لا خطر من انفجار مهول في مطمر الناعمة

زاهية ناصر

الخميس 2021/11/25

تُحذّر المنظمات الحقوقية والخبراء البيئيون السلطة اللبنانية منذ سنوات من أن ممارسات إدارة النفايات في البلاد غير مُستدامة. والإهمال بإيجاد حل للأزمة تكلفته هائلة، ويحرم السكان من حقهم بصحة وبيئة نظيفة مع كل يوم يمرّ. وها هو إهمال وفساد السلطة يطفو مجدداً بعد الضجة التي أثارها مطمر الناعمة، حول وجود خطر قد يُؤدي إلى ‏انفجاره، بسبب وجود كميات كبيرة ‏من الغاز بداخله. فما هي حقيقة هذا "الانفجار"! وما هي أصل الأزمة وكيف يمكن معالجتها؟

لا خطر محدق
لا شك أن الإهمال في متابعة توقف عملية حرق مخارج الغاز الميثان ومراقبتها في مطمر الناعمة سيؤدي (إن لم تعالج المسألة) إلى ضرر بيئي وصحي يطال سكان المنطقة. إلا أن حقيقة حصول انفجار ضخم كما حصل في مرفأ بيروت هو أمر مستبعد كلياً.

فبعد توقف إنتاج الكهرباء عبر استغلال "الميثان" في مطمر الناعمة لأسباب مالية وإدارية، منذ نحو السنة؛ توقفت أيضاً أعمال الصيانة في المطمر منذ حوالى الأسبوع. وهذا ما أثار شكوكاً حول حصول انفجار ضخم جاء احتقان وتراكم الغازات المنبعثة. لكن آخر التقارير تشير إلى أن هناك مشكلة أخرى تكمن في عصّارة النفايات وتحتاج إلى معالجة ومتابعة، كي لا تتفاقم وتسبب أزمة بيئية تؤثر سلباً على سكان المنطقة.

وحسب الخبير البيئي حبيب معلوف، في حديث مع "المدن"، فإن "آخر دراسة عن مطمر الناعمة كانت في أواخر 2014، وتشير إلى أن الإجراءات التي نفذت تقضي بإغلاقه، والإبقاء على مخارج الغازات، وإما إشعالها واستخدامها لتوليد الكهرباء. وبالفعل هذا ما حصل. فقد تم توليد الكهرباء عبر شركة "سوكلين"، التي كانت في ذلك الوقت تدير المطمر. وقد أتت بالمعدات المطلوبة بكلفة بلغت نحو مليون دولار، وكان للمطمر قدرة على التوليد بين 5 و6 ميغاواط".

وأوضح، أن "هذا المرفق يمكن اعتباره الوحيد الذي نُفذ حسب الأصول والشروط البيئية، وهو مراقب ومشغول بدقة. وقد وضعت له مخارج للغازات، لاسيما غاز الميثان الذي يحكى عنه الآن. وطالما أن هناك مئات المخارج والحلول على مساحة مطمر كبير مع أنابيب وخزانات موجودة لاحتوائه، فإن خطر الانفجار غير موجود. ولكن هذا الغاز يذهب هدراً. ولذلك من الأفضل توليد الكهرباء بدلاً من إحراق الغازات من فترة إلى أخرى، لما له من تأثير سلبي على البيئة".

وزارة البيئة
وفي هذا السياق، يتابع وزير البيئة اللبناني، ناصر ياسين، ملف مطمر الناعمة رغم تأكيده بأنه "ليس للوزارة علاقة مباشرة بمطمر الناعمة، وأن الموضوع قيد المتابعة مع مجلس الإنماء والإعمار".

وتوجه وزير البيئة ناصر ياسين إلى المطمر لمعاينة الوضع اليوم، بعد الحديث عن توقف تنفيس الغازات المنبعثة منه. معلناً من خلال تغريدة على حسابه عبر "تويتر"، عن قيام العمال بتنفيس خزانات الغاز. وأضاف: "إن إدارة مجلس الإنماء والإعمار التي تتولى إدارة المطمر ستعمل بسرعة لتأمين الصيانة الدورية. ويتم التواصل مع وزير الطاقة لإعادة تشغيل محطة الكهرباء الموجودة في المطمر التي تعمل بغاز الميثان لإنتاج 6 ميغاوات".

هذا وأشار ياسين، إلى "ضرورة العمل على الاستفادة من الغاز الموجود. اذ يجب تحديد حجم وكميات الغاز من قبل أشخاص علميين، وسنتابع مع مؤسسة كهرباء لبنان الموضوع، لأنه ليس من المقبول أن نحرق الغاز ولا نستفيد منه. فنحن نعمل مع البلديات الكبرى ومع مجلس الإنماء والإعمار، لأن المكبّ لديه ‏المواصفات البيئية المطلوبة لإنتاج الطاقة من خلال التجهيزات الموجودة فيه بشكل علمي مميّز". ‏

مجلس الإنماء والإعمار
هذا وتشير معلومات "المدن" من مصادر معنية بالملف، إلى أن "‏المشكلة تتمثل بعدم وجود ‏شركات حتى الآن تستلم إدارة المطمر لحمايته وتنفيذ الشروط البيئية، وذلك لأن مجلس الإنماء والإعمار لا يجتمع، أولاً، ولأن الحكومة متوقفة عن عقد جلساتها، للبت في كافة الملفات، ثانياً. هذا عدا عن مشكلة طبيعة العقد الذي سيوقع مع أي شركة جديدة، بسبب الأزمة المالية وانهيار سعر الصرف، فأعمال الصيانة تحتاج إلى "فريش دولار"؛ وهذا ما لا تستطيع الدولة تحمل ميزانيته الآن".

