عزة الحاج حسن
كما أن المادة 90 من قانون النقد التسليف تمنع على مصرف لبنان إقراض القطاع العام. أما الإستثناء الضيّق الملحوظ في المادة 91 وما يليها، فهو السماح بالإقراض ضمن آلية وشروط صارمة. من هنا، تجزم نقابة المحامين في بيان لها صدر اليوم الخميس في مسألة تمويل القطاع العام من أموال المودعين، أن كل ما حصل في الأعوام الماضية من إقراض مفرط للقطاع العام من قبل مصرف لبنان، وبمشاركة المصارف، يشكّل مخالفة جسيمة للقانون ولأحكام الدستور.
وتوضح نقابة المحامين أن أموال المودعين الموجودة في المصارف، وبالتالي لدى مصرف لبنان، هي ملكهم. والملكية الخاصة مصانة بموجب المادة 15 من الدستور، وليس لمصرف لبنان أن يستعملها على هواه.
ولوضع حد للتمادي على أموال المودعين خلافاً للقوانين، توجّهت نقابة المحامين بكتب إلى كل من مصرف لبنان وجمعية المصارف. ذكّرت الأول بوجوب تطبيق أحكام المادة 90 وما يليها من قانون النقد والتسليف. وطالبت الثاني باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والقضائية مع المصارف ولدى المصارف المراسلة، لمنع مصرف لبنان من التصرّف بما تبقى لديه من أموال المودعين.
معركة قانونية لحماية أموال المودعين
والأهم من ذلك هو توجّه نقابة المحامين إلى الطلب من المدقّق الجنائي Alvarez & Marsal التدقيق في كيفية تطبيق مصرف لبنان للمادة 90، وما يليها من قانون النقد والتسليف، خلال العقود الماضية، لتبيان مسؤوليات كافة أجهزته، بدءاً من الحاكم ونوابه إلى المجلس المركزي ومفوّض الحكومة وممثلي وزارة المالية ووزارة الاقتصاد، وكل معني شارك أو سكت عن المخالفات والإرتكابات. والسؤال هل فتحت نقابة المحامين معركة قانونية لحماية أموال المودعين؟ وهل من أسلحة قانونية في الخارج قد تلجم التطاول على ما تبقى من ودائع؟
تعهّدت نقابة المحامين، منذ بداية الأزمة، بأن تكون "نبراس الدفاع الأول عن أموال المودعين"، حسب أحد المحامين المقرّبين من النقيب ملحم خلف. فبادرت إلى مواجهة السلطات النقدية والمصرفية من خلال بياناتها التحذيرية، والتصعيد لاحقاً من خلال رفع دعاوى أمام قضاء العجلة، لتحرير أموال مودعين. وهذا الأمر يأتي في إطار سياسة النقيب لحماية المودعين. وهناك أكثر من مبادرة قامت بها النقابة لتحصيل حقوق المواطنين، من شأنها أن تحرز تقدماً. لكن مع الأسف هناك انفصال بين السلطة السياسية والواقع. الأمر الذي عقّد الأمور أكثر.
النقابة تخوض معركة قانونية لتحصيل حقوق المواطنين وحماية أموال المودعين، ومن غير المقبول الاستمرار بتمويل القطاع العام من أموال المودعين. فتشغيل المرافق العامة من مسؤؤولية الدولة وليس المودعين، يقول المحامي في حديثه إلى "المدن". وفي حال التوصل إلى حائط مسدود أمام القضاء اللبناني على غرار ما حصل بقضية انفجار مرفأ بيروت، هناك احتمال كبير للتوجّه إلى القضاء الدولي، ولا شيء يمنع مقاضاة المسؤولين عن هدر أموال المودعين أمام المراجع الدولية.