لا أحد يحاسب إسرائيل على جرائمها بحق الصحافيين

المدن - ميديا

السبت 2022/05/14
قالت صحيفة "غارديان" البريطانية أن اغتيال الصحافية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، يسيء إلى "ديموقراطية إسرائيل". وأوضحت في افتتاحيتها، أنه لا أحد يحاسب في إسرائيل على جرائم قتل الصحافيين.


ولفتت الصحيفة إلى أن مقتل أبو عاقلة "وهي واحدة من أشهر الصحافيين العرب، ليس محزناً ومدمراً فقط لأصدقائها ومعجبيها، وإنما أيضاً هو نذير فتاك بأن الحريات الصحافية في الأرض المقدسة تحت العدوان".

ورأت الصحيفة أن الرد الإسرائيلي كان معهوداً "إذ زعم أن مطلق النار كان فلسطينياً. ثم سرعان ما تم التخلي عن هذه المقاربة عندما انكشف بطلان ادعاء الجيش. تقول إسرائيل الآن إن قواتها لربما أطلقت النار عليها عرضاً. إلا أن التصريحات الرسمية حول المقذوفات تفيد بأن إسرائيل تعتقد بأنه لا بد من إثبات التهمة بلا أدنى شك، وإلا فإنه لا يمكن توجيه تهمة القتل لأحد".

وانتقدت "غارديان" الموقف الغربي العام من القضية، ففيما طالب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بإجراء تحقيق مستقل، فإن الخارجية البريطانية لم تطالب بذلك. معتبرة أن التحقيق في القضية ضروري من أجل محاسبة القاتل مهما كانت هويته.

ومنذ العام 2000 قتلت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 47 صحافياً. والفلسطينيون بالذات أكثر عرضة من غيرهم، لأن كثيراً منهم ما لا يُعامل كمراقب محايد، وإنما كأنهم متحزّبون، ويندر بالتالي منحهم تصاريح رسمية، وتقيد حركتهم ويُعتدى عليهم بينما يحظى المعتدون بحصانة من المساءلة. ولم يحاسب في إسرائيل أحد على قتل أي من الصحافيين. ولذلك يريد الرئيس الفلسطيني محمود عباس التوجه بقضية أبو عاقلة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وقبل عملية القتل الأخيرة، كان "الاتحاد الدولي للصحافيين" تقدم بدعاوى إلى المحكمة تفيد بأن استهداف إسرائيل للصحافيين يرقى إلى ارتكاب جرائم حرب. وكانت إسرائيل في أيار/مايو الماضي قصفت برجاً إعلامياً في مدينة غزة يضم مكاتب شبكات إعلامية فلسطينية ومكاتب وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، وزعمت حينها بأن المكتب يستخدم من قبل حركة "حماس".

في السياق عرضت صحيفة "واشنطن بوست" قصص خمسة صحافيين من بينهم أبو عاقلة، قتلوا أثناء تغطيتهم لانتهاكات قوات الاحتلال، من دون أن يقدم أحد في إسرائيل للمحاكمة أو يعاقب.

وكانت أبو عاقلة، المراسلة المخضرمة في قناة "الجزيرة" ترتدي سترة واقية مكتوباً عليها كلمة "صحافة" عندما كانت تغطي مداهمة إسرائيلية صباح الأربعاء. وسترة كهذه هي بمثابة إشارة لتفريق الصحافيين عن الجماهير والمقاتلين وتؤشر للجميع عدم استهدافهم. إلا أن هذه السترة لم تمنع من قتل 19 صحافياً على الأقل في المناطق الفلسطينية، بحسب "لجنة حماية الصحافيين" في نيويورك. وكان من بينهم 16 فلسطينياً تحملوا بشكل غير متناسب وطأة العنف الذي يمارسه جيش الاحتلال، في كل من الضفة الغربية وغزة. وجرح الكثير من المراسلين والمصورين الصحافيين وصحافيي الفيديو بسبب الغارات الجوية والرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع والضرب الجسدي أثناء عملهم.

وعرضت الصحيفة قصة مقتل ياسر مرتجى، المصور الصحافي شركة إنتاج إعلامي في مدينة غزة. ففي سن الـ30 عاماً لم يخرج أبدا من الجيب الساحلي الذي يحاصره الاحتلال، وأطلق قناص إسرائيلي النار على مرتجى في نيسان/أبريل 2018 وقتله، حيث كان يغطي مسيرات العودة قرب المنطقة العازلة لغزة ومثل أبو عاقلة، كان مرتجى يرتدي سترة الصحافة عندما قتل.

أما سايمون كاميلي (35 عاماً) فكان مصوراً صحافياً لوكالة "أسوشييتد برس" ومات في آب/أغسطس العام 2014 عندما كان في مهمة صحافية في غزة. وكان يصور الشرطة وهي تحاول تفكيك قنبلة غير منفجرة، أطلقتها قوات الاحتلال أثناء الحرب، وإبطال مفعولها.

إلى ذلك قتل فضل شناعة، المصور الصحافي لصالح وكالة أنباء "رويترز"، العام 2008 بقذيفة أطلقتها دبابة إسرائيلية باتجاه فريق التصوير في غزة، وكان عمره 23 عاماً. وكانت صورة الدبابة والقنبلة المنطلقة منها آخر صورة التقطتها كاميراته، وقتل الهجوم ثمانية مدنيين آخرين. وكان شناعة يرتدي سترة زرقاء مكتوب بوضوح عليها "صحافة" وانتقل بعربة مكتوب عليها "تي في".

وبعد أربعة أشهر برأ تحقيق إسرائيلي القوات وتوصل لنتيجة أنه "لم يكن قادراً على تحديد الشيء الذي كان محمولاً على حمالة ومعرفته بشكل إيجابي إن كان صاروخاً مضاداً للدبابات، أو مدفع هاون أو كاميرا تلفزيون".

ورفضت "رويترز" النتيجة وطالبت بتحقيق مستقل. وقالت حينها: "من الواضح أن إسرائيل خرقت التزاماتها بناء على القانون المدني وتجنب إيذاء المدنيين". وأضافت أن "رويترز وجماعات حقوق الإعلام تؤكد أن تصرف الجيش هو تحرك واضح للحد من حرية الإعلام واعتباره خطيرا حتى لو استخدم كاميرا في ظل وجود الجيش".

وفي العام 2003 قتل الصحافي البريطاني جايمس ميلر (35 عاماً) أثناء تصويره فيلماً وثائقياً في غزة. وكان ميلر وفريقه يحاولون مغادرة بيت شخص عندما قال زملاؤه وشهود عيان أن دبابة إسرائيلية فتحت النار عليهم. وفي ذلك اليوم قامت القوات الإسرائيلية بهدم وعمليات في المنطقة ضد أنفاق مزعومة تربط ما بين غزة ومصر.

وكان ميلر وفريقه يرتدون سترات كتب عليها كلمة "صحافة" بصورة واضحة. وقال زملاؤه أنهم كانوا يؤشرون للجيش الإسرائيلي أنهم يخططون لمغادرة المنطقة. ونفى الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن قتل ميلر وأنه قتل أثناء تبادل إطلاق النار مع الفلسطينيين وبرصاصهم. وبرأ تحقيق لاحق الجنود الإسرائيليين من الجريمة. ورفضت عائلة ميلر النتائج وطالبت بتحقيق مستقل. وفي العام 2006 أكدت محكمة بسانت بانكرس في لندن أن إسرائيل استهدفت عمداً ميلر بناء على نتائج جمعها محقق خاص استأجرته العائلة بعد مقتل ميلر مباشرة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024