تخبط المرجعيات القضائية.. والناشطون يشهّرون بـ"نواب النيترات"

نور الهاشم

الأربعاء 2021/07/21
لا يؤشر الضغط الذي مارسه ناشطون اليوم ضد العريضة النيابية لـ"طلب اتهام وإذن بالملاحقة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء"، إلا لحقيقة واحدة تفيد بأن اللبنانيين في مكان، والسلطة في مكان آخر، رغم أن كلاً من الطرفين يتمسك برؤيته حول ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت. 

والبرلمان الذي استمهل رفع الحصانات، بانتظار مستندات اضافية من المحقق العدلي الذي لم يقدم ما طلبه مجلس النواب، يعفي نفسه من إصدار قرار رفع الحصانات، على ضوء جدل قانوني مرتبط بمرجعية محاكمة المدعى عليهم، هل "المجلس العدلي" هو المرجعية الصالحة؟ أم المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء الوزراء؟ 

والحال إن تضارب الصلاحيات، أنتج ثلاث محاكم يفترض أن تحاكم المدعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت، هي التحقيق العدلي الذي يُعد واحداً من أرفع الهيئات القضائية في لبنان ويتولى التحقيق في ملف المرفأ ويُحاكَم أمامه الأمنيون والموظفون والمشتبه فيهم الآخرون. وثانيهما المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء لمحاكمة الوزراء الأربعة، وثالثهما هيئة قضائية مستقلة لمحاكمة القضاة المُدّعى عليهم. 

ووسط تباين سياسي وتلميحات بالاستنسابية منذ اللحظة الأولى لصدور قرار المحقق العدلي بالادعاء على أربعة وزراء سابقين (ثلاثة منهم نواب حاليين)، وحديث عن تسييس في الاستدعاءات، وجد بعض النواب مخرجاً يتمثل في توقيع عريضة نيابية لـ"طلب اتهام وإذن بالملاحقة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، استناداً إلى القانون 13 الصادر عام 1990"، تتيح محاكمة الوزراء، ما يعني، تالياً، سحب الملف من المحقق العدلي وإحالته الى الهيئة المؤلفة من 10 برلمانيين و8 قضاة، وهي هيئة غير مكتملة حتى الآن.


ومنذ أن طلب القاضي البيطار رفع الحصانة، طرحت أسئلة في الأروقة السياسية عن تضارب الصلاحيات والمرجعيات. أين سيحاكم المشتبه فيهم من الوزراء؟ هل في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء الوزراء أم المجلس العدلي؟ وما هي الآلية لمحاكمتهم. نظراً الى أن المجلس الأعلى تم تشكيله من قضاة ونواب، كما أن هناك لجنة نيابية قضائية تستمع اليهم.
 

وقال سياسيون أنه، كون الوزراء كانوا على رأس مهامهم، فيفرض القانون أن يخضعوا للمحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وليس أمام المجلس العدلي، وتخضع محاكمتهم لآلية محددة. 

هذه الجدلية القانونية التي تنطوي على انقسام وتباين وخطابات شعبوية وآراء متضاربة، دفعت الى مخاوف من تسييس، على ضوء الثقة الشعبية المفقودة في السلطة السياسية. لذلك، لا يعرف الناشطون التفاصيل القانونية، ولا ينوون التمسك بها. يصرون على وضع ثقتهم في المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وهو ما ظهر في عشرات التغريدات التي دانت التوقيع على العريضة (نواب يرفضون رفع الحصانة وسُمّيت "عريضة العار")، ووجدوا فيها تقاطعاً بين قوى سياسية متباينة، أدت الى توافق على توقيع العريضة. 

واجه الناشطون هذه الحالة السياسية، بالضغط الإعلامي في مواقع التواصل. أثمرت حملة #نواب_النيترات تراجع خمسة نواب (سامي فتفت، عدنان طرابلسي، نقولا نحاس، ديما جمالي، سليم سعادة) عن توقيع العريضة، من أصل 28 نائباً نُشرت أسماؤهم وصورهم في مواقع التواصل. والسؤال المنطقي الذي طُرح، لماذا لا يحضر الأبرياء (نواباً ووزراء وأمنيين) ويثبتون براءتهم؟ وهو سؤال واقعي لا يرتبط بكل الجدل القانوني الذي فشل في التوفيق بين المحاكم الثلاث. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024