع أزمة فقدان مادة المازوت من الأسواق وارتفاع الطلب عليها واحتكارها من قبل التجار. 
ولا تنفصل أزمة المازوت عن خطة وزارة الطاقة غير المعلنة لضبط سوق المحروقات ولجم تهريبه إلى سوريا، وذلك عن طريق رفع سعره في السوق اللبنانية وإن على حساب إرهاق المواطن. فوفق نظريات "فلاسفة" الطاقة ومستشاريها يبقى الهدف الأسمى هو رفع سعر المازوت بما يفوق نظيره السوري في سبيل ضبط تهريبه بدلاً من معالجة أزمة الحدود.

ولا تخفى عن وزير الطاقة ريمون غجر الإجابات عن تساؤلاته: أين يتبخر المازوت؟ فجهل الوزارة بمكامن اختفاء المازوت قد يلامس الفضيحة. وما هو أكثر فضائحية هو تجاهلها لمكامن الأزمة وتشعباتها بين المازوت والكهرباء والتهريب والتخزين والاحتكار. والأخطر من كل ذلك، ارتباط الأزمة بشكل وثيق بتوجّه الوزارة لرفع سعر الصفيحة إلى محيط 25 و26 ألف ليرة وتثبيته تداركاً لتهريبه إلى سوريا.

لماذا اختفى المازوت؟
منذ أشهر وشركات استيراد المحروقات تستورد - أمام أعين وزارة الطاقة والحكومة برمتها وبدعم من مصرف لبنان - كميات من المازوت تفوق حاجة السوق اللبنانية بنحو ضعف الكمية المطلوبة. وفاقت كميات المازوت المستوردة 6 ملايين ليتر يومياً، فيما الإستهلاك اللبناني يقارب نصف الكمية المذكورة، والباقي يتم تهريبه عبر الحدود، أو تخزينه من قبل التجار والشركات، واحتكاره بانتظار إعادة بيعه بأسعار مرتفعة.

سبب آخر ساهم بسحب المازوت من الأسواق: ارتفاع ساعات تشغيل المولدات الكهربائية لسد النقص الحاصل في التغذية بالتيار الكهربائي من مؤسسة كهرباء لبنان. وبحسب مستشارة تجمع الشركات المستوردة للنفط دانيا عون، فالتهريب لم يتوقف يوماً والكهرباء غائبة بشكل شبه كلي. والمولدات الكهربائية تضاعفت ساعات تغذيتها بشكل كبير، وبالتالي تضاعف طلبها للمازوت. ويُضاف إلى ذلك، وفق حديثها إلى "المدن"، أن مصرف لبنان لا يتيح فتح اعتمادات للشركات لاستيراد كميات إضافية من المازوت. فتضطر إلى تجميع المبالغ من السوق لتأمين الاستيراد. وترى عون أن الكميات المستوردة تكفي حاجة الإستهلاك المحلي، إذا توقف التهريب وانخفضت ساعات التقنين الكهربائي.

ووفق معلومات "المدن" السبب الرئيسي الآخر الذي يقف وراء شح المازوت هو احتكاره. فالعديد من الشركات والتجار يعمدون إلى تخزين المازوت وتقنين بيعه ومنها شركة توتال التي تخزّن نحو 5 مليون ليتر، وشركة ميدكو التي تخزن نحو 2.5 مليون ليتر ومثلهما كُثر. أما لماذا تحتكر الشركات والتجار المازوت وتخزّنه؟ فإليكم السبب.

رفع السعر وتثبيته
في ظل عجز الحكومة، وربما تساهلها في ملف تهريب المازوت إلى سوريا، ارتأت التوجه إلى رفع سعر صفيحة المازوت في الداخل اللبناني ليفوق سعره في سوريا، وذلك بغية لجم المهرّبين الذين يستفيدون من فارق السعر بين البلدين. ففي سوريا يبلغ سعر صفيحة المازوت نحو 22 ألف ليرة لبنانية، فيما يبلغ سعرها حالياً في لبنان 16 ألف ليرة (يوم الثلاثاء 14 تموز) بعدما كان السعر يقل عن 8 آلاف ليرة منذ أشهر.

ووفق توجه الحكومة، بحسب معلومات "المدن"، من المقرّر أن تستمر زيادة سعر الصفيحة أسبوعياً من خلال جدول تركيب الأسعار لحين بلوغها 25 أو 26 ألف ليرة. حينها من المتوقع أن يتم تثبيتها من قبل الحكومة على غرار تثبيت سعر البنزين. ويمكن أن ترتفع مع ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً، من دون أن تتأثر به نزولاً.

وما يؤكد توجه الحكومة، هو رفع وزارة الطاقة سعر صفيحة المازوت منذ ثلاثة أسابيع بنحو 3500 ليرة، أي بزيادة أسبوعية تتراوح بين 1000 و2000 ليرة. وهذا ما لا يتناسب على الإطلاق مع استقرار أسعار النفط العالمية. ومن المتوقع أن تستمر الزيادات على هذا النحو خلال الأسابيع المقبلة، وصولاً إلى السعر المُستهدف من قبل الوزارة.

توجه الوزارة لم يخفَ على التجار والشركات الذين يساهم بعضهم برسم سياسات الطاقة في لبنان، فعمدوا إلى سحب كميات من المازوت وتخزينه واحتكاره في انتظار ارتفاع سعر الصفيحة وتحقيق الأرباح على حساب الناس وتعريض المؤسسات والمستشفيات الى خطر الإقفال بسبب شح المازوت لديها وتعرّضها لتقنين كهربائي قاس. فلا الوزارة ترحم ولا هناك من يلجم التجار والمحتكرين.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024