غادة عون.. الزعيم البديل للإحباط العوني

قاسم مرواني

الأحد 2021/04/18
وجد العونيون أخيراً ضالتهم. منذ 17 تشرين2019، لطالما كانوا في موقع الدفاع عن النفس. حاولوا أن يواجهوا الاتهامات بالفساد التي طاولت كل التيار العوني وحلفائه، بالدفاع عن التيار.. وتجندوا لتبرئة النفس من الانهيار الاقتصادي وانفجار 4 آب...

كل ما أصاب لبنان عرّى المنظومة الحاكمة كلها.. وفيما وقفت القيادة العونية الجالسة على كرسي الحكم موقف المتفرج، راح الجمهور العوني يتلقى اللكمات بصمت. جل ما استطاع عمله هو نشر شعارات فارغة عن مكافحة الفساد في مواقع التواصل وأشعار وغزل بفخامة الجبل.

اليوم انتقل العونيون إلى مرحلة الهجوم، تقودهم القاضية غادة عون، الريسة عون كما يحبون تسميتها في مواقع التواصل وفي غرف الدردشة على منصة "كلوب هاوس". غادة عون تثور. أين نقابة المحامين؟ تعمل تلك الغرف على حشد الدعم وتنسيق المواقف ومتابعة ما يجري على أرض المعركة بين عون وشركة مكتّف للصيرفة. أصبح القانون لعبة بيد الناشطين في مواقع التواصل، يفسرونه، يناقشونه، يحاكمون المتهمين ويصدرون الأحكام.

حشد العونيون كل قواهم من محامين ومثقفين راحوا يتلون على مسامع جمهورهم في منصة "كلوب هاوس" مواداً قانونية يحاججون بها لإثبات عدم صلاحية قرار القاضي غسان عويدات بكف يد غادة عون.

يدعي أنصار التيار أنهم لا ينطلقون من انتماء سياسي أو من محبة يكنونها لغادة عون، بل هي قضية تعني كل لبناني. وطالبوا كل الذين "ادعوا الثورة يوماً" ونادوا بالاصلاح والتغيير، أن يقفوا في صفهم في معركتهم لمعرفة مصير الاموال المنهوبة والمهربة واستعادة الحقوق.

ليس مهماً بالنسبة لهم الأسلوب. صرح الفساد هذا لا يفهم بالقانون، لا يفهم إلا بلغة القوة، بقلب الطاولة في وجهه، حتى لو أصيب القانون وهيبة القضاء ببعض الشظايا. بل على العكس تماماً، يرى الجمهور العوني أن ما تفعله عون هو في صلب استعادة هيبة القضاء بالنسبة لهم، وهو مشجع لكل قاض آخر على القيام بعمله والتغلب على خوفه من السياسيين.

أما نقابة المحامين، النائمة على حرير السلطة كما يدعون، فإنها لا بد ستستيقظ يوماً وتقف في صف القاضية عون، إن لم يكن الآن، فبعد بضعة أشهر، أي بعد الانتخابات النقابية وطرد النقيب الحالي، كما تقول إحدى المحاميات التابعات للتيار على كلوب هاوس.

على الأرض، لم توفر القاضية عون هذا الدعم الشعبي. قالت لمحامي شركة مكتف للصيرفة: "أنا خلفي الشعب". نزلت برفقة ناشطي "متحدون" بقيادة رامي عليق، وفي غارتها الثانية على فرع شركة مكتف في عوكر واكبها الحرس القديم في "التيار الوطني الحر"، مدفوعة بكل التغريدات التي جعلت من اسمها يحتل المرتبة الأولى بين الوسوم في "تويتر". أصبحت زعيمة شعبية. في سابقة قضائية، تحمل مكبر الصوت وتخطب بأنصارها وتوجههم.

في غزوتها الأولى على شركة مكتف، يوم الجمعة، اصطحبت القاضية عون، المدعومة من رئيس الجمهورية، أمن الدولة المدعوم أيضاً من رئيس الجمهورية، أي أصبح للعونيين مدع عام ويداً ضاربة تنفذ العقوبات ضد خصومه. بمعنى آخر، يثير المشهد مخاوف من أن نكون أمام فيديرالية قضائية في لبنان.


المواطن اللبناني، سواء كان عادياً، أم صحافياً أم مثقفاً أو مهما يكن، ليس مخولاً الحكم على ما حدث، حيث أن الموضوع قانوني بحت، وليس من اليسير استبيان الحقيقة وسط مواد قانونية وأعراف واجتهادات وغياب للأدلة.

هل لقرار القاضي عويدات خلفيات سياسية؟ هل لقرارات القاضية عون خلفيات سياسية؟ هل تفتح عون ملفات القضايا استنسابياً؟ هل شركة مكتف للصيرفة مسؤولة عن تدهور سعر صرف الليرة؟

الوحيد المخول والقادر على الإجابة عن هذه الأسئلة هو القضاء، عبر الاحتكام للقانون والاجراءات القانونية وليس عبر أساليب شعبوية وحشد الجماهير، كما أن دعم القضاء لا يكون عبر اعتصامات وحملات على مواقع التواصل، بل أولاً عبر إقرار قانون استقلالية القضاء القابع في أدراج مجلس النواب منذ العام 2018.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024