"رويترز": كيف يكون عداء ترامب للصحافة مكسباً لها

المدن - ميديا

الخميس 2017/02/16

يبدو أن الحرب التي يقودها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ضد وسائل الإعلام السائد Mainstream) Media)، والتي وصفها بأنها باتت "حزب المعارضة" و"مصدراً للأخبار الزائفة"، لها ارتدادات إيجابية بالنسبة لكبريات الصحف والقنوات التلفزيونية التي طاولها هجوم ترامب، بل بدأت تتحول إلى أفضل أمل في العام 2017 لوسائل الإعلام، وخصوصاً الصحف التي تكافح من أجل اجتذاب أعداد أكبر من القراء لمواقعها الالكترونية، وبالتالي الإعلانات.

ووفقاً لتقرير نشرته وكالة "رويترز"، فقد بدأت صحف "وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز" و"فايننشال تايمز"، إضافة إلى شركة "جانيت"، ناشرة صحف "يو إس توداي"، تعمل على تدعيم الزيادة التي شهدتها مواقعها الإلكترونية في عدد القراء خلال حملة انتخابات الرئاسة الأميركية، وذلك بتسويق التغطية المتجردة كإستراتيجية للمبيعات.

واستند تقرير"رويترز" على استطلاع للرأي أجرته شركة "إدلمان" وشارك فيه أكثر من 33 ألف شخص في 28 دولة، وأظهر أن الثقة في وسائل الإعلام بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق فهبطت إلى 35% فقط.

لكن على الرغم من ذلك، تشير الأرقام إلى أن عدد المشتركين في خدمات الأخبار الالكترونية ازداد في صحيفة "نيويورك تايمز"، التي سبق أن وصفها ترامب بـ"الفاشلة"، حيث بلغ 276 ألف مشترك في الربع الأخير من العام الماضي، في حين تتوقع الصحيفة ارتفاع إيرادات الإعلانات لديها بنسبة تترواح ما بين 10 و 15 % في الربع الجاري.

وأضافت صحيفة "وول ستريت جورنال" 113 ألف مشترك بخدماتها الإلكترونية في الربع السابق، بزيادة تبلغ نحو 12%، وقالت الشركة إن الأعداد ارتفعت في كانون الثاني/يناير الماضي، لكنها امتنعت عن ذكر أرقام محددة. أما في صحيفة "فايننشال تايمز" فقد قفز عدد الاشتراكات بنسبة 6 % في الربع الأخير، ليصل إلى 646 ألف. وزاد عدد الاشتراكات الالكترونية في شبكة "يو إس توداي" التابعة لشركة "غانيت" والمؤلفة من 110 صحف في مختلف أنحاء البلاد، بنسبة 26% إلى 182 ألفاً في الربع الأخير.

وبخلاف انتشار المواقع الإلكترونية التي تبث أخباراً كاذبة وتنشر تقارير زائفة لأغراض الدعاية، أصبحت وسائل الإعلام التقليدية تواجه تحدياً آخر يتمثل في عداء ترامب لها، الذي دفعه لوصف تغطيتها الإخبارية بأنها "كاذبة" و"مضللة". وسعياً منها لاكتساب ثقة المعلنين والقراء، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" خلال الحملة الانتخابية مجموعة إعلانات في خدماتها الالكترونية وفي نسختها الورقية، وذلك بهدف التأكيد على "نزاهة تغطيتها الإخبارية". كما نشرت الصحيفة إعلانات بعد الانتخابات من أجل تسليط الضوء على أن محتواها الإخباري يحظى بالمراجعة والضوابط اللازمة.

أما صحيفة "نيويورك تايمز" التي ركزت على زيادة إيرادات الإعلانات، فأطلقت في كانون الثاني/يناير الماضي حملة بعنوان "الحقيقة"، تتألف من إعلانات الكترونية تحثّ القراء على الاشتراك في خدماتها تحت شعار "الحقيقة تحتاج لدعمكم". وقال مدير الشركة التنفيذي مارك تومسون لدى إعلان أحدث نتائجها، إن الصحيفة ترى فرصة سانحة في التأكد من إدراك القراء لنزاهتها ودقتها، وتعتزم إطلاق حملة تسويق أخرى في الأسابيع المقبلة.

في السياق، أوضحت الخبيرة الاستراتيجية في شركة "فينومينون ناتالي براوت"، وهي وكالة إعلانية مقرها لوس أنجليس، أن حالة الانقسام التي ولدتها الحملة الانتخابية جعلت المؤسسات صاحبة الأسماء التجارية الكبرى تتجنب المنشورات التي يبدو في الظاهر أنها منحازة سياسياً. وأضافت أن ثمة شعوراً متصاعداً على سبيل المثال في أعقاب الانتخابات الأميركية، فحواه أنه إذا اشترت شركة إعلاناً في موقع "هافينغتون بوست"، فمن الممكن أن يفهم القراء أنها تدعم التيار الليبرالي.

كما تخشى الشركات صاحبة الأسماء التجارية أن تظهر إعلاناتها وسط ما يتصور الناس أنها "أخبار كاذبة"، ولذلك تتوخى قدراً أكبر من الحرص عند استخدام الإعلانات التي تشتري فيها تلقائياً مساحات لنشر إعلانات إلكترونية من خلال طرف ثالث.

وقال باري لوينتال، رئيس شركة "ذا ميديا كيتشن" ومقرها نيويورك ، إن الشركات بدأت تتجه بدرجة أكبر لاختيار المواقع التي تريد نشر إعلاناتها فيها، بدلاً من ذكر المواقع التي لا تريد ظهور إعلاناتها فيها. وأوضح المحلل المتخصص في متابعة الصحف كين دكتور، أنه رغم الزيادة الأخيرة في أعداد المشتركين، فإن الصحف مازالت تواجه عوائق كبرى. وأضاف دكتور"الإعلانات في المطبوعات في حالة هبوط حر، فالعوامل الأساسية لم تتغير". غير أن مديرة التسويق في داو جونز، التي تنضوي "وول ستريت جورنال" ضمنها، سوزي واتفورد، أكدت أن تزايد المشتركين في الخدمات الإلكترونية يمكن أن يسهم في جذب المعلنين إلى مجالات أخرى مثل المؤتمرات.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024