مَن ورَّط وزير الصحة حمد حسن؟

نور الهاشم

الأربعاء 2020/12/23
كان وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، صادقاً عندما قال إنه لا يعرف الجهة الهولندية التي ستكرمه... لكنه تورّط، بعد الإعلان عن أنه سيحظى بتكريم يوم الثلاثاء من قبل جهة يُفترض أنها هولندية، وتمنحه لقب "شخصية العام الأكثر تأثيراً في العالم للعام 2020". 

لدى تلقيه العرض، كان يفترض بوزير الصحة اللبناني أن يكلف عاملين في مكتبه مثلاً بالبحث عن الجهة التي ستكرمه، وأهدافها، وتاريخها، ومصداقيتها، خصوصاً أن طبيعة اللقب: "شخصية العام الاكثر تأثيراً في العالم؟"!!

بكبسة زر، كان في إمكان أي موظف يعمل معه أن يتوصل الى حقيقة راسخة، مفادها أن لا وجود للمنظمة التي ستكرمه في هولندا، وليس لها من هولندا إلا الاسم. 

كان يمكن للموظف أن يدخل صفحة المنظمة في "فايسبوك" ليستنتج بأن المنظمة تمنح شهادات دبلوم لمشاركين في إحدى دوراتها خلال ثمانية أيام، بينها أيام ترفيه! وتوزع الميداليات، بينها "ميدالية الإبداع الأكاديمي الدولي" والأوسمة الذهبية والدروع النحاسية لأي مشارك في الدورة التي ستُقام في بيروت بعد يومين، إضافة إلى "كارنيه" (العضوية الدولية من الأكاديمية الهولندية الدولية). وإذا اراد المشترك مصادقة إضافية من جهة دولية، فعليه أن يدفع المزيد!


و"المنظمة الهولندية الدولية لحرية وحماية حقوق الإنسان والسلام العالمي "I.O.P.H.R"، جزء من الأسماء التي انتشرت بكثافة في مواقع التواصل الاجتماعي بهدف منح الألقاب وإجراء التكريمات، وبعضها انخرط في منح شهادات دكتوراه فخرية. نعم شهادات دكتوراه فخرية مقابل مبلغ مالي زهيد! ونشطت تلك المنظمات ذات الأسماء الدولية أو الأوروبية الرنانة، منذ العام 2012 على الأقل، ونالت شخصيات لبنانية تلك الشهادات، ولم تحصل منها الا على الاسم.. لأنها شهادات لا تُصرف الا في الموقع الذي وُلدت فيه، وهو موقع "فايسبوك". 

تورّط حسن، بالتأكيد، بسبب سوء تقدير موظفين لديه، أو كسلهم. والدليل أنه صرّح قبل تكريمه، الثلاثاء، لإذاعة "ًصوت لبنان" بأنه لا يعرف الجهة الهولندية التي ستكرمه. وحاول التخفيف من وقع "الضرب" بالقول: "بغضّ النظر أني في لبنان هناك نوع من العدالة تتحقق وهكذا تكريم هو لكل فريق العمل". 


في مواقع التواصل استهزاء بهذا التكريم وتقليل من شأنه. من يقومون بهذا الفعل، محقون، ذلك أن الجهة الهولندية المفترضة، لا وجود لهولنديين فيها، ويرأسها عراقي هو عصام الجبوري الذي يسوق في صفحاته الالكترونية لدورات تدريبية وشهادات دبلوم يمنحها للمشاركين فيها! 


كان الأجدى أن ينتظر حسن تكريماً ذا مصداقية. هو يستحق التكريم على أدائه خلال أزمة "كورونا"، بالنظر الى أن الحكومة التي فشلت في التفاوض مع صندوق النقد أو تثبيت سعر صرف الدولار، أو إقرار التعيينات القضائية، أو التوصل الى حقيقة في انفجار المرفأ، لم يلمع فيها إلا اسم حسن، بسبب الظرف الذي واجهه، وهو انتشار فيروس كورونا. ولو أن فكرة التكريم لموظفين في الشأن العام، غير رائجة عالمياً، لأن المسؤول أو الوزير أو الموظف، في النهاية يقوم بواجبه وعمل مطلوب منه، عبر تسيير إدارات الدولة أو إدارة الملفات بشكل خالٍ من العيوب. 

حمد حسن تورط، جرى تضليله، وكان يمكن أن ينهي ولايته في وزارة الصحة من دون درع تكريمي سيخجل بوضعه في خزانته.
 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024