تفاصيل مبادرة الضمان لاحتساب التعويضات بـ3900 ليرة

عزة الحاج حسن

السبت 2020/09/12
مع خسارة الليرة اللبنانية جزءاً كبيراً من قيمتها منذ بداية الأزمة المالية وحتى اليوم، خسرت الرواتب قيمتها ومعها تعويضات نهاية الخدمة. وللأخيرة حيثية خاصة، إذ تتمثّل بجني سنوات طويلة من العمل تقارب غالباً العمر بأكمله. فكل موظف يترقّب نهاية خدمته لتقاضي تعويض يؤمّن له الحد الأدنى من معيشته في سنوات تقاعده، لكن بعد انهيار العملة الوطنية تحوّلت تعويضات نهاية الخدمة إلى فتات لا أكثر، لا تكفي سداد دين ولا تأمين معيشة أسرة لبضعة أشهر. فالموظف الذي يستحق تعويضاً لنهاية الخدمة بنحو 15 مليون ليرة، أو ما كان يساوي قرابة 10 آلاف دولار سابقاً، على سبيل المثال، بات تعويضه اليوم يقارب 2000 دولار فقط.

وانطلاقاً من فقدان تعويض نهاية الخدمة قيمته الحقيقية وهو ما يُعتبر الملاذ الأخيرة للمضمون لتأمين معيشته في ظل التضخم الكبير والارتفاع الهائل في الأسعار، بادر مدير عام الضمان الإجتماعي الدكتور محمد كركي إلى الطلب من مصرف لبنان اتخاذ الإجراءات اللازمة للتخفيف من وطأة الأزمة على المضمونين عند بلوغهم سن التقاعد، أو تركهم العمل أو بلوغهم 20 سنة خدمة، وتجنيبهم ضياع قيمة تعويضاتهم لاسيما ان غالبيتهم من ذوي الدخل المحدود.

كركي تقدّم بالمبادرة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ أسابيع وأطلعه على الظلم الواقع على أصحاب تعويضات نهاية الخدمة، والتي فقدت نحو 80 في المئة من قيمتها، ونقل عن سلامة تفهمه ووعده بالتوصل إلى آلية تخفّف من خسارة قيمة التعويضات. وأوضح كركي في حديث إلى "المدن"، أن خسارة قيمة تعويضات نهاية الخدمة قد تؤدي إلى كارثة اجتماعية، خصوصاً أنها جنى أعمار العمال والموظفين أضف إلى أن عدداً كبيراً من العمال يعمدون إلى سحب التعويضات لتأمين معيشتهم ومعيشة أسرهم في ظل الظرف الراهن.

وبناء على طلب سلامة بالتقدّم بكتاب رسمي، يوضح تفاصيل التعويضات وقيمها، تقدّم كركي بالكتاب (هنا النص الكامل المرفق) وأورد فيه إحصائيات تتعلّق بنهاية الخدمة. وتبيّن منها أن الضمان الإجتماعي سلّم عام 2019 نحو 28799 شيك بقيمة إجمالية تبلغ 899 مليار و796 مليون و429 ألف ليرة. ومن بداية العام 2020 ولغاية نهاية شهر تموز 2020 بلغ عدد الشيكات الصادرة لفرع نهاية الخدمة المنجزة 13630 شيك، وبقيمة إجمالية تفوق 437 مليار و322 مليون ليرة. وبالتالي يصبح متوسط التعويض 31 مليون و244 ألف ليرة. فماذا يعني ذلك؟

يعني أن غالبية أصحاب تعويضات نهاية الخدمة فقدوا القيمة الشرائية لتعويضاتهم بشكل كارثي فمن كان ينتظر تقاضي 30 مليون ليرة كتعويض أو ما يقارب 20 ألف دولار، لم يعد يساوي تعويضه اليوم أكثر من 4 آلاف دولار. وهو ما لن يكفيه معيشة أشهر قليلة.

ووفق المعلومات، يتجه مصرف لبنان إلى إصدار قرار تفصيلي في الأسابيع القليلة المقبلة، يجيز فيه تحويل تعويضات نهاية الخدمة من الليرة إلى الدولار ثم سدادها لأصحابها بالليرة وفق سعر صرف 3900 ليرة للدولار، على غرار ما حصل مع أصحاب الودائع الصغيرة في وقت سابق، ما يعني مضاعفة تعويضات نهاية الخدمة بشكل غير مباشر، عبر ضرب قيمة التعويض بـ 2.6. وبذلك، يكون الضمان الإجتماعي قد جنّب أصحاب التعويضات خسارة نحو 80 في المئة من تعويضاتهم، واقتصار خسائرهم على نسبة متدنية. ومن المتوقع أن يشمل القرار العمال والموظفين الذين تقاضوا تعويضاتهم منذ بداية العام 2020. كما من المحتمل أن يعتمد مصرف لبنان نظرية تقسيم أصحاب التعويضات إلى شرائح للتمييز بين صغار الموظفين وتعويضاتهم، والكبار منهم الذين تفوق تعويضاتهم مئات ملايين الليرات.

هذا الأمر فيما لو نجح، وفق ما هو متوقع، يكون من أهم الخطوات الاجتماعية لأوسع شريحة راهناً، وفق ما يقول كركي، لاسيما أن أكثر من 500 ألف شخص ينتظر تقاضي تعويض نهاية الخدمة من الضمان. ويأمل كركي أن يتمكن مصرف لبنان من إنقاذ تعويضات نهاية الخدمة للمضمونين، والمساهمة في التخفيف من حدة الأزمة الاجتماعية الحاصلة، بسبب فقدان العملة قيمتها.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024