باسيل والرغبة السورية: عقدة ستوكهولم مطورة؟

نور الهاشم

الإثنين 2019/10/14
ليس الغريب في وعد وزير الخارجية جبران باسيل بزيارة سوريا، إلا مناسبة الاعلان عنه. في ذكرى بسط النفوذ السوري في لبنان، في 13 تشرين 1990، فجّر باسيل قنبلته الصوتية، مرفقاً اعلانه بتبرير لا يقنع القوى السيادية اللبنانية المناهضة لسوريا، ولو أنه يقنع جمهوره، وجزءاً من الجمهور المسيحي الآخر الذي يرى في الوجود السوري اللاجئ، تهديداً وجودياً. 

غير أن المناسبة التي اختارها لإعلانه، تقود الى تحليلات غير سياسية كثيرة، بينها القراءة النفسية التي تستدعي السؤال: "هل يعاني باسيل عقدة ستوكهولم"؟ في اشارة الى عقدة تعاطف الضحية مع الجلاد، والتماهي معه، وتبني مطالبه. 

وأنصار هذا الرأي، ينطلقون من واقعة تاريخية، دفع فيها التيار الذي يترأسه باسيل الآن، ثمن الإقصاء والالغاء، لمدة 15 عاماً. يوم نفذ النظام السوري عملية عسكرية، تمت تغطيتها دولياً، أسفرت عن السيطرة على القصر الجمهورية في بعبدا، وإبعاد العماد ميشال عون، رئيس الحكومة العسكرية في ذلك الوقت، الى منفاه الفرنسي. 

وعليه، لا يمكن اسقاط الدافع الشخصي وراء هذا الاعلان، في هذه المناسبة. ذلك انه من الناحية السياسية، هو فعل إدانة، بُنيت عليه سرديات كبيرة، وحيكت خطابات في هذه المناسبة لا تبرر اعلاناً مشابهاً في هذه المناسبة. وهي مناسبة، يفترض أنها استعادة لتأكيد المؤكد بأن النظام السوري أقصى التيار وقساه، ولم يقدم له، من الناحية السياسية، حتى الآن، أي خدمة.

ففي وقت كان النظام لا يزال محتفظاً بأوراق لبنانية، لم يطرأ أي تغيير على علاقتهما سوى بزيارة العماد عون، النائب اللبناني ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النيابي في ذلك الوقت، الى براد السورية. ويوم وصل الى الرئاسة، كان اللاعبون المحليون والإقليميون محددي ذلك المسار، وليس النظام الذي كان يهتز تحت حروب منتشرة في مساحة الجغرافيا السورية. 

والدافع الشخصي الذي جرى التعبير عنه في مواقع التواصل الاجتماعي، يتصدر المعطيات السياسية لدى باسيل، تلك التي تدور حول شقين. أولهما ان التيار كان واضحاً بأن علاقته مع سوريا تُبنى بعد رحيل الجيش السوري من لبنان، وهو ما حصل. والثاني، أن هناك معطى سياسياً متعلقاً بعودة النازحين، وهو ما عبّر عنه باسيل. وعليه، لم يبق من الدوافع والاسباب الا البُعد الشخصي والنفسي. 

تذهب القراءة النفسية في اعلان باسيل، الى أبعد من التعاطف، بوصفها عقدة "ستوكهولم" أكثر تطوراً، تنطلق من أوهام المقصيّ بأن جلاده ضحية، وأنه صاحب مطلب حق. أو أنه، في حدوده الدنيا، نافذ وقادر وصاحب سطوة وحذوة!

هنا، يلتقي المعياران النفسي والشخصي. والاخير، مطعّم بالطموح والاوهام. فإذا كان يظن ان جلاده لا يزال قوياً، يبرر له ذلك، حكماً، البناء على اوهام القوة لتحقيق رغبة سياسية. وهي الاشارة الاكثر وضوحاً في تصريحات سياسية قاربات أبعاد الإعلان عن الزيارة التي لم تردعها المناسبة، ليس أقلها عمل باسيل على تمهيد الطريق الى الرئاسة. وهي قراءة تتجاوزالاشارات في مواقع التواصل الاجتماعي الى طموح رئاسي، لتصبح قراءة سياسية أوضح، عبّر عنها وزير الصناعة وائل ابو فاعور الذي  قال: "تذهبون الى سوريا لتتسولوا وتتوسلوا الرئاسة". 

هذه الخلفيات، تقابلها مبررات باسيل السياسية، الأكثر وضوحاً، عندما ردد بأنه سيزور سوريا "لكي يعود النازحين". تلك التي تقنع جمهوره، فيما لا تقنع خصومه. هو يحارب بالمبررات السياسية، والآخرون يخاصمونه بطموحاته. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024