الإعلام التركي بالعربية.. أردوغاني

جو حمورة

الإثنين 2015/07/13
ما أن أظهرت اهتمامها بلعب دور أكبر في محيطها الإقليمي، حتى أخذت تركيا تعزّز أدواتها الإعلامية للتأثير في الشعوب العربية. فمن المسلسلات والأفلام، إلى المحطات التلفزيونية ووكالات الأنباء، ترسانة كاملة من الأدوات تم توجيهها منذ العام 2004 إلى عقول وقلوب العرب، فيما الغاية منها خدمة الهدف الأول والأخير لتركيا: زيادة التأثير والنفوذ في المنطقة العربية.

أداة أخرى لم تأخذ حقّها في الدراسة والمتابعة كغيرها، وهي المواقع الإلكترونية التركية الناطقة باللغة العربية، والتي غالباً ما يتم نسيانها عند دراسة استراتيجية تركيا في التأثير في سكان المنطقة العربية. كما يتم إهمالها على اعتبار أنها أدوات جديدة وأقل انتشاراً إذا تمّ قياسها بالمسلسلات التركية المدبلجة إلى العربية مثلاً. إلا أن عددها الكبير وتشابهها من حيث المضمون والسياسة، يجعل منها أدوات فعالة لمتتبعي الأخبار في الفضاء الإلكتروني.

لتركيا ومحبيها، عشرات المواقع الإلكترونية السياسية، التي تبث الأخبار باللغة العربية على مدار الساعة. ولا مبالغة في القول أنها، في سوادها الأعظم، ذات توجه إسلامي، ومعظمها يتشابه في التوجه السياسي حد التطابق مع رؤية حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا. بينما المواقع ذات التوجه العلماني التركي لا وجود لها باللغة العربية.

لموقع "ترك برس" المنظَم في هندسته وألوانه والكثيف في مواضيعه، أهمية من حيث المضمون. يفرد هذا الموقع بشكل دائم ملفات خاصة لقضايا متنوعة، كـ"الأرمن وأحداث 1915"، و"الدولة العثمانية" و"الدراسة في تركيا" وغيرها. كما يعمد إلى بث صور "إنفوغرافية" بشكل يومي، تركّز بمعظمها على قوة تركيا الاقتصادية والعسكرية كما مِنحها الاجتماعية الكبيرة للاجئين السوريين، وهي توجهات يسعى الحزب التركي الحاكم إلى إبرازها بشكل دائم في وسائل إعلامه المحلية، العربية والعالمية.

أما موقع "تركيا نيوز 2023" اللبناني المَنشأ، فغالباً ما يَنشر أخباراً تتعلق بالشؤون الدينية العربية والتركية، فيما خطابات ونشاطات رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان لها حضور دائم في أخبار الموقع.

بدوره، يعمل "أخبار العالم" على نشر نقد دائم ولاذع للمعارضة التركية على موقعه، ويقدّم صورة مثالية عن الواقع التركي الحالي، كما يقدم دعماً إعلامياً للمعارضين السوريين وحركة "الإخوان المسلمين" المصرية. في حين يتميّز موقع "تركيا بوست" بمقالاته المترجمة عن الصحف التركية، وانتقاد سياسة إيران "الهدّامة" في الشرق الأوسط، إضافة إلى تحفيز السياحة في تركيا واظهار صورة براقة لشؤونها الثقافية والفنية والأدبية.

وفي إطار سعيها لتطاول أكبر عدد من الجمهور، عمدت كل من صحيفتي "يني شفق" و"خبر ترك" المواليتين للحزب التركي الحاكم إلى إنشاء نسخ إلكترونية عربية لهما خلال السنتين الماضيتين. وتعتمد سياسة الصحيفتين على بث الأخبار المتعلقة بالمنطقة العربية بشكل دوري، كما إظهار دور تركيا الإيجابي في الشرق الأوسط، مع التأكيد بأن فوز "العدالة والتنمية" في الانتخابات البرلمانية المقبلة محسوم.

في المقابل، ثمة وجود خجول لبعض المعارضين للحزب الحاكم من الأتراك، في الفضاء الإلكتروني العربي، وأبرزهم تيار الداعية الإسلامي، فتح الله غولن، ذو النفوذ القوي في تركيا، والذي دخل في مواجهة مع أردوغان وحزبه منذ نهاية العام 2013. وللداعية عدد من المواقع المهمة والمتمحورة في الأساس حول مجلة "حرّاء" الإسلامية، التي تحولت إلى قناة تلفزيونية لها نسخة إلكترونية في اللغة العربية، والتي تعمد إلى بث أفكاره ومحاضراته المترجمة، كما العقائد الإسلامية المعتدلة، من دون أن تنسى التركيز على سلبيات ممارسات الحكومة التركية فيما خص الحريات وحقوق الإنسان.

بالإضافة إلى ذلك، يشكّل موقع "زمان" باللغة العربية، وهو أشهر الصحف التركية، منصة إلكترونية لمعارضة أردوغان بشكل صريح، وتقديم الدعم المعنوي لمعارضيه، وإظهار فشل سياسة تركيا الشرق أوسطية. وكما أن هذه الصحيفة تابعة لغولن، كذلك هو حال موقع "تركيا اليوم"، إلا أنه متوقف عن تحديث مضمونه منذ 13 كانون الثاني/يناير من العام الحالي، ومردّ ذلك يعود إلى أن الشرطة التركية كانت قد داهمت المكاتب الإعلامية للموالين لغولن خلال تلك الفترة في تركيا.

يبقى أن هذا الحضور الإلكتروني المعارِض لأردوغان ليس له الكثير من التأثير بين القراء العرب، أكان بسبب ضآلة حجمه، أو بسبب أن المتتبعين للشؤون التركية غالباً ما يعود إهتمامهم هذا إلى صعود الإسلاميين في تركيا وسياساتهم الحيوية في الشرق الأوسط، فيفضلون قراءة ما يرضي توجهاتهم. لذلك تبقى المواقع الموالية للحزب الحاكم هي الأكثر رواجاً وتأثيراً في الجمهور العربي، ومع ذلك تبقى محدودة التأثير إن قورنت بالمواقع العربية الكثيرة الموالية لإيران.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024