إلا أن مجلس الإنماء والإعمار، كان قد أعلن أنه "تفاوض مع ثلاث شركات وكلّف تلك التي قدّمت أفضل عرض بتنفيذ مهام المطمر حتى نهاية عام 2021، على أن يعاود إطلاق مناقصة لتلزيم هذه المهام. وأعلن مرتين عن إجراء مناقصة لتلزيم صيانة وتشغيل وحراسة مطمر الناعمة الصحي، وذلك خلال شهر أيار 2021 وخلال شهر أيلول 2021. إلا أن هذه المناقصة فشلت في المرتين، نظراً إلى عدم تقدم أي شركة بعرض للتنفيذ". 

أما حول بعض "المعلومات المغلوطة عن منشآت توليد الطاقة الكهربائية في مطمر الناعمة"، حسب مجلس الإنماء والإعمار، فقد أصدر بياناً توضيحياً جاء فيه، أنه "تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء رقم 46 تاريخ 30/10/2014، تولى مجلس الإنماء والإعمار تلزيم مشروع بناء منشآت لتوليد الطاقة الكهربائية من الغازات المنبعثة من مطمر الناعمة، وتشغيل وصيانة هذه المنشآت لمدة سنة. وقد أنجزت أعمال البناء والتجهيز في العام 2016 وأعمال الصيانة والتشغيل في العام 2017. مع الإشارة إلى أن هذا العقد جرى توقيعه مع شركة سوكومي.

وفي العام 2018، تعاقد مجلس الإنماء والإعمار مع شركة Clean Energy Solution لتشغيل وصيانة هذه المنشآت حتى تاريخ تسليمها إلى مؤسسة كهرباء لبنان، بتاريخ 10/5/2021. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت المنشآت بعهدة مؤسسة كهرباء لبنان.

ليس هناك أي علاقة بين مهام تشغيل وصيانة منشآت توليد الطاقة الكهربائية، التي أصبحت في عهدة كهرباء لبنان، ومهام تشغيل وصيانة مطمر الناعمة الصحي التي ما زالت في عهدة مجلس الإنماء والإعمار. وعندما تتعاقد مؤسسة كهرباء لبنان مع شركة لتشغيل وصيانة منشآت توليد الطاقة، ليس هناك أي مشكلة بتزويدها بالغاز المنبعث من المطمر الصحي".

"سيتي بلو" توضح
من جهتها، أشارت شركة "سيتي بلو" في بيان توضيحي إلى أنّها "غير معنية لا من قريب ولا من بعيد بالمطمر، ولا بأي مناقصة فيه لتاريخه، علماً أنّها وبناءً على تمنّي من مجلس الإنماء والإعمار قامت منذ أيامٍ بزيارة للمطمر لمعالجة المشكلة الحاصلة، من باب المساعدة المؤقتة فقط".

وشرح رئيس مجلس إدارة "سيتي بلو" ميلاد معوّض، في حديث مع "المدن" بشكل تفصيلي أصل الموضوع، قائلاً: "كان هناك مناقصتان لاستلام مطمر الناعمة. ولكن لم يقدم عليهما أحد، ومن بعدها تم الاتفاق مع شركة لمدة شهرين فقط، بعد درس ثلاث عروض، وتم أخذ الموافقة من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لكن الشركة لم تبدأ بالعمل، لذلك طُلبت منا المساعدة، وأن نقدم عرضاً للقيام بمناقصة جديدة، لكن لم نلقَ جواباً!".

وتابع، "لقد ذهبنا وقدمنا سعراً، وعرضاً إنقاذياً لمدة شهر أو شهرين لتشغيل مطمر الناعمة، ولكن لا يوجد مجلس إدارة في مجلس الإنماء والإعمار لقبوله أو رفضه". لافتاً إلى "أننا لم ندخل من الأساس لكي ننسحب، وما فعلناه هو أننا اجتمعنا مع بعض الأشخاص بطلب من المجلس ورئيس بلدية الناعمة، وقمنا بدفع المستحقات للشركات التي كانت تعمل ولبعض الموظفين، كما قمنا أيضاً بتقديم مادة المازوت. لكن ما حصل، هو أنه لا يمكننا أن نستمر بالدفع من دون عقد".

إذاً، إهمال السلطة ومؤسساتها لا غبار عليه، فالمشكلة كالعادة ستحل بصورة مؤقتة، في حين أن المطلوب قرارات سريعة من الحكومة ومجلس الإنماء والإعمار وشركة كهرباء لبنان، لفتح مناقصة وتلزيم شركة تعنى بالاهتمام بمطمر الناعمة، وبصيانة المولدات وإنتاج الطاقة لتوزيعها على القرى المجاورة، بدلاً من رص بيانات ونشر تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي لا معنى لها ولا قيمة!

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024