#السيسي_في_الكاتدرائية.. ماذا يفعل؟

أحمد ندا

السبت 2017/01/07
كان معلوماً ومتوقعاً أن تتكرر زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الكاتدرائية في عيد الكنيسة الشرقية، كما فعلها في العامين الماضيين. لكن هذه المرة، تأتي المناسبة بعد أيام قليلة من تفجير الكنيسة البطرسية القريبة من مبنى الكاتدرائية، أي أنها زيارة تحمل أكثر من رمزية الاحتفاء بمن تسميهم الدولة "شركاء الوطن" إلى محاولة معرفة كيف سوف تتعامل الدولة المصرية ورئيسها مع الاحتفالية وما سيقوله والوضع الأمني والقبطي بوجه عام.
كان متوقعاً كذلك، بعد موجة الغضب القبطية الواسعة بعد التفجير، أن تكون زيارته للكاتدرائية حديث المدينة، وموقع رفض قطاعات الغاضبين من التفجير، خصوصاً أن الغضب انصب في معظمه على تخاذل الدولة وعدم قدرة أجهزتها الأمنية على التأمين، رغم ترسانة العدة والمعدات وكاشفات المعادن والمتفجرات أمام كل كنيسة.

في "فايسبوك" و"تويتر"، كان هاشتاغ #السيسي_في_الكاتدرائية، يحاول تلمس ردود الأفعال، وما إذا كان الأقباط سيتعاملون بفظاظة، أو ستحدث مشاحنات بين جهاز تأمين الرئيس والداخلين إلى الصلاة، وهو ما لم يحدث.

حين دخل الرئيس السيسي إلى الكاتدرائية وقت الصلاة وقوبل بعاصفة من التصفيق من المصلين، بدا أن كل توقعات الغضب هذه خارج الزمن، أو أن واقعة التفجير لم تحدث بالأساس.. وهذه زيارة من رئيس الدولة بشكل روتيني إلى الكنيسة للقداس الإلهي.

وكما جرى العرف مؤخراً، فلا يمكن أن يمر احتفال عام، من دون أن يحمل السيسي الميكروفون ويتحدث. لا بدّ أن يتحدث، بضمير المتكلم باعتباره نائباً عن بلد ودولة وشعب. أمسك الرئيس السيسي بالميكروفون وقال "إنه بصدد إنشاء أكبر مسجد وكنيسة في العاصمة الإدراية الجديدة". هذه الجملة وحدها كانت كفيلة بصرف أبصار الجميع عما سواها. فهذه الجملة القصيرة حوت معلومة غاية في الأهمية، غابت لفترة تزيد عن العامين عن خطابات السيسي ومشروعات الدولة: العاصمة الإدراية الجديدة. هي الوهم الذي ظن الجميع أنه غير قابل للتحقق، وأطلقه في مؤتمر الدول المانحة لمصر في شرم الشيخ في 2014.

بعد المؤتمر اختفى أي حديث عن العاصمة الإدارية الجديدة، انتهت العاصمة الإدراية الجديدة مع انتهاء المؤتمر مثل آلاف الآمال والأحلام التي وعد بها الرئيس ولم تخرج إلى حيّز التنفيذ. لكنه أمس في كلمته، أعاد إحياء ما صار منسياً، وتراكمت فوقه عشرات الوعود غير الناجزة.

في مواقع التواصل الاجتماعي، انصرف الاهتمام بعيداً من معنى وجود السيسي في الكاتدرائية ودلالاته السياسية، وعاد السجال حول العاصمة الإدارية، وعادت مناقشات وأفكار أثيرت في وقت سابق. لكن هذه المرة بقدر كبير من السخرية وقدر أكبر من القلق.

بوابات الأخبار والبرامج الحوارية، لم تهتم بما هو أبعد من توثيق الزيارة "التاريخية"، بحسب "اليوم السابع". ومن ثم وعود الرئيس التي تحافظ على لُحمة الوطن. استعانت وسائل الإعلام بالأدبيات التاريخية الخاصة بالوحدة الوطنية، لتعيد إنتاجها في موسمها السنوي (عيد السابع من يناير) مع إضافة بعض الرتوش البسيط المرتبط بالحدث الآني.

اللافت أن العودة إلى تغطيات الأخبار لهذا اليوم عبر السنين العشرة الأخيرة في مواقع "المصري اليوم" و"اليوم السابع" و"الأهرام" و"الأخبار" (أكبر صحيفتين قوميتين وأكبر صحيفتين مستقلتين) نجد أنه لا اختلاف تقريباً عن طبيعة الكتابة الخبرية في هذه المناسبة بين المؤسسات الأربع على اختلاف المنطق الصحافي لكل منها، ولا اختلاف في الأعوام العشرة بأي صيغة من الصيغ. كما لو كانت هذه المناسبة مجرد يوم لملء القوالب الجاهزة.

صفق جمهور القداس للسيسي. تحدث الرئيس كما يحب أن يتحدث دائماً عن نفسه وما يفعله، ويستفيض في الكلام عن مشاعره. البابا تواضروس شكر السيسي بحرارة على حضوره.. مواقع التواصل اشتعلت غاضبة وساخرة من المشهد الركيك.. ربما لا غرابة في أن تعيد الصحافة إنتاج العبارات والتقارير نفسها كل عام، طالما أن المشهد لم يتغير باستثناء بعض التفاصيل الصغيرة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024