"لهون وبس".. لا جديد سوى الديكور!

علي شهاب

الجمعة 2019/10/11
منذ انطلاقته، سار برنامج "لهون بس" في مسار تصاعدي، وسرعان ما حجز لنفسه حيزاً مهماً في سهرات اللبنانيين، وفرض مقدم البرنامج هشام حداد نفسه مؤثراً في صناعة الرأي العام المحلي، قبل أن يعلن عن جديده، فلم يظهر منه إلا الديكور. 

ولا يُخفى إن إعداد وتقديم برنامج ساخر على شاشة التلفزيون من اصعب المهام في الإعلام المرئي. وفي بلد كلبنان، تبدو المهمة أشد صعوبة، في حال كان استهداف الأداء السياسي في صلب رسالة العمل. ومع ذلك، في إستطاعة أي متابع لتطور البرنامج أن يلحظ هذا المسار التصاعدي حتى الموسم السابق، رغم بعض الملاحظات التي لا تنال من نجاحه. لكن الحلقة الأولى من الموسم الخامس جاءت مخيبة للآمال.

استبق هشام حداد انطلاقة الموسم الخامس بتغريدة أراد منها تحويل الانتباه إلى "ديكور رائع" و"مضمون جديد"، وهو ما أشار إليه ترويج القناة في موقعها بالحديث عن "تغييرات جذرية".

لكن الانطباع العام الذي يخرج به المُشاهد، بعد انقضاء الساعة الأولى من الحلقة، التي امتدت ساعتين تقريباً، هو تكرار للموسم السابق في المضمون، وإن بدت محاولات فريق العمل واضحة في إضفاء حلة جديدة من حيث الشكل.

حفظ الجمهور ردود أفعال حداد وأسلوبه في التعليق. كما أن قدرات مساعديه باتت معروفة. هناك حاجة في هكذا نوع من البرامج إلى جهد مضاعف.

للمقارنة مع النسخة الأميركية الأولى من البرامج الشبيهة، نأخذ مثلاً برنامج "دايلي شو" لجون ستيوارت، فقد كان نحو 30 شخصاً يشاركون في إعداده.

حتى أن النسخة العربية الأولى الناجحة، والمتمثلة في "البرنامج" للمصري باسم يوسف، استندت إلى فريق إعداد مبدع من خمسة أشخاص اتخذ كل منهم مساره الخاص بنجاح بعد توقف البرنامج.

ولعلّ الحكم على الموسم الجديد من "لهون وبس" يحتاج إلى متابعة الحلقات اللاحقة، خصوصاً أن الحلقة الأولى قامت على حجم المواد المخصصة للتعليق الساخر ومحاولة مواكبة الأحداث الفائتة في الصيف، على حساب فقرة الضيف، علماً أن الحلقة الثانية من الموسم الجديد ستعود إلى إدراج فقرة الضيف ضمن "الفورمات".

لكن وفرة المواد والتعليقات لا تبرر إعتماد "الإيفيهات" المألوفة نفسها، وهذا عنصر يحتاج إلى تجديد دائم في هكذا نوع من البرنامج.

ولا ينطبق التكرار في المضمون على دور المقدم وحده، بل ينسحب كذلك على المساعدين، كفقرة "إيلي جلادة" الذي لم يكن موفقاً في تنفيذ تقريره عن الخبر الذي تناولته صحف عالمية حول قضية رئيس الوزراء سعد الحريري وعارضة الأزياء الجنوب أفريقية. فظهر التقرير مبتذلاً بشكل مستغرب، بعد أسابيع، من عطلة البرنامج، خصوصاً أن "إيلي" نفسه شكلّ إضافة نوعية في الموسم السابق وهو يتمتع بالقدرة على إضحاك المشاهدين بسرعة بديهته وسلوكه غير المتوقع.

أما في ما يخص فقرة "أمل طالب"، فقد بات ضرورياً إيجاد مقاربة مختلفة لموضوع الاعتماد على اللهجة "البعلبكية" او "البقاعية" في شاشات التلفزة المحلية. فالاعتماد على محاكاة اللهجة لا يكفي وحده لرسم البسمة، بل إن هذه الخاصية تفرض على صاحبها العمل على محتوى متقن و"أصلي"، بمعنى إبتكار مضمون غير مشابه لما يمكن العثور عليه في شبكات التواصل بوفرة.

وإن كانت "أمل" تمتلك موهبة العفوية والبساطة في التقديم، إلا أن فقرة "لهون وباص"، التي تجول فيها على مناطق لبنانية، لم تقدم جديداً يتناسب مع طبيعة البرنامج، خصوصاً أن وقت الفقرة غير كافٍ لمعالجة هكذا فكرة، كما أن تنفيذها بدا بعيدًا من روح البرنامج، وبدت أقرب إلى استراحة للجميع، من دون ارتباط وثيق بهوية "لهون وبس".

وحسناً فعل فريق البرنامج في تثبيت فقرة الأغنية التي خُصصت في الحلقة للتعليق على أزمة الدولار وسعر صرف الليرة، على لحن "خضرا يا بلادي خضرا" للفنان الراحل وديع الصافي.

على أنّ أداء هشام حداد نفسه لم يشهد تطوراً عن السابق، بل وقع أحياناً في خطيئة "التنقير" على بعض المتظاهرين والمحتجين على أوضاع البلد، في برنامج ينتظره المشاهدون للتعبير عن وجعهم بطريقة ساخرة من الطبقة الحاكمة!

وإن كان تقديم هذا النوع من البرامج أمر صعب، فإن التمييز بين السخرية السياسية والاجتماعية، وبين الابتذال، يصير أصعب مع كل حلقة جديدة. وهذا ما ظهر في أداء المقدم المساعد، جاد أبو كرم، الذي كرر نفسه، وبدا حضوره أكثر التزاماً بظِلّ هشام.

غير ان الملاحظات على الثغرات ونقاط الضعف المحتملة لا تعني بالضرورة تراجع مشاهدة البرنامج الذي أثبت حضوره في سهرات اللبنانيين، وتحول معه هشام حداد إلى شخصية مؤثرة، سواء اتفقنا أم اختلفنا مع آرائه.

ولا شك أن الحكم النهائي على الموسم الجديد من "لهون وبس"، يتطلب متابعة الحلقات المقبلة، على أمل أن تحمل معها جديداً في المضمون.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024