منى عراقي تشرب من الكأس عينه

أحمد ندا

الأربعاء 2015/02/18

سيظل حلم "السبق" هو الهدف الذي يسعى إليه الصحافيون الاستقصائيون. ركوب الخطر وكسر القوانين –ربما، في سبيل الحصول على المعلومة ونقلها للناس. غير أن الفارق بين الجرأة والرعونة في العمل الصحافي الاستقصائي، مسافة وعي بمعايير العمل المهني، وبعض القواعد الأخلاقية التي تؤطر خطواته.

منذ شهور قليلة، صعد اسم الإعلامية المصرية، منى عراقي، وبرنامجها "المستخبي" على شاشة "القاهرة والناس"، وصار متداولاً بكثافة بعد الكارثة التي كانت بطلتها في ما ادعته من "فضح" حمّام رجال تتم فيه ممارسة الدعارة المثلية. وقتها، خالفت عراقي كل معايير المهنية وكانت السبب في تدمير حيوات أكثر من عشرين شخصا، قادهم حظهم العاثر إلى الحمّام في وقت اقتحام الداخلية وقيام "الإعلامية" بتوثيق بصري للواقعة.

الحاصل أن القضية انتهت ببراءة المتهمين جميعاً من تهمة ممارسة الدعارة، وهو ما لم يجعل عراقي تصمت. فأجرت، قبل أيام، حوارا مطولا مع موقع "مصراوي" الإخباري، قالت فيه إنها تعد المشاهدين والجمهور، "بفيلم قصير عن حمّام البحر، يحتوي على المشاهد الجديدة التي لم تُعرض من قبل، فضلاً عن المشاهد التي عُرضت لأن أحداً لا يملك المادة غيري، والحقيقة الكاملة للحمام لم تظهر بعد".

المفارقة الكلاسيكية في محاولات عراقي المستميتة لعمل استقصائي، ولو لم يكن مطابقاً للمعايير المهنية، هو ما حدث معها منذ يومين، ونشره محامي المتهمين (بلمف الحمّام)، طارق العوضي، في صفحته الخاصة في "فايسبوك"، حيث نشر صوراً لمحضر ضبط وإحضار للإعلامية منى عراقي، بعد بلاغ من مدير مدرسة خاصة يُفيد بقيام عراقي بالتصوير داخل المدرسة من دون إذن.

وجاء في المحضر، المُحرر في 16 شباط/ فبراير، أن عراقي قامت بالتصوير داخل مجمع مدارس "المصرية" المتكاملة بمنطقة العاشر من رمضان، من دون إذن سابق، فقرر المتواجدون في المدرسة التحفظ عليها، وقاموا بالاتصال بشرطة النجدة التي اصطحبتها ونائب مدير المدرسة إلى القسم، وتم عمل مذكرة بالواقعة. وعلق العوضي على الواقعة قائلا: "والله اللي بيجي علينا مبيكسبش، منى عراقي اتقفشت يا رجالة".

من جهتها، قالت إدارة مدرسة "المصرية المتكاملة" بالعاشر من رمضان، في صفحتها في "فايسبوك"، إن أحد مرافقي منى عراقي اعتدى على موظف الأمن بالمدرسة، وقوات الشرطة ألقت القبض عليها، بعدما صورت نت دون إذن واعتدت على موظف بالمدرسة. ونشرت المدرسة مجموعة من صور التحقيق مع منى عراقي داخل قسم الشرطة، أثناء تصويرها داخل المدرسة بلا إذن.

لكن عراقي ادّعت أنها لا تعلم أي شيء عن محضر الشرطة، ونفت التحقيق معها، وصرّحت لموقع "المصري اليوم"، اليوم الأربعاء، قائلة: "عرضنا في أحد حلقات البرنامج تحقيقاً صحافياً حول تزوير مدرسة "المصرية" المتكاملة لشهادت الدبلومة الأميركية، فاتهمني مدير المدرسة بمحاولة التصوير من دون إذن". وأكدت أنها هي من قام بعمل بلاغ ضد مدير المدرسة، واتهمته، وليس العكس، على حد قولها.

الأقاويل التي ترددت حول حقيقة تواجد منى عراقي في هذه المدرسة متضاربة، ولعل من أبرزها شائعة تفيد بأنها ضبطت مع إحدى الطالبات في المدرسة في "وضع مخل" أثناء الإعداد لحلقة عن "الشذوذ الجنسي في المدارس"، وهو ما تكتمت عليه الطالبات وإدارة المدرسة منعا لإثارة مشاكل للطالبة المتورطة معها.

قد تصح و أو لا تصح هذه الشائعة، فلا يمكن اتهام أي شخص بتهمة من باب الشائعات، ناهيك عن أن المثلية في حد ذاتها ليست تهمة ولا عيباً يتهم صاحبه به.. المفارقة أن الإعلامية الاستقصائية تشرب من الكأس نفسخ الذي أذاقت منه عشرين مواطناً ثبتت براءتهم بعدما تسببت لهم "الإعلامية الاستقصائية" بتهم قد تتسبب في وصمهم، وعائلاتهم، مدى الحياة، رغم "البراءة القانونية" في بلد يجرّم المثلية الجنسية بالقانون والتقاليد الاجتماعية.

وإذا ما صحت هذه "الشائعة" التي تتردد بقوة، ويتم تدولها بكثافة في مواقع التواصل الاجتماعي، فربما حينها لا نملك إلا الوقوف إلى جانبها، وربما يكون هذا هو درس الحرية الذي يجب أن تفهمه منى عراقي، ونفهمه نحن.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024