مبيدات الجراد بلا فائدة.. سرطانات وعوارض مشابهة لكورونا!

خضر حسان

الإثنين 2021/04/26
تدخل أسراب الجراد إلى لبنان حاملة المزيد من الخوف وسط مسلسل الانهيارات على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والنقدية. ولا تحصل المنظومة السياسية على أي ثقة حيال قدرتها على مجابهة الأسراب واحتواء تواجدها والحد من آثاره. فالوزارات المعنية، وتحديداً الزراعة، لم تعمد على مدى سنوات، إلى وضع آلية مكافحة استباقية وأخرى أكثر فعالية يمكن تطبيقها حين وصول الجراد. بل تتجاهل الوزارة حقيقة المبيدات المسرطنة المستعملة في مكافحة الحشرة الصحراوية.
وفي ذروة انتشار فيروس كورونا، ثمّة تأكيدات على تسَبُّب المبيدات بعوارض شبيهة بعوارض الفيروس، ما يُسهِّل على المنظومة إلصاق التهمة بالفيروس وإبعادها عن المبيدات.


مبيدات مسرطنة
بحسب تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، يوم الجمعة 23 نيسان، فإن "مجموعات صغيرة من حشرات الجراد الصحراوي البالغة وصلت إلى غرب سوريا وشرق لبنان، وتحركت المجموعات أيضاً في عدة اتجاهات مختلفة في أوقات أخرى بسبب الرياح المتغيرة"، وأوضحت المنظمة أن المجموعات "محدودة من حيث الحجم والعدد".
إلى ذلك تتابع وزارة الزراعة انتشار الجراد في المناطق، وتسعى لمحاصرتها والقضاء عليها من خلال رش المبيدات عبر طوافات الجيش. وكانت قيادة الجيش قد أكدت، يوم الاثنين 26 نيسان، عبر حسابها على "تويتر"، أن "طوافات الجيش تواصل، بالتنسيق مع وزارة الزراعة، عمليات رش مبيدات حشرية في سهل مرجحين - الهرمل، في إطار إجراءات مكافحة أسراب الجراد والحد من انتشارها والقضاء عليها".
رش المبيدات له أعراض جانبية خطرة على الانسان، فهي بمثابة "أسلحة بيولوجية سامة للأعصاب"، وفق ما تؤكده المؤسسة والمديرة التنفيذية لجمعية صحتك ببيئتك Health and Environment Association رولا بصبوص، والتي تشير في حديث لـ"المدن" الى أن "لا معلومات لدينا عن المواد التي يتم نشرها، فيما درجت العادة على استعمال مبيدات الفوسفات العضوي، مثل الكلوربيريفوس، DDT، الفينيتروثيون أو الفطر السام Metarhizium anisopliae والتي تؤدي مع الاستعمال المتكرر والعشوائي إلى أمراض سرطانية وأعراض سريرية مماثلة للتي يُحدثها فيروس كورونا". وترى بصبوص أن رش المبيدات "فرصة مثالية لتبرئة الملوِّث القاتل الحقيقي، وهو المبيدات، وتخبئته تحت عباءة وباء كورونا".


تضارب في المعلومات
تنفي مصادر متابعة للملف، استعمال الوزارة لمادة الـDDT والكلوربيريفوس. مع الإشارة إلى أن المادة الأولى "لا تُصَنَّع ولا تُستَعمل وغير موجود على الأراضي اللبنانية، فيما تبادلها التجاري على مستوى عالمي يتم بطريقة مضبوطة بين الدول".
نفي استعمال المادتين، لا يلغي ضرورة استعمال المبيدات للتخلص من الحشرة الصحراوية. فوفق ما تقوله المصادر لـ"المدن"، من غير الممكن مكافحة الجراد دون استعمال المبيدات "وهي لا تُعتَبَر سموماً بل أدوية زراعية كالأدوية، وآثارها الجانبية كأي دواء يستعمله الإنسان، ولا يمكن الركون للآثار الجانبية لرفض الاستعمال كلياً. أما المستويات الخطرة للمبيدات، فترتبط بالكميات المستعملة فقط. فإذا استُعملت المبيدات بكميات وطريقة مناسبة، لن تكون سامة وخطرة".
لسان آخر على صلة بوزارة الزراعة، ينفي لـ"المدن" استعمال الـDDT فيما لا ينفي ولا يؤكد استعمال الكلوربيريفوس، بل يؤكد على أن استعمال الأخير "مسموح لغاية انتهاء فترة صلاحية الكميات الموجودة".
عدم الاستعمال غير مؤكد من جهة الوزارة، فيما تؤكد بصبوص ملاحظة استعامل الكلوربيريفوس بين المزارعين بين المزارعين بطريقة واسعة دون رقابة وزارة الزراعة. فضلاً عن التوجّس من استمرار استعمال الكلوربيريفوس تحت ذريعة عدم انتهاء الكمية أو الصلاحية، في ظل غياب الرقابة الحقيقية.


حلول بيئية وصحية
تستند بصبوص في رفضها استعمال المبيدات إلى خلاصة تجربة المبيدات على الجراد في افريقيا، حيث "أثبتت فشلها وعدم فعاليتها بما لا يزيد عن 2 بالمئة". وعلى صعيد محلّي، تستغرب بصبوص القفز فوق قرار الوزير السابق وائل أبو فاعور الذي حظر استعمال 36 مادة تُرَش كمبيدات، بدءاً من الوزير السابق غازي زعيتر الذي أعاد التصريح باستعمال 18 مادة.
تضع بصبوص جانباً التناقضات حول المواد المستعملة، وتسلّط الضوء على الحلول البيئية الأكثر فعالية ومنها "تربية الدجاج عبر إطلاقه بين المزروعات، حيث يأكل يومياً نحو 70 جرادة والبط الذي يأكل نحو 200 جرادة. وقد استعملت الصين البط في مكافحة الجراد وأثبتت فعاليتها. وصدَّرت الصين البط الى باكستان للغاية نفسها. إلى جانب استعمال النباتات العطرية مثل اللافندر والزعتر وإكليل الجبل، لما لها من رائحة طاردة للجراد، وبعض المزارعين يستخرجون زيوت تلك النباتات ويرشونها. وكذلك من الضروري التشدد في منع صيد العصافير التي تأكل الجراد".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024