محسوبيات الوسط الفني.. هكذا تتكرر الوجوه في الدراما اللبنانية

ميرا هاشم

الثلاثاء 2021/09/07
باتت المحسوبيات والشللية صفة ملازمة للدراما اللبنانية في السنوات الأخيرة، بعدما أصبح لكل شركة إنتاج ممثلون معينون يطلون بانتظام في أعمالها، ما تسبب في مشكلة تكرار الوجوه من عمل إلى آخر.


يتحول هذا إلى مشكلة أكبر عندما يُعرض للممثل الواحد أكثر من عمل في الموسم نفسه، وفي التوقيت نفسه أحياناً، لأنه يتسبب في ضياع المشاهد الذي تختلط الأمور عنده، ويضيع بين عمل وآخر ولا يعرف في دور أو في أي عمل شاهد هذا الممثل أو ذاك، مثلما حصل في تجربة فادي أبي سمرا الذي ظهر في ثلاثة أدوار متشابهة ضمن ثلاثة أعمال خلال الموسم الرمضاني الفائت، وأيضاً كاتيا كعدي التي أطلت في "للموت" و"عشرين عشرين" و"راحوا".



على أن شركات الإنتاج المحلية لا تتحمل وحدها تبعات احتكار الوجوه في الدراما، بل يطاول اللوم أيضاً الممثلين أنفسهم أيضاً، لأن قرار القبول أو الرفض يعود لهم، علماً أن ظهورهم المتكرر على الشاشة ينعكس عليهم سلباً ويتسبب في استهلاك صورتهم الفنية.

الممثلة إلين لحود، تعتبر أن لدى شركات الإنتاج مجموعة معينة من الممثلين تتعامل معها، وقد تلجأ إلى التنويع من خلال التعامل مع وجهين جديدين في كل عمل جديد، لكن الممثلين الأساسيين يبقون هم أنفسهم من عمل إلى آخر. وأشارت في حديث مع "المدن" إلى أنها لا تستطيع أن تفرض نفسها، لأن شركة الإنتاج أو مدير الإنتاج أو مدير الكاستينغ باتوا معتادين على التعامل مع وجوه معينة، ويعتبر ذلك "مريحاً أكثر.. وأفضل تسويقياً".



وأضافت لحود: "لست مع هذه الطريقة في التفكير، ولو كنت مديرة كاستينغ، لكنت تحديت وأجريت كاستينغ دقيقاً بحثاً عن التنويع، لأنني أرى أن المشاهد يجب أن يشتاق إلى الممثلين بدلاً من مشاهدتهم هم أنفسهم في العمل تلو الآخر. المشاهد سيتشتت عندما يشاهد الممثل نفسه في عملين يعرضان في توقيت واحد. لا شك أن الممثل يتحمل بعضاً من المسؤولية، إذ يفترض به ألا يقبل كل ما يعرض عليه، خصوصاً أن بعض الممثلين يكررون أدوارهم تجنباً لرفضها، ولكي لا يزعل منهم القيمون على الدراما".

زينة مكي التي تعرف عنها المشاركة في أعمال شركة "الصبّاح"، شاركت في تجربة وحيدة مع شركة "ايغل فيلمز" من خلال مسلسل "دانتيل"، وتعتبر من جهتها أن الجمهور هو الذي يطالب أحياناً بوجوه معينة لأنه يحبها.

وقالت: "أسمع تعليقات سلبية حول هذا الموضوع، لكن بعض الثنائيات حققت النجاح لوجود كيمياء بينها، ولا مانع من تواجدها معاً، لكن ليس في أعمال متلاحقة، لأن الناس يملّون. وعلى الممثل أن يكون ذكياً لناحية اختيار اطلالاته لأن الناس يحبون التجدد في الوجوه والاسماء"، مضيفة: "أنا ضد التكرار المبالغ فيه، والتنوع يبقى الخيار الأفضل. أشعر بتحدٍ أكبر عندما أعمل مع زميل جديد للمرة الأولى".

ولا تنكر الممثلة ماري تيريز معلوف، ظهور وجوه جديدة في الدراما، لكنها لا تنفي في الوقت نفسه وجود الشِّلَليات. وقالت: "ازدياد عدد المسلسلات المُنتَجَة في لبنان أتاح الفرصة أمام بعض الممثلين للظهور عبرها كما استطاع البعض منهم أن يفرض نفسه، لكن هذا الأمر لا يلغي وجود شللية في مجال التمثيل".



كما اعتبرت معلوف أن الناس ملّت الوجوه المكررة: "هناك بحث عن وجوه جديدة  والإنتاجات المشتركة تلعب دوراً كبيراً في خلق فرص للتواجد فيها. مثلاً أنا موجودة في الساحة منذ عشر سنوات، وكانت تمرّ فترات طويلة أبقى فيها من دون عمل، أو كانت تُعرض علي أدواراً صغيرة، واليوم صرت أتواجد في أدوار أكبر بسبب إزدياد عدد الانتاجات وإنتشارها". 

في السياق، لفت نقيب الممثلين السابق، الممثل جان قسيس، إلى أن تكرار الوجوه بات ظاهرة منتشرة في الدراما العربية، وليس اللبنانية فقط. وقال: "في الموسم الرمضاني الحالي، أطل الممثلون أنفسهم تقريباً في 3 أو 4 مسلسلات، وهذا الأمر يؤكد وجود "كليكات" في الوسط الفني رغم أن هناك طاقات مهمة من دون عمل في بيوتها، لا أحد يسأل عنها، ويرفضون طرق الأبواب وأنا واحد منهم".

وقال أن "من يختارون الممثلين يفعلون ذلك تحت ذريعة أنهم يرتاحون للتعامل مع أسماء معينة، ولو أنهم يجربون غيرهم فلا شك أنهم سيرتاحون معم أيضاً". ودعا قسيس إلى الايمان بالطاقات الجديدة وقال: "يجب أن يكون هناك حرص على تحويل الدراما اللبنانية الى صناعة حقيقية، وأن يتم تطعيمها بطاقات جديدة، وتزويدها بنصوص جيدة بالتعاون مع كتّاب أكفاء لكنهم في الظل أو منسيون، ومخرجين مبدعين من خريجي الجامعات اللبنانية. هنالك الكثير من الطاقات الشابة والمبدعة التي تحصد جوائز عالمية في المهرجانات العالمية، لكن أحداً لا يلتفت إليها في لبنان".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024