"كل شيء" بليرة سورية واحدة.. نكاية بـ"الشوئسمو"!

المدن - ميديا

الإثنين 2020/01/20
أطلقت جهات إعلامية موالية للنظام السوري حملة لدعم الليرة السورية، بعد انهيار سعر صرفها أمام العملات الرئيسية، في ظل ظروف معيشية صعبة دفعت أهالي مدينة السويداء جنوبي البلاد للتظاهر منذ الأسبوع الماضي تحت شعار "بدنا نعيش". 

الحملة التي حملت عنواناً مكرراً هو "ليرتنا عزتنا"، تشجع التجار على دعم الليرة عبر بيع المواد الغذائية وغيرها بأسعار منخفضة جداً مقارنة بالسوق، حسبما نقلت وسائل إعلام موالية. وتناقل ناشطون سوريون صوراً من مدن عديدة تظهر استجابة الناس العاديين للحملة، حيث عمد بعض أصحاب المحلات البسيطة في بانياس ودمشق مثلاً لعرض الفواكه والخضروات للبيع بثمن ليرة واحدة، بينما قدّم بعض المقاهي في مدينة حماة وسط البلاد فنجان القهوة أو كوب الشاي بسعر ليرة واحدة أيضاً، كما قدمت مطاعم الوجبات السريعة في اللاذقية وجبات الشاورما والبروستد والفروج المشوي بسعر ليرة واحدة.

والشرط الوحيد لتلك الأسعار المخفضة هو امتلاك ليرة سورية معدنية، في إشارة رمزية لقيمتها. لكن تلك المبادرة أثارت استياء واسعاً بالتوازي، حيث قال سوريون أنها حملة تضليلة تهدف إلى حرف أنظار الناس عن مشاكل الاقتصاد السوري الحقيقية، ولا تتعدى كونها واحدة من المبادرات التي يروج لها النظام بشكل ممنهج للقول أن المشاكل المعيشية في البلاد فردية وحلها يكون بنشر قيم مثل التكافل الاجتماعي، بشكل يعاكس ما تقوله الأمم المتحدة ووسائل إعلام دولية، أشارت إلى أن نسبة السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر، داخل وخارج البلاد، تتخطى 85%.

وكتب الصحافي المعارض، عمر بقبوق، على سبيل المثال في صفحته في "فايسبوك": "حلوة هي الحملة تبع أنو كل شي صار بليرة وحدة بس يعني خلي النظام يطبقها مطرح ما لازم تتطبق. خلي جوازات السفر بليرة. خلي بدل الجيش بليرة. خلي لتر البنزين بليرة. خلي فاتورة المي والكهربا بليرة. خلي جرة الغاز بليرة"، معتبراً ان هذه النوعية من الحملات تطبق على الفقراء دون غيرهم من أجل خلق الوهم بوجود تحسن اقتصادي.



المثير للسخرية، أن النظام نفسه كان قد أنهى التعامل بالليرة السورية المعدنية من فئة ليرة واحدة، العام 2013، بقرار من رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي حينها. ما يعني أن العملة المعدنية المذكور لا قيمة لها عند من يمتلك مبالغ معينة منها.



وبررت وسائل إعلام موالية، الحملة بأنها جزء من خطة مدروسة من طرف "القيادة الحكيمة" من أجل الضغط على البنك الدولي ما يؤدي بدوره إلى خفض سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة.

وبحسب الخطة الكوميدية، فإن "ﺍﻟﻤﺼﺮﻑ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻱ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻟﻦ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻤﺘﺰﺍﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻓﺌﺔ ﺍﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ. لذا ﺳﻴﻘﻮﻡ ﺍﻟﻤﺼﺮﻑ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻱ ﻣﺮﻏﻤﺎً ﺑﺴﺒﺐ ﻃﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﺛﺮﻩ ﺑﻄﻠﺐ ﺭﺳﻤﻲ لجنيف ﺑﺈﺻﺪﺍﺭ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻓﺌﺔ ﺍﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ ﻭﺳﻴﺪﻓﻊ ﺛﻤﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻴﺰﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭلة، الذهب. ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺑﺨﺴﺔ ﺟﺪﺍً ﻭﺍﻟﺬﻫﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﻘﻪ إﻥ ﺻﺢ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺃﺑﺨﺲ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻘﻮﻡ ﺑﺼﻚ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻌﺪﺩ".

وقالت الصفحات الموالية "ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻗﻄﻌﺎً ﻟﻦ ﻳﺘﻢ ﻋﺒﺜﺎً ﺳﻮﻑ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻓﻲ ﺟﻨﻴﻒ ﺑﺮﻓﻊ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﻪ ﻟﻴﺰﻳﺪ ﺛﻤﻨﻬﺎ ﺫﻫﺒﺎً كيلا ﺗﻌﻮﺩ ﺑﺨﺴﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺻﻨﺎﻋﺘﻬﺎ. ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺍﻟﻠﻴﺮﺓ ﻫﺒﻂ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ ﻫﺒﻄﺖ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺍﻟﻔﻀﻪ ﺍﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﺭﺩﺓ. ﻭﺑﻔﻀﻞ ﻣﺮﺳﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺳﻴﺘﻢ ﺿﺒﻂ ﺍﻟﻤﻌﺎﺑﺮ ﻭ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻝ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻠﻴﺮﻩ ﻓﻘﻂ". 



وردّ سوريون ساخرين بأن الحل الوحيد لخفض سعر صرف الدولار هو وضع صورة الرئيس بشار الأسد عليه بدلاً من صورة الرئيس الأميركي جورج واشنطن الذي يوجد على ورقة الدولار الأميركي الواحد.

يذكر أن تسمية الدولار باتت تغيب عن صفحات التواصل الاجتماعي بعد صدور المرسوم رقم 4 في سوريا، الذي فرض عقوبات شديدة على كل من يروج لأسعار "غير صحيحة" لليرة السورية، واستخدم السوريون كلمات أخرى بديلة عن الدولار منها "الشوئسمو" وتندروا على حالة الخوف التي أبعدت اسم الدولار عن التداول، خصوصاً أن وزير الداخلية السوري أشار أكثر من مرة إلى أن فرع الجريمة المعلوماتية يراقب الصفحات في مواقع التواصل ويرصدها.

وكانت تلك التسمية، إلى جانب تسمية أسماء رمزية أخرى للدولار مثل "الأخضر"، تستخدم في سوريا قبل الثورة، ويبدو أنها عادت للتداول على نطاق واسع، وباتت أيضاً مادة للسخرية من النظام وقراراته التعسفية بحق السوريين.

ويفرض المرسوم رقم 4 عقوبة بالاعتقال المؤقت وغرامة من مليون إلى خمسة ملايين ليرة سورية، على من أذاع أو نشر أو أعاد نشر وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة أو وهمية بإحدى الوسائل المذكورة في قانون العقوبات، أو عن طريق الشبكة المعرفة بقانون تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية أو بأي وسيلة أخرى "لإحداث التدني أو عدم الاستقرار في أوراق النقد الوطنية أو أسعار صرفها المحددة بالنشرات الرسمية أو لزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها وجميع الأسناد ذات العلاقة بالثقة المالية العامة".









©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024