كلام نصرالله عن البنزين الإيراني: المحطات وطرق التهريب جاهزة

خضر حسان

الأربعاء 2021/06/09
يتكرر الحديث في لبنان عن إمكانية الإتيان بالنفط الإيراني، وسد النقص الحاصل من دون تكبيد المالية العامة خسائر إضافية، خصوصاً وأن تعاملات القطاع النفطي تتم بالدولار حصرًا. وما يشكّل نافذة أمل بالنسبة للكثير من اللبنانيين، طرح إمكانية التعامل مع إيران بالليرة اللبنانية. وهو طرح يسوّقه حزب الله كتطمينات تبدد أي مخاوف محتملة. بل إن الأمين العام للحزب حسن نصرالله أعلن هذا الاقتراح في خطابه الأخير مساء الثلاثاء. 

مع ذلك، لا ينفصل النقاش حول الإتيان بالنفط الإيراني عن قدرة إيران تزويد لبنان، والطرق التي يمكن اعتمادها لايصال المحروقات، خصوصاً في ظل الحصار على إيران.

إيران قادرة على تأمين النفط
لا يشكّل السوق اللبناني عبئًا على أي بلد كبير الحجم، مساحةً وموارد، كالجمهورية الإيرانية التي تمتلك موارد نفطية كبيرة، وقادرة على الاستفادة من مواردها في ظل اختلال موازين القوى لصالح الولايات المتحدة الأميركية، فكيف في ظل التقارب الذي يتّجه نحو التعزيز أكثر فأكثر على ضوء المفاوضات في فيينا، والتي من المنتظر أن تعيد وصل ما انقطع في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

وبالتالي، فإن قدرة إيران على تأمين النفط للبنان، موجودة. وإنجاز خطوات إيجابية على مستوى الملف النفطي مع الولايات المتحدة، يمكّن إيران من زيادة إنتاجها إلى نحو 4 ملايين برميل يوميًا، تستطيع تصدير مليوني برميل منهم. وهو ما سجّلته الأرقام في أعقاب إنجاز الاتفاق في العام 2015، قبل أن تتغيّر الأمور لاحقًا.
وتشير مصادر متابعة للملف النفطي، إلى أن "احتمالات إيصال النفط الايراني إلى لبنان، مرتفعة. كما يمكن القول بصورة أو بأخرى، أن إيران قد أوصلت، وما زالت، النفط إلى لبنان بطرق شتّى". وتشير المصادر في حديث لـ"المدن"، إلى أنه "من الضروري توسيع دائرة الرؤية وعدم حصر إمكانية إيصال النفط عبر القنوات التقليدية. حتى أن القول بقبول إيران الليرة اللبنانية، أمر غير مستبعد، ليس لحاجة إيران إلى الليرة، بل لتأكيد رغبتها في إيصال النفط وإن كان ذلك بشكل مجاني. أما مقاربة الرغبة الإيرانية من زاوية سياسية، فيجوز، لكنه من الزاوية الاقتصادية ممكن، بغض النظر عن نوايا إيران السياسية. وفي جميع الحالات، لم يعد لبنان بقادرٍ على احتمال تصعيد أزمة المحروقات، وأصبح بحاجة لتوفير كميات إضافية، مهما كان الثمن".

بين التخزين والتهريب
تمتلك إيران نفوذًا قويًا في سوريا. وخطوط التهريب مفتوحة من لبنان إلى سوريا والعراق، وبالعكس. فلماذا لا تُستخدم هذه الطرق في إيصال المحروقات الايرانية إلى لبنان؟ تقول المصادر أن إيران "ربما تستعمل طرق التهريب لإيصال المحروقات، وربما تكون قد وصلت كميات كبيرة إلى لبنان، وما زالت حتى الآن مخبّأة، على غرار المواد الغذائية التي ظهرت فجأة، لكنها في الحقيقة كانت نائمة في المستودعات".

وتضيف المصادر أن "بعض محطات الوقود في لبنان أعلنت عدم قدرتها على تأمين المحروقات للمواطنين، وأخرى تعلن مرارًا نفاد مخزونها، لكن لا أحد يستطيع التأكد مما هو مُعلَن. وهذا يسمح لتلك المحطات بتخزين كميات كبيرة، يشتريها حزب الله، وتكون بمثابة تأمين إيران للنفط في لبنان، من دون أن تعتمد الطرق التقليدية التي يبقى استعمالها ممكنًا، لكنه مرهون بمسار التفاوض مع الولايات المتحدة".

الأميركيون والروس يدركون الوسائل التي يمكن لإيران إيصال المحروقات إلى لبنان من خلالها. وإن كان الروس حلفاء للإيرانيين في المنطقة، وهذا يبرر سكوتهم، فإن رغبة أميركا في الوصول إلى خواتيم إيجابية في ما يخص الاتفاق النووي، يدفعها إلى التغاضي عن بعض التهريب نحو لبنان أو تأمين النفط عبر شركات معروفة. "ففي النهاية، التجار يريدون المال، بغض النظر عن الجهة المستفيدة، أو عن الانقسامات السياسية. وأميركا قد تسمح بالقليل من أقنية التنفّس للبنان".

المحروقات تشكّل حاجة حيوية تتعلق بالحياة اليومية، والانقسام السياسي الداخلي والخارجي، لا يستطيع أن يصل إلى حد خنق البلاد كليًا. إذ لا بد من السماح ببعض الهواء، وإن استمرت حالة الرعب المعاشة حاليًا. وهنا، تتكامل الحاجة لاستمرار ضخ الهواء للبنان، وإن قليلًا، مع الحاجة الدولية للوصول إلى اتفاق مع إيران، وتتكامل أيضًا مع تحضير البنية التحتية لايصال المحروقات، فيصبح توفير المحروقات الإيرانية، أو المدعومة إيرانيًا، أمرًا يسيرًا. فالمحطات المملوكة لجمعيات إسلامية ومؤسسات شبه حزبية موجودة، ومنشآت النفط في الزهراني تخضع لسيطرة الثنائي الشيعي، والتجّار حاضرون لتمويه عمليات البيع. وسوريا والعراق ساحتان مفتوحتان أمام الإيراني.. وكل ذلك ينتظر لحظة معينة يصبح فيها الفيتو الأميركي أكثر هشاشة، بما يسمح بتجاوز شكليات الانقسام.
وبهذا قد يصدق كلام نصرالله عن جلب البنزين من إيران.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024