إستقالة ناصيف حتّي.. ما شأن اللواء ابراهيم؟

نذير رضا

الإثنين 2020/08/03
بدت مذيعة قناة "ال بي سي"، ليال الاختيار، ضحلة المعرفة السياسية والقانونية، حين انجرّت الى حملة التحليل حول استقالة وزير الخارجية ناصيف حتّي، بإفاضتها من سلة الأدوار التي يقوم بها مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم.

ربطت الإختيار، وسواها ممن نسخوا تغريدة واحدة وأشاعوها في "تويتر"، منذ مساء الأحد، الاستقالة، بحدث سابق، من غير الدخول في تفاصيل وأسباب جوهرية داخلية في قلب وزارة الخارجية، وأخرى مرتبطة بتوتر علاقة الحكومة اللبنانية مع فرنسا-آخِر الدول الداعمة للبنان، ما يخلق فوضى في التحليلات غير المستندة الى وقائع، ولا الى أدنى معرفة سياسية في متابعة الأحداث وكيفية ربطها للتوصّل الى استنتاجات. 


والاختيار، كسِواها من مغردين يتابعهم المئات في "تويتر"، في العادة، ينزلقون الى شائعة، أو يتبنون، معلومة تحتاج الى تدقيق، أو يشاركون في حملة سياسية ينجرون اليها لدوافع سياسية أو شخصية. لكن في حالة التحليل الأخيرة، حول استقالة وزير الخارجية، لا تبدو الاحتمالات السابقة متطابقة، بقدر ما تنطبق على فوضى التحليلات، وقلة المعرفة، والاستسهال في تبنّي معلومات غير موثوقة، وضعف الخبرة في ربط التصريحات بالأحداث والوقائع. 

وبطريق جازمة، تحدثت الاختيار عن "أسباب كثيرة دفعت بوزير الخارجية #ناصيف_حتي لاتخاذ قرار الاستقالة"، هي "التهميش، والتطويق في وزارة الخارجية، والزيارات الخارجية التي أوكلت للواء عباس ابراهيم، وكلام رئيس الحكومة الأخير بحق وزير الخارجية الفرنسي". 

وإذا كان بعض الأسباب خاضعاً للنقاش، وتحيط ببعض جوانبها وقائع، فإن أسباباً أخرى ذُكِرت لا تستند الى أي حقيقة. فقد غاب عن الاختيار وسواها ممن تبنوا التحليل، وفق القانون اللبناني، أن المدير العام للأمن العام، هو المستشار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي لرئيس الجمهورية. وبالتالي، فإن تكليفه بمهام كموفد رئاسي، لا يتعارض مع دور وزير الخارجية، كما لا تتعارض أدوار أخرى مع صلاحيات وزير الداخلية أو وزير الاقتصاد أو وزير المال.. ألم يسمع هؤلاء بموفد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بيار دوكان الذي زار لبنان مراراً لمتابعة مقررات مؤتمر سيدر، بينما لم يحضر وزير الخارجية الفرنسي آنذاك بدلاً منه؟

وكما في الجهل القانوني، كذلك في الجهل السياسي. يغيب عن هؤلاء ان الدول العربية، وتحديداً الخليجية منها، لم تستجب لطلب وزير الخارجية ناصيف حتي، لزيارتها والخروج بنتائج ايجابية لمساعدة لبنان، وذلك يعود الى أنه "لا قرار عربياً بمساعدة لبنان"، حسبما قالت مصادر وزارية لـ"المدن". وعليه، يعرف حتّي انه يحظى على المستوى الشخصي بتقدير عربي له ولتجربته الدبلوماسية، لكن القرار بالإحجام عن مساعدة لبنان هو قرار معزول عن الاحترام لحتّي، وبالتالي هو لم يغامر بأي زيارة خارجية سيعود منها خالي الوفاض. 

أمام هذا الواقع، كانت زيارة اللواء ابراهيم الى الكويت، كموفد من السلطات اللبنانية ليستشف الأجواء، وينقل الجو العربي وإمكانات الخرق، الى السلطات اللبنانية. وبالتالي، فإنه لم يأخذ دور حتّي كوزير للخارجية، ولم يصادره. 

على العكس من ذلك، كان لقاء بين ابراهيم وحتّي، قبل زيارة الأول الى الكويت أخيراً، وزاره بعد عودته ووضعه في صورة الموقف الكويتي والعربي، وهما زيارتان من ضمن عشرات اللقاءات التي تجمع ابراهيم وحتّي، بمعدل كل يومين تقريباً، ويتم خلالها التباحث في مختلف المستجدات السياسية والدبلوماسية. ومن يغيب عنه هذا التفصيل، طبيعي أن يغيب عنه أن اللواء ابراهيم كان أول من سمع من حتّي عزمه على الاستقالة من موقعه.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024