دهاليز وزير الطاقة... ليس على سيمنز تعلّم اللغة العربية

خضر حسان

الثلاثاء 2018/10/09
ألحَقَ وزير الطاقة سيزار أبي خليل لقاءه مع وفد شركة سيمنز الألمانية، يوم الاثنين 8 تشرين الأول، بتغريدات على موقع تويتر، يصرّ فيها على وجود "شائعات" بشأن حقيقة عرض الشركة الألمانية. لكن الوزير تناسى أن جوهر المسألة يقبع في مكان بعيد جداً عن لعبة التغريدات والترجمات.




أبي خليل سأل في تغريدته يوم الثلاثاء 9 تشرين الأوّل، إذا ما كان "أبناء الشائعات" يقرأون اللغة الإنكليزية، أو "منترجم كمان؟"، في إشارة إلى نص البيان الذي أصرّ الوزير على كتابته باللغة الإنكليزية، كي يسهل للوفد الألماني الاطلاع عليه بدل ترجمة محتواه فيما لو كتب باللغة العربية. والبيان الذي يلخّص ما اتفق عليه الوزير والوفد، تضمّن عبارة تشير إلى رفض الشائعات التي قيلت عن تقدّم الشركة بعرض إلى الوزارة. وتسلّح الوزير بموافقة الوفد على العبارة، لكي يصوّب على منتقديه.


"الحقيقة التي ظهرت بالأمس"، وفق تغريدة أبي خليل، ليست هي الحقيقة الفعلية، إنما هي جانبٌ أُريد له أن يظهر كذلك. أما موافقة الوفد الألماني على العبارة، فليست سوى شكليات لا تقدّم ولا تؤخّر في مضمون أزمة الكهرباء والصفقات التي يعاني منها المواطن اللبناني. عليه، فقد صوّب الوزير على هدف لم يرده اللبنانيون ولا الوفد الألماني.


رفض الشائعات أمر طبيعي في حال وجودها. لكن في قضية سيمنز لم يكن هناك شائعات، فكل ما قيل يصب في خانة تقديم الشركة عرضاً لمساعدة لبنان. وما لم يحصل، وما لم يقله أحد، هو التطرق إلى صيغة إجرائية للعرض. وهنا، يجب إحالة فريق عمل الوزير الذي أعدّ البيان، والفريق الإعلامي الذي تولّى التركيز على وجود الشائعات، إلى درس في اللغة العربية.

في معجم المعاني العربية، فإن عبارة "عرَضَ عليه أن يفعل شيئاً"، تعني حصراً "أبدى استعدادَه لفعله". أي أن عرض سيمنز يعني استعداد الشركة لتقديم خبراتها وتقنياتها، وهو ما حصل فعلاً خلال جولة الوفد مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على السياسيين اللبنانيين، في حزيران الفائت. ولم يقل أحد في لبنان إن شركة سيمنز قدّمت عرضاً لتأهيل قطاع الكهرباء بالمعنى التقني او القانوني. أي لم تقدّم الشركة دراسة او مشروعاً علمياً رسمياً، ولم تعلن عزمها الدخول في أي مناقصة، إنما أعلنت استعدادها لتقديم المساعدة عبر الاستثمار في هذا المجال. وهو ما يعتبر لغوياً، عرضاً. وبالتوازي، تصبح الكرة في ملعب الطرف المحتاج، الذي عليه هو أن يوافق على العرض ويطلب المساعدة بشكل رسمي ومباشر.

وافقت سيمنز على رفض الشائعات، فحُمِلت الموافقة كقميص عثمان، فيما المراد من الموافقة، إظهار مدى شفافية الشركة. لكن، هل كان الوفد الألماني يدرك معنى اللعب على الكلام الذي يتقنه ساسة لبنان؟ بالتأكيد لا، فكل ما يهم الوفد هو عقد استثمار ناجح دون الحاجة إلى الخوض في طبيعة المجتمع اللبناني او في تاريخ تحاصص الصفقات او التناحر السياسي الطائفي. ولو كان اللعب على الكلام في ذهن الوفد، لأخضع نفسه لدورة في اللغة العربية وعاش لبرهة داخل المجتمع اللبناني. لكن، لحسن حظ الطبقة السياسية اللبنانية، فإن الوفد الألماني معتاد على الشفافية والوضوح في بلاده، ومطمئن إلى أن القضاء في انتظار من يخالف القانون، ويعتقد مخطئاً، أن حال لبنان كحال بلاده.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024