كاريكاتير ايران حول تركيا.. قلق ومرتبك

جو حمورة

الجمعة 2016/07/22
لا داعي لقراءة الكثير لمعرفة توجهات صحيفة ما. فالرسم الكاريكاتيري يكفي أحياناً. وكما في كل حدث، مع محاولة الانقلاب التركية الفاشلة، بدأ الرسامو الفن التاسع يتزاحمون على خلق أفضل "بورتريه"، في حين راحت الوسائل الإعلامية العربية والإيرانية تعرض "أفضل" ما لديها لإيصال أفكارها ورسائلها السياسية.

في المقارنة بين الكاريكاتير العربي والإيراني، يمكن ملاحظة اختلاف الصورة التي يُقدم فيها أردوغان. ففي الأولى هو منقذ لبلاده، وحامي دولته ولديه شعبية كبيرة، فيما يتم إظهار وجهه غالباً بملامح سمحة ووديعة وقوية. بينما في تلك الإيرانية، يبدو وجهه غاضباً ومنهكاً أو ضائعاً، ويبحث عن الإنتقام، فيما الإشارة إلى تأييده من الشعب التركي نادرة الوجود.

لا شك ان محاولة الانقلاب التركية باتت سبباً إضافياً لخلافات العرب والإيرانيين، لكن ليس في بسط النفوذ والتدخل في سوريا والعراق واليمن ولبنان كالعادة، إنما، لمرة وحيدة ربما، في الكاريكاتير.
والحال انه في اليوم الذي تلا تنفيذ محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، بدأت الصحف العربية برسم صورة عما يجري في أنقرة. موقع تلفزيون "الجزيرة" نشر رسوم كاريكاتير على مدى الأيام التالية، ركزت كلها على قدرة الشعب التركي على الوقوف في وجه الانقلابيين، وتحقيق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنتصاراً على من يكنّ العداء لبلاده. وفي إحداها رسم أحمد رحمة الرئيس التركي، بوجهه السمح، واقفاً على منصة ملاكمة بعدما أطاح الانقلاب وأرداه أرضاً، فيما يصطف "مدربو الانقلابيين" على الأرض خارج الحلبة يلملمون خيبتهم ويتساءلون عن "أيام الانقلاب الجميل"، و كيف إستطاعت الشعب "إفشال الانقلاب من غير دم".

وفي كاريكاتير آخر رسمه الزميل هاني عباس، وعلى موقع "الجزيرة" كذلك، يظهر الشعب التركي على شكل رجل يكسر فوهة دبابة عسكرية مكتوب عليها "الانقلابيون"، فيما يظهر الهلال التركي في الأفق كحارس لتركيا وشعبها.

أما موقع "عربي 21" فبدا من خلال الكاريكاتيرات التي نشرها، كثير الحماسة في الدفاع عن تركيا ورئيسها. وقد نشر الموقع ثلاثة رسوم من تصميم علاء اللقطة، الذي سخر في واحدة منها من النظرية المؤامرتية التي أطلقها الداعية الإسلامي فتح الله غولن بأن الحكم التركي نفسه هو من دبر الانقلاب، فأظهره جالساً في جيب رجل أميركي ومحمياً منه. كما شبّه في رسم آخر، العالم والإتحاد الأوروبي، بالتمساح الذي يذرف  الدموع على "حقوق الانقلابيين".

وعلى عكس موقعي "الجزيرة و "عربي 21"، لم يتبنَ موقع "ليبيا المستقبل" أي موقف سياسي، إنما اكتفى بإصدار كاريكاتور واحد يُظهر دبابة على رأسها طربوش أحمر كُتب تحتها "تركيا: ثقافة الانقلابات". أما جريدة "الغد" الأردنية فنشرت رسماً لناصر الجعفري تظهر فيه دبابة عسكرية صغيرة رافعة بيرق الإستسلام الأبيض، ومتوقفة أمام صندوق إقتراع ضخم، في إشارة إلى انتصار الديموقراطية على الانقلاب العسكري. في حين نشرت صحيفة "المصري اليوم" كاريكاتيراً يُظهر رجلاً مصرياً ملتحياً يتمنى لو يستطيع أن "يدمر الجيش ويلقي القبض على القضاة والمعارضين". وكما حال هذا الكاريكاتير وغيره، سعى رسامو العالم العربي إلى ربط الحدث التركي بالأوضاع العربية، حيث أسقط البعض الحدث التركي على بلاده، وراح آخرون يظهرون خيبة أمل محبي الانقلابات في كل مكان.

وفي مقابل التفاعل العربي، كان الرسم الايراني قلقاً ومرتبكاً. وفي معرض قراءتها للأحداث التركية، أظهرت وكالة "تسنيم" للأنباء الدولية، أردوغان، مرتبكاً وفي حيرة من أمره بعدما توجهت صوبه بندقية عسكرية من ناحية، وإرهابي مزنر بالمتفجرات من ناحية أخرى. في حين أظهرته في كاريكاتير آخر، منهكاً ويحاول إغلاق باب غرفة قصره الرئاسي خوفاً على كرسيه الذي رُسم في قلب الصورة.

أمّا وكالة "أنباء فارس" الإيرانية فنشرت رسمين لمحاولة الانقلاب، أظهر إحداهما نجاة أردوغان بـ"الصدفة" من رصاصة تمثل الانقلابيين، من دون أن تعني الصورة إمكانية نجاته من انقلاب ثان. في حين أظهرت في كاريكاتير آخر الرئيس التركي كـ"بلطجي" سيبدأ بمقاصصة الجنود الانقلابيون حتى هؤلاء الذين لا علاقة لهم بغولن. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024