ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت.. طائفية وتلزيم مخالف؟

خضر حسان

الجمعة 2018/08/10
تحت شعار توسعة مرفأ بيروت من الناحية الغربية، أعيد الحديث عن استكمال ردم الحوض الرابع، بعدما كانت الأعمال قد توقفت في العام 2015 بتوصية عن لجنة الاشغال النيابية، بعد السجال بشأن تلزيم الردم لتحالف شركتي بيل الدنماركية وحورية اللبنانية، في العام 2012، بواسطة عقد بالتراضي كلفته نحو 130 مليون دولار. وبفعل السجال، رأى رئيس الحكومة آنذاك نجيب ميقاتي ضرورة تجميد الردم، ليأتي الرئيس تمام سلام بعده ويوافق على المشروع دون إعادة النظر بعدم قانونية التلزيم، إذ إن إدارة المرفأ كانت قد لزّمت المشروع بالتراضي، متذرعة بأن التحالف يقوم بمشروع توسعة المرفأ وفق عقد وقع في العام 2009، وردم الحوض الرابع يعتبر مرحلة ثانية من عملية التوسعة. عليه، يمكن للتحالف تنفيذ المرحلة الثانية دون إجراء مناقصات تدخل فيها شركات أخرى.

التيار الوطني الحر يتمسك برفض الردم، معتبراً على لسان النائب حكمت ديب، أن 130 مليون دولار "رقم كبير جداً بالنسبة إلى هكذا أعمال". علماً أن بعض الدراسات تُثمّن عملية الردم نفسها بنحو 60 مليون دولار. وفي معرض الدفاع عن الحوض، أشار ديب إلى أنه "يشكل 40% من نشاط المرفأ، ودخل إليه 311 باخرة في العام 2017". وخلص إلى أن فكرة الردم هي "بدعة ونكتة ثقيلة كي نخسر حوضاً في مرفأ بيروت، وهو الحوض الاوسع والاعمق".

ينقسم الملف الى قسمين، الأول يتعلّق بجدوى المشروع وتأثيره على مرفأ بيروت؛ والثاني يتناول قانونية التلزيم. وضمن العنوانين العريضين، يأتي المؤيدون والمعارضون بشواهدهم التي وصلت إلى الحديث عن مصلحة المسيحيين بعدم ردم الحوض الرابع. حتى أن بعض رجال الدين المسيحيين سجّلوا مواقف رافضة للردم، بحجة حماية حقوق المسيحيين.

في جدوى المشروع، تشير مصادر إدارية في المرفأ، إلى أنه "تم تلزيم شركة خطيب وعلمي دراسة مستقبل مرفأ بيروت والدور الذي سيلعبه. وخلصت الدراسة إلى ضرورة توسعة المرفأ عبر ردم الحوض الرابع، أو توسعته من جهة نهر بيروت. بالتالي، قطع مجرى النهر وتوسعة السنسول الحجري. وهو أمر مكلف وتتجاوز كلفته كلفة ردم الحوض الرابع. والحل الثالث يجمع الحلّين الأول والثاني، أي ردم جزء من الحوض الرابع وتوسعة جزء من السنسول لجهة نهر بيروت". وتلفت المصادر إلى أن عملية ردم الحوض الرابع لا تتعلق بالحوض نفسه فحسب، بل تاتي ضمن المخطط التوجيهي لتطوير كامل المرفأ.

من الناحية التقنية، ترى المصادر أن ردم الحوض الرابع لن يؤثر على عمل المرفأ سلباً، بل سيطوّره، "لأن مساحة تجميع الحاويات ستكبر، وعمق المياه سيغدو 15.5 متراً، في حين أن عمق مياه الحوض الرابع اليوم لا تتجاوز 14 متراً". وتؤكد المصادر أن الحوض الرابع "لن يختفي دوره بعد الردم، بل سيصبح الرصيف المقابل له عبارة عن خط أفقي كبير يمتد إلى الرصيف 16، والمياه المقابلة له ستتحول إلى حوض أكبر وأعمق، وهذا التوجه تعتمده دول عديدة، مثل الإمارات العربية والصين، حيث أن مرفأ شانغ هاي مثلاً، الذي يتّبع أسلوب الرصيف الأفقي الكبير وليس أسلوب الأحواض، يستقبل 40 مليون حاوية سنوياً".

الحديث عن قدرة المرفأ على استيعاب عدد أكبر من الحاويات بعد ردم الحوض الرابع، يشكّل جزءاً من الأزمة، ويحتجّ به كل من يرفض الردم. حتى أن البعض ذهب إلى "الدفاع عن حقوق كبار التجار ومخلصي البضائع والنقابيين المسيحيين الذين يستفيدون من حمولات البواخر الكبيرة التي تأتي إلى الحوض الرابع، وتلك الحمولات لا تأتي عبر الحاويات، ومنها الحديد". وهنا، تشير المصادر إلى أن "80% من حركة مرفأ بيروت هي عبارة عن حركة حاويات، فكلفة شحن البضائع عبرها وكلفة التأمين عليها أرخص من شحن البضائع خارج الحاويات كالحديد والقمح وغيرها".

وتنفي المصادر الحديث عن تضرر مرفأ بيروت في حال ردم الحوض الرابع، لأن "الحوض الرابع مقسّم إلى 3 أرصفة، هي 13-14-15، لا يعمل منها سوى الرصيف 13 نتيجة أعمال الردم التي حصلت قبل تجميد المشروع. مع ذلك، لم يتضرر المرفأ، علماً أن هناك أرصفة أخرى لا تعمل، من أصل 16 رصيفاً يتشكل منها المرفأ، وهي الرصيف رقم 1 الذي تسيطر عليه شركة سوليدير، والأرصفة 2-3-4 التي يشغلها الجيش اللبناني، في حين تشغل بحرية اليونيفيل الرصيفين 5و6".

وبعيداً من عملية الردم، لا تنفي المصادر ضرورة "إجراء مناقصة قانونية لتلزيم أي شركة تريد العمل على توسعة المرفأ وتطويره، بغض النظر إذا كان ردم الحوض الرابع إيجابياً أم سلبياً للمرفأ، أو حتى إذا كان هناك دراسة أخرى للتطوير لا تشمل ردم أي حوض. فكل تلك المشاريع يجب أن تُلزّم بمناقصات وليس بالتراضي".

الملف اليوم على طاولة مجلس الوزراء، وفق رئيس مرفأ بيروت حسن قريطم، الذي فضّل في حديث إلى "المدن"، عدم الدخول في تفاصيل جدوى الردم أو عدمه، مؤكداً أن "أعمال الردم متوقفة إلى حين بت الحكومة بالملف".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024