العراق: عودة جزئية للإنترنت.. لكن التهديدات للصحافيين وعائلاتهم مستمرة

المدن - ميديا

الأربعاء 2019/10/09
أثارت سلسلة هجمات وتهديدات طاولت وسائل إعلام عديدة في العراق، قلق الأمم المتحدة وصحافيين وناشطين، ما دفعهم لمطالبة الحكومة بمنع "إسكات" الإعلام الذي يقوم بتغطية الاحتجاجات.

وعززت عمليات الاقتحام، قبل أيام، المخاوف على حرية التعبير، مضافةً إلى إقدام السلطات على حجب الإنترنت تماماً بعد انطلاق حركة احتجاجية مناهضة للحكومة في بغداد ومدن جنوبية، ولم يجر أي استهداف لوسائل إعلام دولية يتخذ بعضها تدابير لضمان سلامة موظفيها.

مساء السبت الماضي، تعرضت قنوات "أن آر تي" الناطقة بالعربية ومقرها الرئيسي في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، وقناة "دجلة" المحلية التي تتخذ من الأردن مقراً لها، وقناة "العربية" لعمليات اقتحام من قبل مجهولين، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

وأشارت قناة "أن آر تي" إلى أن مسلحين حطموا المعدات واستحوذوا على هواتف الموظفين، ما دفعها إلى إيقاف البث مؤقتاً. كما داهمت قوات أمنية مقر قناة محلية أخرى هي "النهرين"، ودمرت معداتها، إضافة إلى تلقي قناتي "هنا بغداد" و"الرشيد" تهديدات. وقال صحافي في "الرشيد" التي غطت التظاهرات عن كثب واتهمت القوات الأمنية باستخدام العنف بشكل عشوائي، "تلقينا تهديدات مباشرة بشأن تغطيتنا للاحتجاجات".

وأضاف الصحافي الذي طلب عدم كشف هويته "لقد أخبرونا: إما أن تغيروا خط التحرير الخاص بكم، أو سيكون مصيركم مماثلاً لـ"أن آر تي" والبقية، لذلك فضلنا الحد من تغطيتنا".

وفي هذا الإطار، قالت الممثلة الأممية في العراق هينيس بلاسخارت أنها "صدمت من التخريب والترهيب الذي قام به مسلحون ملثمون بحق وسائل إعلام"، مضيفة أن "المطلوب جهود حكومية لحماية الصحافيين. الإعلام الحر أفضل ضمانة للديموقراطية القوية".

وعلى مدار الأسبوع الماضي، أبلغ المدونون والناشطون في مناطق جنوب البلاد أيضاً عن تلقي رسائل نصية ومكالمات هاتفية تهددهم وأسرهم. وقال مازن علوان من قناة "دجلة" للاتحاد الوطني للصحافيين العراقيين أن "تغطية الاحتجاجات صعبة جداً، ومختلفة التغطية المعتادة للأحداث، لأن كل ما يطرأ على المتظاهرين تتعرض له الفرق الإعلامية".

ويحتل العراق المرتبة 156 من بين 180 دولة على لائحة "مراسلون بلا حدود" لمؤشر حرية الصحافة في العالم للعام 2019. وانتقدت "مراسلون بلا حدود" القيود التي تفرضها قوات الأمن على الصحافيين باعتبارها "تقييداً غير متناسب وغير مبرر للحق في الإعلام". وقالت رئيسة مكتب الشرق الأوسط للمنظمة صابرينا بنوي أن على عاتق القوات الأمنية والسلطات المحلية واجب ضمان سلامة الصحافيين حتى يتمكنوا من إنجاز تقاريرهم بدلاً من حظر جميع أنشطتهم.

من جهته، اعتبر رئيس مرصد الحريات الصحافية، زياد العجيلي، أن هذه هي المرة الأولى التي "نشهد فيها محاولات مماثلة لترهيب" وسائل الإعلام، مضيفاً أن "هذه العمليات منظمة لإسكات الإعلام، وقائمة على تخطيط مسبق، وهو العمل الأساسي لقمع المتظاهرين. وبالطبع منع الإنترنت هو جزء من ذلك". وحذر من أن هناك "تخوفاً من اعتداءات أخرى".

في السياق، اعتبر الرئيس العراقي برهم صالح في وقت سابق هذا الأسبوع أن "ما تعرضتْ لهُ بعضُ القنوات ووسائل الإعلام من ترهيب، غير مقبول دستوراً أو قانوناً وهو يمثل ضربةً لقيم العراق الدستورية"

وانطلقت موجة الاحتجاجات الأسبوع الماضي في العاصمة بغداد ومدن جنوبية عدة، وطالب فيها المتظاهرون، وغالبيتهم من الشباب، بمحاكمة الفاسدين وتوفير فرص عمل، بعد دعوة على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي اليوم التالي، قيدت السلطات إمكانية الوصول إلى مواقع التواصل، خصوصاً "فايسبوك" و"إنستغرام"، قبل حجب الوصول إلى شبكة الإنترنت بشكل كامل في جميع أنحاء العراق، ما عدا كردستان العراق.

واعتبر المتظاهرون تلك الخطوة محاولة لمنعهم من نشر صور وفيديوهات، للاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل 110 أشخاص بينهم رجال أمن. فيما قالت مصادر صحافية محلية أن الحكومة العراقية اتخذت، صباح الأربعاء، إجراء بعودة خدمة الإنترنت في البلاد.

ونقل موقع "السومرية نيوز" عن مصدر في خلية الأزمة الحكومية، أن خدمة الإنترنت ستعود في العراق، ولكن سيتم قصرها فقط على أوقات الدوام الرسمي. وقال المحلل الأمني، هشام الهاشمي، نقلاً عن المصدر الرسمي: "أوقات بث خدمات الإنترنت، ستكون فقط من الساعة السابعة صباح، وحتى الساعة الثالثة بعض الظهر". وتابع: "هذا إجراء مؤقت، قد يستمر إلى حين انتهاء مراسيم زيارة الأربعينية".

وكانت شبكة "نت بلوك" أعلنت قبل أيام عودة الإنترنت بشكل جزئي في العاصمة العراقية بغداد فيما يستمر حجب مواقع التواصل. وقالت الشبكة المتخصصة في مراقب الأمن السيبراني وإدارة الإنترنت: "إنه تم التأكد من عودة الإنترنت إلى العراق بعد 78 ساعة من حجبه"، مضيفة أن "مؤشرات حركة بيانات الاتصال تصل إلى 60 في المائة". وتابعت: "ما زالت موقع التواصل الاجتماعي محجبة لمعظم المستخدمين".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024